نائب رئيس مجلس الوزراء وزير التخطيط محمد علي تميم
حمزة مصطفى
لأن علاقتي تكاد تكون عابرة بالدكتور محمد تميم وزير التربية الأسبق والوزير الحالي للتخطيط فكل ما أعرفه عنه قبل أن يحترف السياسة إنه باحث وأكاديمي. بعد شغله منصبه الجديد نائبا لرئيس الوزراء ووزيرا للتخطيط في حكومة محمد شياع السوداني حرصت أن أذهب اليه لتهنئته بالمنصب. بالمصادفة وفي مكتب الصديق عبد الزهرة الهنداوي المتحدث الرسمي للوزارة وجدت رواية بعنوان “الإسم الآخر للمستحيل” والروائي هو محمد تميم. والرواية التي تقع في 307 صفحة صادرة عام 2021 عن دار الحكمة في لندن. سألت أبو راوية هل دكتور محمد روائي؟ قال لا أعرف لكن يبدو أن هذه هي روايته الأولى. سالته هل قرأتها أجاب نعم. كيف وجدتها؟ ممتعة الى الحد الذي لم أتركها الى أن أنهيتها. على غلاف الرواية أثار إنتباهي أن من كتب تقديما للرواية هو الدكتور نجمان ياسين وهو كاتب معروف وقد كان عبر التقديم متحمسا لها هو الآخر.
أخذني الفضول فقررت قراءتها وأنا بين الشك واليقين بشأن مانحمله عن السياسيين من صورة نمطية بشأن محاولتهم إقتحام مجالات وميادين هم كما نفترض ليسوا أهلا لها. المهم “خليت قلب على قلب” وبدأت قراءة الرواية التي تحمل عنوانا يستدرج القارئ كون “الإسم الآخر للمستحيل” عنوان إشكالي ويدل بحد ذاته على حنكة في الإختيار يتمنى أي قارئ أن تتحول الى حبكة في السرد. ولأن القصة حقيقية بكل تفاصيلها وبطلها صديق المؤلف الشخصي ولم يخلقه الروائي فإن الأحداث والوقائع الحلو والمر منها كان مادة خام يعرف كل تميم كل زواياها. وبالفعل فقد تحولت لديه وعبر مايمتلكه من لغة وقدرة على السرد والإنتقال بالأحداث والوقائع ورسم الشخصيات بمن في ذلك المغامرات العاطفية في الجامعة أو التحولات التي تلت ذلك لاسيما بعد إحتلال تنظيم داعش المحافظة التي تدور معظم وقائع الرواية فيها وهي كركوك الى بانوراما كاملة لمأساة إنسانية غاص المؤلف في تفاصيلها ونجح في إشراك القارئ معه كما لو كان مؤلفا محايثا. ولعل أهم مايمكن قوله على صعيد رسم صورة دقيقة للبطل الحقيقي “سعيد” صديق المؤلف “محمد تميم” أن تميم الصديق عاش نوع من وحدة الوجود مع صديقه البطل بحيث إستحالا واحدا يتبادلان الأدوار في الحياة وفي السرد. خارج المتن الروائي وداخله في آن واحد. القارئ لم يعد يفرق بين السارد المتخيل الذي هو شخصية واقعية في الحياة سواء كانت الجامعية في الجزء الأول من الرواية أو العملية في جزئها الثاني وبين الروائي الشاهد أو العليم الذي يروي الوقائع مستلا إياها من الدفتر الأصفر الذي تركه لديه سعيد قبل وفاته.
فالعلاقة الشخصية الطويلة بين المؤلف وصديقه تمكن محمد تميم بعد سنوات الى إخراجها الى النور رواية تحمل كل شروط الرواية فنا وبناء وسردا وتنويعا في اللغة والأسلوب والمناورة في رواية الأحداث عبر نوع من التقطيع تارة أو الإسترجاع تارة أخرى بحيث يبقى كل شيء عالقا في ذهن القارئ وهو يتابع بشغف ممزوج بالغيرة حين كان سعيدا مغامرا خطيرا في الجامعة أو بالقهر والحزن حين يتابع شقاء سعيد وهو يتابع رحلته المأساوية بين حقول الألغام في الطريق من قريته الواقعة على نهر الزاب الصغير الى كركوك عبر جبال حمرين هربا من الجماعات الإرهابية والتكفيرية التي أهدرت دمه. ولأن الرواية هي ليست فقط أحداثا تروى ووقائع تسرد عبر مايملكه الروائي من لغة وقدرة على رسم الشخصيات وإعادة صياغة مايراه هو مناسبا لأمكانية ما تقوم به من أدوار فإنها أيضا تحمل قدرا كبيرا من العبر والدروس الحياتية والإنسانية. ولأن هذه الرواية قصة حقيقية فإن كل ماعمله محمد تميم هو إنه روى وقائعها مرة على لسان بطلها سعيد ومرة على لسانه هو محاولا إبتكار إسم آخر للمستحيل.