نهاد الحديثي
بعض المتخصصين يعرفون ما هو البريكس، لكن كثيرين لا يعرفون والبعض الآخر يعتقد أن الانضمام إلى هذا التجمع سيحل كل مشاكلهم الاقتصادية, وانهم سيحطمون الدولار الامريكي,والدول الخمس المؤسسة ل بريكسالبرازيل وروسيا والهند والصين وجنوب أفريقيا، تشكل ربع مساحة العالم تقريبا، وعدد سكانها 3٫25 مليار نسمة يمثلون أكثر من 40% من سكان العالم, ويشكلون 25٫6% من الناتج المحلى الإجمالى العالمى بنحو 25٫9 تريليون دولار حتى عام 2022، ولديها موارد طبيعية ضخمة وتحقق معدلات نمو مرتفعة معظم الأحيان. والملفت للنظر أن مجموعة جولدن مان ساكس البنكية العالمية كانت توقعت قبل سنوات أن تشكل هذه الدول قوة اقتصادية عالمية فى 2050.
وبالطبع فإن هذا التوقع سيتعزز بانضمام الدول الست التى ستمثل إضافة مهمة للتجمع. لكن التوقع الأهم لجولدمان ساكسكان أن تتجه هذه الدول إلى تشكيل حلف أو ناد سياسى فى المستقبل. وفيما يتعلق بالهيكلية الاقتصادية فهناك آليات مهمة ومنها بنك التنمية الجديد، ويطلق عليه أحيانا بنك تنمية البريكس، وهناك «ترتيبات الاحتياطى»، وتم توقيع هذين المكونين عام 2014 وجرى تنشيطهما فى2018. وحينما تم الاتفاق فى قمة 2014، على إنشاء بنك التنمية الجديد برأسمال 50 مليار دولار ثم صندوق الاحتياطى النقدى برأسمال 100 مليار دولار ومقره شنغهاى فى الصين فكان الهدف هو توفير الحماية ضد ضغوط السيولة العالمية لعملات الدول الأعضاء.وقتها اكتشف الأعضاء وغيرهم من دول العالم أن الاقتصادات الناشئة التى بدأت عمليات تحرير اقتصادى قد شهدت تقلبات اقتصادية متعددة، مما جلب بيئة اقتصادية غير مستقرة.
وفى قمة بريكس 2015 جرى الاتفاق على نظام دفع مالى يكون بديلا لنظام سويفت، ووضع أنظمة الدفع والانتقال إلى التسويات بالعملات الوطنية، حتى تتحول إلى نظام دفع متعدد الجنسيات لتوفير أكبر قدر من الاستقلالية، الأمر الذى سيخلق ضمانة أكيدة لنجاح هذا التجمع. ووقتها أيضا بدأ البنك المركزى الروسى مشاورات مع بقية الأعضاء لتفعيل هذا النظام. وكأن روسيا كانت تشعر وقتها بأهمية هذا الموضوع، حيث إن إخراج روسيا من نظام سويفت البنكى العالمى كان أحد العقوبات الشديدة من قبل الولايات المتحدة والغرب ردا على الغزو الروسى لأوكرانيا فى 24 فبراير 2022.
ووقتها أيضا بدأت الصين فى تطوير نظام الدفع الخاص بها والذى يسمى نظام المدفوعات عبر الحدود بين البنوك، وهو نظام بديل لسويفتويسمى«CIPS».هذه هى المعلومات الأساسية عن بريكس بدوله الخمسة الأساسية قبل أن يتسع بضم 6 دول أخرى بينها مصر ابتداء من أول يناير المقبل والأسئلة عن مستقبل هذا التجمع صارت كثيرة خصوصا بعد توسعه. وأهمها هل ينجح فعلا فىإصلاح النظام الاقتصادى العالمى الذى يقول كثيرون إنه صار شديد الاختلال. وما هى مدى الاستفادة المصرية من هذا التجمع، وهل البريكسقادر على حل كل مشاكلنا فورا، أم أن الأمر أولا وأخيرا يتوقف على قوة أو ضعف اقتصادنا؟!
بريكس أو هو مختصر الأحرف الأولى باللغة الإنجليزية المكونة لأسماء الدول المشاركة في هذا التجمع الاقتصادي وهي حالياً: البرازيل وروسيا والهند والصين وجنوب أفريقيا، وكان هذا التجمع يدعى سابقاً «بريك» أو قبل انضمام جنوب أفريقيا إلى المجموعة عام 2010، ليضاف إلى المسمى الحرف S الخاص باسمها ويصبح اسم المجموعة بريكس, تأسست في حزيران 2009 ومن ابرز المؤسسون روسيا والصين والهند والبرازيل ,فكرة تأسيس هذا التجمع بدأت عام 2006 وأول لقاء على المستوى الرئاسى لهذا التجمع الرباعى أولا انعقد فى يوليو 2008، والملفت للنظر أنه انعقد فى جزيرة هوكايدو اليابانية، على هامش قمة الدول الثمانىالكبرى، وشارك يومها فى هذا اللقاء الزعماء الأربعة لـ«البريك»، واتفقوا على التنسيق فى القضايا الاقتصادية التى تهم بلدانهم وتؤثر فى الاقتصاد العالمى.فى هذا الوقت عام 2008 كان هذا التجمع يسمى بـ«البريك» لأنه يضم أربع دول فقط وعقدت القمة الأولى فى مدينة يكاترينبورج فى روسيا فى16 يونيو 2009. وفى العام التالى انضمت «جنوب إفريقيا»، وبالتالى صار الاسم «بريكس» بدلا من بريك ,هذا التجمع ظل محافظا على دورية انعقاده منذ قمة روسيا عام 2008
اجتمع قادة دول بريكس ذات الاقتصادات الناشئة والتي تمثّل نحو رُبع ثروة العالم، منتصف أب الحالي في جوهانسبرغ في قمّة تحت عنوان “بريكس وأفريقيا وترمي لتوسيع نفوذ التكتّل والدفع باتجاه تحول في السياسة العالمية, وتم استضافة قادة الدول المؤسسة كما شارك سؤولونمن حوالى 50 دولة أخرى في برنامج “أصدقاء بريكس, فيما ابدت أكثر من 40 دولة أبدت اهتمامها بالانضمام إلى المجموعة، فيما قدّمت 23 دولة طلبات رسمية لذلك, ووافقت المجموعة على انظمامالارجنتين والسعودية والإمارات ومصر واالجزائرمن بين الدول العربية التي قدّمت طلبات حتى الآن,وهذا سيثري المجموعة بسبب ما لهذه الدول من إرث حضاري عربي وإسلامي, وتحدثت تقارير عن الأهمية التي يكتسبها انضمام السعودية والإمارات إلى مجموعة بريكس، إذ أن البلدين منتجان رئيسيان للنفط، وسوف يستفيدان من تحسين العلاقات الاقتصادية مع الصين والهند – وهما مستهلكان رئيسيان للنفط, ورجحت تحليلات أن فتور العلاقات الأمريكية السعودية دفع الرياض إلى الاقتراب أكثر من الصين وروسيا، من خلال طلب الانضمام إلى المجموعة الساعية إلى كسر القطبية الأحادية في العالم، وقبلها انضمامها لمنظمة شنغهاي بصفة “شريك حوار”, ثم انسحاب الإمارات من قوة بحرية تقودها الولايات المتحدة في الخليج، في مايو/ أيار الماضي، ومشاركتها بمناورات عسكرية مع القوات الجوية الصينية، انطلقت في 9/ آب الجاري، دلالة مهمة على تراجع العلاقات بين الدولة الخليجية وواشنطن.كذلك تعدّ الإمارات من أوائل المساهمين، من خارج دول بريكس في “بنك التنمية الجديد” الذي يسعى لمنافسة “صندوق النقد الدولي” و”البنك الدولي” في تمويل المشاريع التنموية.وتسعى الدولة الأفريقية الغنية بموارد النفط والغاز إلى تنويع اقتصادها وتعزيز الشراكات مع الصين ودول أخرى. من جهتها، تعوّل مصر على دعم روسيا طلب انضمامها إلى مجموعة بريكس، وتسعى مصر عبر هذه الخطوة إلى تخفيف الضغط على النقد الأجنبي في البلاد، نظراً إلى تراجع قيمة عملتها الوطنية مقابل الدولار الأمريكي بصورة كبيرة في الآونة الأخيرة.
ويتطلع كثيرون بتفاؤل لولادة «بريكس» وتحمسوا لتوسعتها أملاً في أن تلعب دور المعادل الموضوعي للهيمنة الغربية، والبديل، الذي يمكنه كسر طوق احتكار طرق التجارة, المجموعة تعتزم التوسّع في إنشاء أنظمة اقتصاديّة وتجاريّة جديدة منفصلة عن الأنظمة الغربيّة التي تقودها الولايات المتحدة، بما في ذلك ربما نظام مالي جديد للتبادل التجاري بهدف تقليل الاعتماد على الدولار الأمريكي، وتشجيع استخدام العملات الوطنيّة في التجارة الدوليّة وقد حظيت دول “بريكس” الخمس بتوقّعات استمرار النمو في فترة ما كونها ظهرت لسنوات من بين أسرع اقتصادات الأسواق الناشئة نمواً في العالم، وبطبيعة الحال كان لتباطؤ الاقتصاد الغربي، والشرقي دور في هذا النمو الذي ساعده أيضاً انخفاض تكاليف العمالة، والتركيبة السكانيّة الملائمة، ووفرة الموارد الطبيعيّة، ومرونة تلبية الطلب العالمي المزدهر على السلع المتنوعة. ووفقاً لبيانات قريبة من مجموعة “بريكس”