فوزي عبد الرحيم السعداوي*
ينسب للملك فيصل الأول أنه اشتكى من أنه لا يوجد شعب في العراق بل أقوام مختلفة ومتناحرة، لكن وبغض النظر عن هذا الرأي فإن هذا الشعب أثبت وجوده خلال أقل من عقدين حيث ظهرت ملامح هوية وطنية عراقية تعززت وترسخت خلال العقود اللاحقة عبر النضالات التي خاضها الشعب العراقي بحيث اختفت في أرض الواقع معظم التمايزات التي قام عليها النظام السياسي الملكي وهو ماظهر في مساهمات كل العناصر المكونة للمجتمع في الحياة السياسية ويعود فضل ذلك للحركة الوطنية العراقية وممارساتها وسياساتها فحتى القضية الكردية وهي ذات خصوصية وتعقيد يصعب على النظام الملكي إيجاد حل لها وجدت إطارها في ممارسة الاكراد للعمل السياسي ضمن الحركة الوطنية العراقية وذلك لضمان حقوق الشعب الكردي ضمن نظام سياسي عادل يمثل الشعب وكان ذلك قبل تأسيس الحزب الديمقراطي الكردستاني الذي تبنى تمثيل الاكراد والدفاع عن حقوقهم بل إن ذلك استمر حتى بعد ذلك حين بقي الكثير من الكرد يناضلون ضمن حزب سياسي عراقي لتحقيق مطالب شعبهم كما مطالب عموم العراقيين..
لقد بقت الوطنية العراقية رغم ماتعرضت له من اختبارات قاسية وضغوط بسبب سياسات الأنظمة الحاكمة التمييزية التي وصلت قسوتها للتصفيات الجسدية لكنها تأثرت بشكل جدي خلال حكم البعث المديد ..مايدفعني للحديث عن هذا الموضوع هو لقاء في فضائية دجلة أعلن فيه المتحدث من اربيل انه مستعد للعمل والتعاون مع إسرائيل وأميركا ضد حكومة( عملاء إيران في بغداد)..لقد اجهزت الأحداث بعد 2003 على الوطنية العراقية بشكل موازي لضعف العراق وفقدانه التدريجي لمقوماته كدولة وثوابته الوطنية .لقد كلفت الوطنية العراقية الشعب تضحيات هائلة في أرواح الناس وحرياتها ومقدراتها وتحتاج استعادتها ليس فقط للتضحيات ولكن إلى استعادة الوطن ذاته وهي عملية صعبة جدا في ظل النظام الحالي الذي يفقدنا كل يوم جزء من مقدرات وطننا,إذن لا بديل عن تغيير جذري يحافظ على المتبقي من وطننا في كفاح من أجل استعادته لتعود الوطنية العراقية الجميلة التي أبدعت فقدمت على مدى عقود كفاءات عظيمة في كل المجالات ترجمت في إنجازات حضارية جعلت العراق مصدر فخر لابناءه. ..
*كاتب ومعلق سياسي والكلمة من صفحته على الفيسبوك