الفساد سائب الاطراف ولا حدود له

علي الكاش

 

قال ابن سيف الكاتب: رأيت جحظه قد دعا بنّاء ليبني له حائطا، فحضر، فلمّا أمسى اقتضى البنّاء الأجرة، فتماكسا، وذلك أنّ الرجل طلب عشرين درهما، فقال جحظه: إنّما عملت يا هذا نصف يوم وتطلب عشرين درهما؟ قال: أنت لا تدري، إنّي قد بنيت لك حائطا يبقى مائة سنة، فبينما هما كذلك وجب الحائط وسقط، فقال جحظه: هذا عملك الحسن؟ قال: فأردت أن يبقى ألف سنة؟ قال: لا، ولكن كان يبقى إلى أن تستوفي أجرتك”. (الإمتاع والمؤانسة1/47).دخان حرائق ملفات الفساد الحكومي لا يخنق العراقيين! فقد تعودت الأنوف على شم الدخان والروائح النتنة، وما عادت تزعجه. لعلهم يتعاطفون مع حكاية القاضي عياض” سأل يزيد بن حاتم الأمير أبو محمد عبد الله بن فروخ الفارسي عن دم البراغيث في الثوب هل تجوز الصلاة به؟ فقال له: ما أرى بأساً. ثم قال بمحضر رسوله: يسألونني عن دم البراغيث ولا يسألونني عن دماء المسلمين التي تسفك”. (ترتيب المدارك وتقريب المسالك3/108).

 

لقد تيبست جذور شجرة شرف الكثير من العراقيين، وذبلت غصون وطينتهم، وعصفت رياح المصالح الذاتية بأوراقهم اليابسة فتساقطت تحت البسطال الامريكي والخف الإيراني.لقد روضهم المحتل ومن بعدهم المالكي والعبادي وانتهاءا بمحمد شياع السوداني، كما يروض أصحاب السيرك الحيوانات المفترسة، ففقدوا بريقهم وقوتهم وبأسهم وصاروا حيوانات أليفة يرعاها مختار العصر ونائب الامام المختفي في أحلك ظروف الأمة الاسلامية.

 

لا فرق بينهم وبين حيوانات السيرك، وظيفتهم الوحيدة تسلية الناس وإضحاكهم بتفاهاتهم وجهلهم وسذاجتهم. شعارهم الجديد (الصمت يصنع النصر) وليس (الصمود يصنع النصر). والحرب الاعلامية بدلا من الجهاد ضد الاحتلال الغاشم، وهذا طوفان الأقصى الشاهد الحي على قبول العار بدلا من الثأر. شهداء غزة من الأطفال والنساء والشيوخ والمدنيين في الوقت التي هزت مشاعر العالم، فشلت في أن تهز شارب زعيم عربي. ما أخذ بالقوة لا يسترجع إلا بالقوة.بدلا من أن ينهضوا ويكسروا القيود ويحطموا الفساد، ناموا وأوكلوا المهمة لمن يتعجلون فرجه منذ (12) كإنما الأمم المتطورة نهضت بمهديها المنتظر وليس بإرادة شعبها وصحوته وثقافته ووعيه! الوفاء للقدس وتحريرها لا يتم بالأهازيج والقصائد وأبواق الأعلام، وإنما بالفعل المسلح.

 

قال ابن الرومي:

والكَلْبُ وافٍ وفِيكَ غَدْرٌ ففِيكَ عَنْ قَدْرِهِ سُفُولُ

 

وقد يحامي عن المواشي وما تحامي ولا تصول

 

(الديوان)

طوفان الأقصى رفع الستارة عن تجار القضية الفلسطينية

 

المرجعيات السياسية العربية تخلفت عن مواكبة القضية الفلسطينية بعد انتفاضة طوفان الأقصى، ولم ترتقِ الى مستوى التحديات لجهة التآزر والتعاون في وضع سياسات مشتركة تخفف من وقع الازمة الراهنة، وموقفها ما زال في اطار التوصيف العام لطوفان الأقصى، ونتائجها على مختلف المستويات بما فيها الشرعية والانسانية.الم يكن مظفر النواب صادقا في وصف الأنظمة العربية في قصيدته الرائعة القدس عروس عروبتكم؟

الاطرافالفساد