عبد اللطيف الزيدي
بعد مرور اكثر من عقدين على “العهد” الجديد والنظام السياسي ما بعد 2003 وما تلاه من تغييرات بكافة مفاصل الدولة واستبدالها بوجوه وقوانين تم رسمها من قبل الممسكين بزمام الأمور في العراق، يستمر الاستقرار النسبي في البلد مع بعض الانتكاسات بين الحين والأخر دون وجود حلول جذرية تنتشل الواقع المرير للمواطن العراقي الذي يفتقر لأبسط مقومات الحياة والعيش الكريم.
فبعد أكثر من 5 انتخابات برلمانية وضمنها محلية يرى مراقبون للشأن العراقي بان حجم المشاركة الشعبية في الانتخابات المحلية المقبلة، والمقرر إجراؤها في 18 ديسمبر/كانون الأول المقبل سيكون ضعيفاً ولن يكون بمستوى الطموحات لأسباب عدة.
ولعل انسحاب عدد من القوى السياسية المدنية المهمة في البلاد من المشاركة في الانتخابات، احتجاجاً على آلية الاقتراع والمال السياسي المستخدم من قبل الأحزاب الكبيرة، واستخدام وسائل غير” شرعية” السبب الأكبر في الحيلولة دون تحقيق ما يتطلع اليه المواطنون .
كما ويعزو اخرون الأسباب لوجود أحزاب مدعومة من” فصائل مسلحة”، وهو ما يتعارض مع قانون الأحزاب في البلاد، فضلاً عن استمرار مقاطعة التيار الصدري بزعامة السيد مقتدى الصدر للعملية السياسية ككل في العراق.
ومع تنامي شعور اللاجدوى من الانتخابات توقعت أوساط سياسية نافذة بان الانتخابات المحلية المقبلة قد تكون الأقل مشاركة بسبب تدني مستوى الخدمات وذوبان الوعود المقطوعة مع انتهاء يوم الاقتراع، وان الانتخابات ستجري بين الكتل الكبرى المتحكمة بزمام الأمور من الأساس وبالتالي فان السباق سيكون بينها دون وجود جهات وقوى “إصلاحية ” او معارضة حقيقية كما يصفها البعض ما يعني ان الأحزاب باقية بأوجه واشكال مختلفة.
وكشف “المركز الاستراتيجي لحقوق الإنسان” في العراق، وهو مركز معني باستطلاعات الرأي والمسوحات الميدانية، عن نسب مشاركة غير مرتفعة في المحافظات العراقية الـ15 التي ستتم فيها عملية الاقتراع، وذلك بعد إجراء استطلاع لأكثر من 2500 من الناخبين في هذه المحافظات يذكر أن الانتخابات ستجري في 15 محافظة من أصل 18 في العراق، حيث هناك ثلاث محافظات ضمن إقليم كردستان المتمتع بحكم ذاتي غير مشمولة بالانتخابات.
قبل ذلك، بيَّنت المفوضية العليا المستقلة للانتخابات في العراق، أن “المحافظات التي سجلت أعلى نسبة في تحديث للمواليد الجديدة التي يحق لها المشاركة في انتخابات مجالس المحافظات كانت محافظة نينوى في المرتبة الأولى، وبعدها كركوك، وأن العاصمة بغداد هي الأقل تحديثاً بشكل عام مقارنة بباقي المحافظات الأخرى”. وأكدت أن أكثر من 23 مليون مواطن يحق لهم الإدلاء بأصواتهم في انتخابات مجالس المحافظات العراقية، من بينهم أكثر من 10 ملايين شخص فقط، قاموا بتحديث سجلاتهم الانتخابية حتى الآن وهو ما يؤكد نسبة المشاركة الضعيفة سلفاً.
وبين هذا وذاك تبقى الكلمة الفصل للأحزاب الكبيرة وتابعيها حيث ان لكل حزب جمهوره الثابت في عدة محافظات ومناطق “مؤدلج” اما الفئات الأخرى تبقى في أحلام وطموحات لعلها تجد تغييراً يعيد العراق لمكانته الحقيقة ولحضنه العربي ويعود قائداً في المنطقة نظراً لتوفر كل الخصائص والعناصر التي تؤهله لذلك حيث موقعه الجغرافي وامكانيته الهائلة وثرواته الطبيعية.
ومن المفترض أن يُشارك في الانتخابات 296 حزباً سياسياً انتظمت في 50 تحالفاً، إلى جانب أكثر من 60 مرشحاً سيشاركون بقوائم منفردة، للتنافس على 275 مقعداً هي مجموع مقاعد مجالس المحافظات العراقية. وجرى تخصيص 75 منها، ضمن كوتا للنساء، و10 مقاعد للأقليات العرقية والدينية، وفقاً لبيانات رسمية.
وستجرى انتخابات مجالس المحافظات العراقية، وفقاً لطريقة “سانت ليغو” التي تعتمد على تقسيم أصوات التحالفات على القاسم الانتخابي 1.7، ما يجعل حظوظ الكيانات السياسية الكبيرة تتصاعد على حساب المرشحين الأفراد (المستقلين والمدنيين)، وكذلك الكيانات الناشئة والصغيرة.