غزة الصامدة والتردد “الاسرائيلي” في العملية البرية!

جاسم الشمري

 

يعود تاريخ الاحتلال الصهيوني لقطاع غزة لمرحلة نكبة العام 1967، وبعد حروب وانتخابات فلسطينية انسحبت “إسرائيل” من القطاع في العام 2005.

 

وخلال تلك المراحل نفذت “إسرائيل” مئات العمليات العسكرية الدموية البرية والجوية ضد غزة، ورغم ذلك بقيت صامدة وعصية على الاستسلام.

 

وبعد “طوفان الأقصى” في السابع من تشرين الأول/ أكتوبر 2023 عادت تهديدات “إسرائيل” باجتياح غزة بريا لاستعادة ماء وجهها المُراق بعد أن حطمت المقاومة هيبتها، وقتلت أكثر من 1400 صهيوني!

 

التداعيات المُرْبكة لموقعة “الطوفان”، وبحسب صحيفة يديعوت أحرونوت “الإسرائيلية”، أحْدَثَت أزمة ثقة بين رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو وكابينته الوزارية وأولهم وزير دفاعه “يوآف غالانت”، مما أربك العمل المشترك بينهما!

 

وهنالك العديد من التداعيات الأخرى لطوفان الأقصى، ومنها الهجرة العكسية لنصف مليون مهاجر إلى خارج “إسرائيل”، وأزمة الشيكل والخسائر الاقتصادية، والانهيار النفسي والمعنوي لجيش الاحتلال والقوى الأمنية التي تدخل الملاجئ بين حين وآخر خوفا من صواريخ المقاومة!

واليوم، ولأول مرة في تاريخ الاحتلال، هنالك مخيمات لإيواء أكثر من 120 ألف مستوطن شمالي وجنوب الأراضي المحتلة!

 

وتداعيات “طوفان الأقصى” المتنوعة نشرت الفوضى داخل الكابينة الحكومية الصهيونية، وأربكت نتنياهو، وربما ستكون نهايته واحدة من ثمار “الطوفان”!

 

وبالتزامن مع التهديد الصهيوني بالاجتياح البري لغزة نقلت صحيفة نيويورك تايمز عن الرئيس جو بايدن بأنه نَصَح “إسرائيل” بتأجيل العملية البرية، وضرب لهم أمثلة كثيرة على ما حدث لأمريكا إبان دخولها لأفغانستان والعراق!

 

وهذا يعني أن واشنطن تُنذر “إسرائيل” من خسائر ليست في الحسبان، ومنها إطالة أمد الحرب، وبالذات مع الحديث عن مئات الأنفاق تحت الأرض، وقد أكدت الرهينة “الإسرائيلية” المُفرج عنها بأنها كانت في “أنفاق تشبه شبكة العنكبوت”!

 

فكيف سيكون وقع تصريح “الرهينة” على خطة الاجتياح البري؟

 

ولهذا رأينا نتنياهو مُتناقضا في خطابه الأربعاء الماضي، فبعد أن قال بأن “موعد العملية البرية تمّ تحديده”، عاد ثانية ليقول: “نحن نستعد لغزو بري ولن نقول متى وكيف”!

 

وقد يكون تأخير الهجوم البري لدعم الجهود الدبلوماسية لإطلاق سراح الأسرى الصهاينة لدى فصائل المقاومة!

 

ولكن هل ستوافق المقاومة على الصفقة بالمجان، أم لها شروطها، ومنها فتح الحصار، وإطلاق سراح جميع الأسرى لدى الاحتلال ونهاية الهجمات الإرهابية ضد المدنيين الفلسطينيين؟

 

وربما من أسباب تأخير العملية البرية حذر “إسرائيل” من النقمة الشعبية العالمية، أو ترقبها لمساعدات عسكرية غربية وأمريكية، ومراجعتها لتحذيرات واشنطن من تحول المعركة إلى صراع إقليمي كبير، قد يقود لحرب عالمية ثالثة!

 

ورغم هذه العقبات يؤكد الواقع الميداني بأن “إسرائيل” تُنَفذ بغزة سياسة الأرض المحروقة، وأن خطتها البديلة هي النيران الكثيفة وصولا لمرحلة الاجتياح البري، حيث تشن يوميا عشرات الطلعات الجوية الإرهابية، والحصيلة مئات الشهداء، وتدمير آلاف المنازل وعشرات المستشفيات والجوامع!

 

فهل تسعى “إسرائيل” لسحق المدنيين دون إثارة ضجة عالمية، وتُنَفذ خطتها بقتل أكبر عدد من المدنيين، وتهجير الآخرين بعيدا عن التوغل البري؟

 

ورغم أن الغاية “الإسرائيلية” الأبرز من الهجوم البري المتوقع هو احتلال القطاع، وتنفيذ عمليات اغتيال لرجال المقاومة، وتقويض حكم حماس المسيطرة على غزة منذ العام 2006، ولكن يبدو أن الحسابات الميدانية أرهقت قادة “إسرائيل” ودفعتهم للتفكير مرارا قبل اتخاذ هذا القرار القاصم لظهر الكيان وليس لظهر المقاومة!

 

الصعوبات الميدانية والجغرافية للقطاع، وروح المقاومة المذهلة، جعلت الصهاينة بلا خطة عسكرية واضحة للتعامل مع الصدمة الكبرى التي أعْقَبت “طوفان الأقصى”!

 

وهذا حقا النصر الحاسم للفلسطينيين، والأحرار في العالم!

اسرائيلغزةهجوم بري