رياض عبد الكريم
سأبدأ مقالي هذا بمجموعة الاسئلة التي تختزن شجون الاخوة المتقاعدين ، والتي تصلني منهم بين فترة واخرى عبر الرسائل والاتصالات المتكررة :
* ماهي الاسباب والمعوقات التي تحول دون انجاز قانون التعاقد المعدل ؟
* هل يعقل ان يتأخر انجاز هذا القانون لاكثر من ثلاث سنوات ؟
* ماهي الاوجه القانونية والدستورية التي اقر بموجبها القانون المعمول به الان؟
* اليس من الانصاف ان تتساوى الرواتب بموجب مقاسات واحدة تشمل الجميع ؟
* ماهي الحكمة ولماذا تم تمييز المتقاعدين بعد 2003 عن ما قبلها ؟
* من هي الجهة المعرقلة في حسم الامر ؟ الحكومة ام البرلمان ام هيئة التقاعد؟
* لماذا لايضع البرلمان قانون التقاعد في جدول اعماله لقراءته ومن ثم تشريعه؟
* هل يمكن لعائلة المتقاعد ان تعيش لشهر كامل بــ 400 الف دينار؟
* ولماذا يتأخر صرف رواتب المتقاعدين بعد نهاية كل شهر بثلاثة او اربعة ايام؟
هذه الاسئلة وعشرات اخرى غيرها كانت كافية ومحفزة لكتابة هذه المقال ، تعاطفا وانصافا لهذه الشريحة المهمة في المجتمع والوفية والمتفانية من اجل خدمة وطنهم العراق ، وبحسب الاحصاءات الرسمية ففي البلد حوالي 3 ملايين متقاعد ، واذا افترضنا بالحد الادنى ان كل عائلة مكونة من 4 اشخاص ، فهذا يعني 12 مليون نسمة تشكل ثلث سكان العراق ممن يعانون من ظلم وازمات معيشية واجحاف بحقهم حصل من جراء الاجتهادات والتمييز والتفضيلات التي تخضع لحسابات ومصالح سياسية وأخرى عدائية .
فليس من المعقول ان تبقى هذه المعضلة قائمة دون جواب او حلول ، وبحسب المعلومات التي تنشر فأن قانون التقاعد هو الان في رفوف مجلس النواب ، وحين بدأت الدورة التشريعية الحالية نشر المجلس عناوين بعض القوانين التي ادعى بأنها مهمة سيقرها البرلمان كان من بينها قانون التقاعد ، ومضت فترة اكثر من شهرين على بدء الدورة ولم يقدم القانون للقراءة لحد الان ، في حين اقرت وشرعت عدة قوانين ليست بذات اهمية قانون التقاعد ، ولو تقر بعد سنة او سنيتين لم تغير من الواقع شيئا ، ولا اعرف كيف يتم اختيار القوانين في البرلمان ومن يحدد اولويات الاختيار !!! اذ يبدو ان ذلك خاضع ايضا لمصالح واهواء الكتل والاحزاب السياسية فهم بحسب ما تعودنا وعرفنا ان اولوياتهم تتحدد في مصالحهم ومبتغياتهم حتى ولو كانت على حساب مصالح الناس ومظالمهم ، ومما يؤلم ايضا ويثير استغرابنا الشديد ، ان مجلس الوزراء قد طلب من البرلمان في جلسة الثلاثاء الماضي 29-8-2023 ان يعجل في تشريع مجموعة قوانين ذكرها بالاسم دون ان يدرج ضمنها قانون التقاعد ، اليس في ذلك شك من ان صناع القرار في الجانب التشريعي والتنفيذي هم بعيدون عن مظالم الشعب وغير مكترثين لما يعصف به من ماَسي وويلات واجحاف اقل مايوصف بأنه ايغال في الايذاء وانتهاك الحق الانساني .
ويبقى السؤال الاهم ، لماذا كل هذا الجفاء وكأنه عداء مقصود ضد كل من تقاعد قبل عام 2003، اليسوا هم عراقيون ، الم يكونوا اناسا خدموا بلدهم وضحوا من اجله وساهموا في بنائه ، الم يتحملوا كل المعاناة والظلم الذي لحق بالبلد وهم من صبر بأنتظار الفرج وجاهد من اجل لقمة العيش ، وعاش عقودا من الحياة في بؤس ومذلة وازدراء ، ام علينا ان نقتنع ببعض اوصاف الموتورين من الساسة الذين يدعون سخفا وعداءا بأنهم كانوا من اعوان النظام السابق او الموالين له ، فهل من حقق سمو العراق ورفعته هم ازلام النظام السابق ، ام تلك السواعد النظيفة والقلوب المؤمنة وطهارة النفوس التي اكتنزتها ارواح العراقيين والعراقيات عندما كانوا يشغلون وظائف دوائر الدولة ومؤسساتها ، وهم يخططون ويبنون وينتجون ويحققوا النجاحات التي نسبها النظام السابق لنفسه وجاهر بها امام العالم ، اليست هذه هي الحقائق التي يشهد لها التأريخ والواقع ، الم يكونوا هؤلاء هم اول من استقبل التغيير بكل الفرح والسرور تخلصا من ضع الاستبداد والقمع والظلم . مستبشرين بمسقبل تأملوا ان يكون افضل واحسن من السابق .
اننا وباقي الزملاء وهم كثر ، عندما نكتب متعاطفين مع شريحة المتقاعدين داعمين مطالبهم ومساندين قضاياهم انما في ذلك تعبير عن استحقاق الحق الذي هدرت قيمه واستبيحت كرامتهم بعد ان استنفذوا كل الامكانات المتاحة لهم عبرعشرات التظاهرات امام البرلمان ومجلس الوزراء ، للمطالبة بحقوقهم وفق ميزان العدالة في المساواة وبمقاسات واحدة تشمل الجميع ، فليس من تقاعد بعد عام 2003 هو الاحسن والانقى والاشرف والاكثر استحقاقا من الذي تقاعد قبل هذا العام ، والغريب في الامر ان المتقاعدين الجدد لم تبلغ مدد خدمتهم بعد التغيير سوى بضع سنوات ولكنهم يتقاضون رواتب تقاعدية اضعاف اضعاف ممن لديهم اكثر من ثلاثين عاما قبل التغيير ، وهذا ظلم واضح وتجاوز خطير على الدستور والقوانين الرسمية والحياتية وكأنها حالة من التمييز المفتعل والمقصود للتعامل مع الشعب على اساسات زمنية واستنتاجات وهمية لا قيمة لها ولاتذكر في نصوص الدستور والقانون ، فمن اقرها وكيف ولماذا ؟.