فتحي احمد / كاتب فلسطيني
الكل يجمع على الملكية الفكرية لمجموعة بريكس، فالمجموعة حسب تعريف الملكية الفكرية هي: فئة من الممتلكات التي تتضمن الإبداعات غير الملموسة للعقل البشري، الغرض الرئيسي من قانون الملكية الفكرية هو تشجيع إنشاء مجموعة واسعة من السلع الفكرية، حقوق الملكية الفكرية هي حقوق قانونية تحمي الابتكارات أو الاختراعات الصادرة عن نشاط فكري في المجالات الصناعية والسياسية والعلمية والأدبية والفنية. وتضم حقوق الملكية الفكرية الأكثر شيوعاً براءات الاختراع وحقوق التأليف والنشر والعلامات والأسرار التجارية. إذا افترضنا إن فكرة بريكس حكر على الدول التي أسست المجموعة يبقى لدول الأعضاء المتبقية الفتات من القرارات.
لكن هنالك توجها على تغيير أو إضافة «بلس» بعد بريكس إرضاءً لدخول الدولة الجديدة في المجموعة، فيصبح اسم المجموعة «بريكس بلس» قد يرى البعض بأن الاسم لا يؤثر شيئا في فلسفة وأهداف المجموعة، لكن يبقى ثمة جانب غير مريح للدول الأعضاء غير المدرج حروفها في اختصارات بريكس والتي أصبحت أعضاء في بريكس لاحقاً، مهما يكن وبعيدا عن هذا الخلاف إذا وجد في الأصل، هل نشهد عصر حرب اقتصادية وسياسية باردة بين الولايات المتحدة الأمريكية ومجموعة بريكس؟
لا شك فإن أمريكا تسعى لتحقيق مكانتها في العالم وتحول دائما دون زعزعة استقرارها السياسي كقطب واحد في المعمورة، وخصوصا في ظل توجه المجموعة التي تكمن في الأهداف التالية: التوازن العالمي للاقتصاد، انهاء هيمنة الولايات المتحدة على السياسة المالية، إيجاد البدائل المناسبة وذلك بديلا عن البنك الدولي وصندوق النقد، تحقيق تكامل اقتصادي بين الدول الأعضاء. أما رد الخارجية الأمريكية فهو: «الولايات المتحدة كما كانت في السابق تعتبر أن الدول يمكنها اختيار شركائها وجمعياتها التي ستتفاعل معها، وسنواصل العمل مع شركائنا وحلفائنا في المنتديات الثنائية والإقليمية والمتعددة الأطراف لتعزيز رفاهيتنا المشتركة والحفاظ على السلام العالمي والأمن». يفهم من هذا التصريح بأن أمريكا حمامة سلام فهي دائما تسعى لتحقيق سعادة الدولة الصديقة بغض النظر عمن يدور في فلكها أو من يدور في فلك دول أخرى، ربما يكون هذا التصريح يحمل في طياته تناقضاً واضحاً حتى في الاقتصاد، من لم يكن مع أمريكا فهو ضدها هذه فلسفة الولايات المتحدة بعد فك العازلة عن نفسها وهذا ما صرح به جورج بوش الابن بعد أحداث 11 سبتمبر «من ليس معنا، فهو ضدنا».
من المبكر الحكم على نوايا الولايات المتحدة ومدى موافقتها على تحرك مصر والسعودية والإمارات بعد دخولهم مجموعة بريكس، في العلن أسدلت تلك الدول ستار الخجل، وباتت تلمح إلى فلول عهد قيادة أمريكا للعالم، تسعى الدول الأعضاء في بريكس إلى نظام عالي متعدد الأقطاب، لا تهيمن عليه قوة واحدة فقط، ذلك رأي مُجتزأ من الواقع، وقد لا يصمد أمام رياح الحقيقة، عندما تشعر الولايات المتحدة بخطورة هذا التوجه يختلف الوضع. لا زالت أمريكا تتكلم بحذر عن دخول هذه الدول لمجموعة بريكس، فرغم تصريحات الخارجية الأمريكية إن للدول حرية الاختيار لكن يبقى الخوف التقليدي من روسيا والصين قائما، فالصراع الوحشي على قيادة العالم بين الصين وروسيا وأمريكا يزاد يوما بعد يوم، والصراع على اضعاف الدولار ما زال موجود.
مرة أخرى على ما يبدو سكوت الولايات المتحدة على مجموعة بريكس هو من باب صمود هذه المجموعة ومدى توافقها، وقد تعول على انهيار هذه المجموعة من الداخل، من المستحيل أن تبقى أمريكا صامته عن بريكس وسياستها، فالكل يعي خطورة هذا التوجه على زعيمة القطب الواحد في العالم رغم طمأنة نفسها، إذا أرادت دول بريكس الوقوف في وجه الولايات المتحدة فيجب أن يكون لديها موقف واضح وصريح ضد تصرفاتها في النظام العالمي، لا من الناحية الاقتصادية فقط، بل من الناحية السياسية أيضًا، وهذا صعب الحدوث لأن الصين لن تقبل أن تكون روسيا هي صاحبة النفوذ في هذا التكتل وروسيا هي الأخرى نفس الشيء.
باختصار عندما تكون المصالح الأمريكية العالمية على المحك، في ظل هذا التحدي ربما تسعى الولايات المتحدة الأمريكية إلى إعادة تطوير سياستها الخارجية لتكون أكثر مرونة، وهذا لا يعنى البتة بقاءها في أعلى الهرم، عالم اليوم مختلف في ظل تصاعد الصين اقتصاديا، فهي تبحث عن مكانتها تحت الشمس بشتى الطرق وهذا لم يقلق أمريكا، باستثناء خيارها العسكري الذي لم تلوح به بعد، فهي مدركة خطورة إعادة تايون لحضنها في الوقت الراهن.