ما شهده لبنان في الأيام الثلاثة الماضية يعكس الحالة التي وصلت إليها البلاد من انهيار على كل المستويات، وينذر بمزيد من التداعيات في جسم الدولة ومؤسساتها، لأن المشهد الذي سُجل ينذر بمزيد من الانفلات في الشارع نتيجة التأزم السياسي الذي وصل إلى درجة كبيرة على وقع الفراغ الرئاسي وما يستتبعه من شلل للمؤسسات الدستورية يترافق مع انهيار اقتصادي ومالي لم يشهده لبنان من قبل، في وقت يبدأ فيه الوفد القضائي الأوروبي، اليوم الاثنين، استجواب متهمين في قضايا فساد وتهريب وتبيض أموال.
ما جرى لم يكن تعبيراً عن قضية توقيف شقيق أحد ضحايا انفجار مرفأ بيروت يدعى وليم نون، لاعتدائه على قصر العدل وشتم القضاء، بقدر ما يعكس احتقاناً سياسياً كبيراً عبّرت عنه مواقف كثيرة، من أصحابها من هدد باللجوء إلى أساليب أخرى بدل الاحتكام إلى القضاء الذي واجه مرة أخرى، أمس، امتحاناً صعباً مثلما حصل ويحصل معه في قضايا وملفات كبيرة، بدءاً من ملف الفساد المالي وتهريب الأموال، مروراً بقضية جريمة انفجار مرفأ بيروت، وانتهاء بالأزمة الداخلية التي يعانيها لأسباب عديدة.
ولعل أبرز مظاهر هذه الأزمة البيان الصادر عن مجلس القضاء الأعلى، وإعلان رئيسه القاضي سهيل عبود، أن البيان «لم يصدر وفق الأصول القانونية المعتمدة»، ثم صدور بيان باسم «نادي القضاة» داعياً إلى تصويب تحركات أهالي ضحايا انفجار المرفأ نحو المعرقلين الحقيقيين.
إلى ذلك، يبدأ الوفد الأوروبي الآتي من ألمانيا وفرنسا ولوكسمبورغ، اليوم الاثنين، تحت إشراف قضاة لبنانيين، استجوابه شخصيات لبنانية مالية ومصرفية في قضايا فساد مرتبطة بتهريب وتبييض أموال عبر المصارف، والإثراء غير المشروع. ووسط هذه الأجواء المشحونة كلّها، يستعد رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي للدعوة إلى جلسة لمجلس الوزراء ستعقد هذا الأسبوع، لكنه تريث في توجيه الدعوة لأسباب لم تفصح عنها أوساطه، علماً بأن ميقاتي مصمم على عقد هذه الجلسة.