حسن حامد سرداح
منذ السابع من اكتوبر (تشرين الاول) واكثر الشعوب العربية تنتظر موقفا من قادتها يوازي حجم العملية التي فجرتها منظمة حماس، بمفاجأة غيرت مسار المواجهة مع الكيان المحتل ليكون اول تحرك يستهدف قلب اسرائيل ومستوطناتها بعد خمسين عاما على حرب تشرين، التي سجلت فيها الجيوش العربية قصصا من الانتصارات ما زالت الاجيال ترويها بفخر وتتمنى تكرارها بفرصة اصبحت متاحة ولا ينقصها سوى القرار العربي الموحد.
ولعل اختيار حماس شهر تشرين الاول لتنفيذ عملية (طوفان الاقصى) مقصود لتذكير الشعوب العربية بماضيها وما فعلته جيوشها بالمحتلين، حتى تكون حافزا يجبر قادة الدول العربية على تلبية رغبة جماهيرها بمساندة التحرك الداخلي على ارض فلسطين بجيوش تحاصر اسرائيل من خارج حدودها، ارتفعت المطالبة بها بعد المجزرة التي ارتكبها الكيان المحتل في مستشفى المعمداني بجريمة تخالف جميع القيم الانسانية ومبادئ الحروب، بسبب فقدان اكثر من (800) شخص بين شهيد وجريح، لتختار بعدها العديد من الشعوب العربية وحتى الاوروبية والامريكية النزول إلى الشوارع في رسالة واضحة لرفض “وحشية” الكيان وطريقة تعامله مع القضية الفلسطينية، وبدلا من تراجع الآلة الحربية لاسرائيل عن جرائمها، اندفعت بشكل اكبر لاستهداف المدنيين وبمباركة امريكية حينما وجد الرئيس الامريكي جو بايدن “المبررات” المناسبة لتبرئة الكيان من مجزرة مستشفى المعمداني وتحميل حماس المسؤولية في “كذبة” فضحت “زيف” الدور الذي تؤديه امريكا وادارة البيت الابيض في مناصرة حقوق الانسان.
وبالعودة للشعوب العربية ومطالبها.. فان جميع هتافاتها لم “تنفع” وقادتها اختارت “الصمت” او جانب الحياد.. باستثناءات قادة وحكومات لا تتجاوز اصابع اليد الواحدة كانت لهم مواقف “مساندة” للشعب الفلسطيني وعمليات “طوفان الاقصى” وفي مقدمتهم العراق الذي تمثل موقفه برئيس الوزراء محمد شياع السوداني حينما خرج مطالبا بعدم “ادانة” حماس وردة فعلها على الانتهاكات التي ترتكبها اسرائيل منذ سنوات… ليختار وصفا مناسبا للكيان حينما قال… “عدم التزام المحتل بالمواثيق والاتفاقات والقرارات الدولية استهتار لا يمكن تجاهله”، صحيح ان السوداني لم يامر بتحرك الجيوش او الذهاب إلى فلسطين، لكن موقفه وخاصة في مؤتمر القاهرة الذي هدد بالانسحاب في حال وجود وفد من الكيان الاسرائيلي ورفضه التفاوض بدلا عن اهل الارض “الشعب الفلسطيني” قد يكون “مشرفا” مقارنة بقادة بالعديد من قادة الدول العربية لجملة من الاسباب.. ابرزها غض النظر عن الفصائل المسلحة التي تطوعت لاستهداف القواعد الامريكية ردا على مساندة واشنطن لاسرائيل، وتوفير اسباب نجاح التظاهرات الشعبية الرافضة لهجمات الكيان وتامين وصول المعتصمين للحدود مع الاردن في رسالة واضحة لدعم جميع الجهود والفعاليات الدينية والشعبية التي تدعو لنصرة الفلسطينيين.
وبالمقابل.. هناك العديد من قادة الدول العربية وخاصة الخليجية “اكلت القطة ألسنتهم” منها الامارات والبحرين والسعودية والمغرب وحتى الاردن لاسباب يمكن اختصارها بالتطبيع مع اسرائيل الذي وقعته تلك الدول باستثناء السعودية التي افشلت عملية “طوفان الاقصى” خطتها بالتطبيع، والعامل الاخر يتعلق “بالخوف” من البيت الابيض وخاصة البلدان التي تتواجد فيها قواعد عسكرية امريكية توفر الحماية لزعاماتها مقابل تنفيذ سياسة واشنطن وعدم الخروج عنها.. وهو ما ادركته الشعوب العربية التي غيرت بعدها بوصلتها باتجاه الامين العام لحزب الله اللبناني حسن نصر الله، لتطالبه بالتدخل بشكل مباشر بالعملية العسكرية ومواجهة اسرائيل، لكونه يمتلك تجربة سابقة حقق فيها الانتصار بحرب تموز خلال العام 2006، لكن السيد حسن نصر الله، لم يتخذ قرار التدخل المباشر .. ودور مقاتليه يقتصر على مواجهات متقطعة على الحدود، لان دخول حزب الله على خط المواجهة وبعمق المعركة قد يدفع امريكا للنزول إلى ساحة الحرب بجنودها والياتها.. وحينها ستنتقل المعركة داخل لبنان التي تعاني بالاساس من الانقسام السياسي والتدهور الاقتصادي.