بقلم جاي ديشموخ مع ربى الحسيني
قال وزير خارجية حركة طالبان أمير خان متقي في مقابلة مع وكالة فرانس برس إن الحكومة الجديدة في أفغانستان تقترب من هدف الاعتراف بها دولياً مؤكدًا أن قرارات النظام الجديد لا تُتخذ “تحت ضغط من أحد” إنما وفقاً لسياستها.
في أول مقابلة له منذ عودته من محادثات أجرتها طالبان مع الدول الغربية في أوسلو، طالب متقي واشنطن بفكّ القيود عن أصول المصرف المركزي للمساعدة في تخفيف حدة الأزمة الإنسانية.
في نهاية كانون الثاني/يناير، استضافت النروج محادثات بين حركة طالبان والدول الغربية، هي الأولى على أرض دولة غربية، حيث تم البحث في الأزمة الإنسانية التي تعصف بأفغانستان وقضايا حقوق الإنسان وعلى رأسها حقوق المرأة.
ولم تعترف أي دولة حتى الآن بحكومة طالبان، وأكدت النروج أن المحادثات لا تشكل أي نوع من الاعتراف، إلا أن الحركة تجد فيها خطوات إيجابية باتجاه كسر العزلة المفروضة عليها، بعد عودتها إلى الحكم في آب/أغسطس مع اتمام انسحاب القوات الأميركية والأجنبية من البلاد وإثر نزاع دام استمر 20 عاماً.
وقال متقي لوكالة فرانس برس “في ما يتعلق بالاعتراف.. ونتائجه التي تتسم بالتبادل بين الدول، حققنا تقدماً جيداً”، موضحاً “اقتربنا أكثر من هذا الهدف”.
وأضاف “إنه حقنا، وحق الأفغان، وسنواصل نضالنا السياسي وجهودنا حتى نحصل على حقنا”.
وتعقد حكومة طالبان أساساً، وفق متقي، محادثات رسمية مع المجتمع الدولي للبحث في قضايا سياسية واقتصادية، ما يعد مؤشراً واضحاً على قبولها المتزايد.
وقال متقي خلال المقابلة في مكتبه في كابول في وقت متأخر الأربعاء، “المجتمع الدولي يريد التفاعل معنا”. وأوضح “بحسب قراءتنا ومحادثاتنا (مع المجتمع الدولي)، حققنا أشياء جيدة وهذا تطور”.
– تحت الضغط –
وأكد أن “الكثير من السفارات فتحت أبوابها في كابول… نتوقع أن تأتي بعض السفارات الأوروبية والعربية وتدريجاً ستكتمل هذه العملية”.
وبرغم عدم اعترافها بحكومة طالبان، أبقت دول عدة بينها باكستان وروسيا والصين وتركيا والإمارات العربية المتحدة وإيران سفاراتها مفتوحة في كابول. وأعلن الاتحاد الأوروبي الشهر الماضي عن إعادة “وجود بالحد الأدنى” لطاقمه في كابول من أجل تسهيل إيصال المساعدات الإنسانية إلى أفغانستان.
وأكد متقي أن حكومة طالبان تعمل على تنفيذ مطالب الدول الغربية، لكنه شدّد في الوقت ذاته أن قرار إعادة فتح الجامعات الرسمية الأسبوع الحالي يأتي ضمن سياسة حركة طالبان.
وقال “ما نفعله في بلدنا ليس نتيجة شروط أو ضغط من أحد، نقوم به وفقاً لخطتنا وسياستنا، إن كان في مجال التعليم او الاقتصاد أو أي شيء آخر… نتقدم بحسب سياستنا”.
وبرغم وعودها بحكم أقل تشددا من فترة التسعينات، فرضت الحركة خلال الأشهر الماضية إجراءات عدة تقيد من حرية المرأة وحركتها. ولم يُسمح حتى الآن بعودة النساء إلى وظائفهن في المؤسسات الرسمية، كما فرض عليهن الخروج مع محرم في الرحلات الطويلة.
وتُعد حقوق المرأة، وخصوصا في مجال التعليم، من أبرز القضايا العالقة بين حكومة طالبان والمجتمع الدولي.
ولا تزال غالبية المدارس الثانوية والجامعات الرسمية مغلقة. إلا أن بضع الجامعات الرسمية فتحت الأربعاء أبوابها للمرة الأولى منذ عودة طالبان إلى الحكم، فيما حضرت قلة من الطالبات الصفوف حيث يتم الفصل بين الجنسين، بحسب مسؤولين.
ورحبت الأمم المتحدة بقرار إعادة فتح الجامعات الرسمية تدريجاً، إلا أن انعكاسات هذا القرار على رؤية المجتمع الدولي للحركة لم تتضح بعد.
ونفى متقي أيضاً أن تكون الحكومة الجديدة طردت موظفي الحكومة السابقة من وظائفهم. وقال “لم يتم طرد أي من الـ500 ألف موظف، رجالاً ونساءً، في النظام السابق، وجميعهم يتقاضون رواتبهم”.
إلا أن الكثير من الموظفين في الحكومة السابقة وعناصر قوى الأمن السابقة يقولون إنهم فقدوا وظائفهم أو إنهم لم يتقاضوا رواتبهم منذ أشهر.
– مساعدات مشروطة –
ومنذ عودة الحركة إلى الحكم، اتخذ الوضع الإنساني في أفغانستان منعطفاً مأسوياً مع تجميد الولايات المتحدة 9,5 مليارات دولار من أصول المصرف المركزي الأفغاني، أي ما يعادل نصف إجمالي الناتج المحلي لأفغانستان في العام 2020.
ولم يقف الأمر عند هذا الحد، إذ علق كل من صندوق النقد الدولي والبنك الدولي نشاطهما في بلد كان اقتصاده قائماً على الدعم الدولي، إذ كان يعادل 80 في المئة من الميزانية الوطنية.
وقال متقي “في ما يتعلق بتجميد أصول أفغانستان، موقفنا أنه يجب الإفراج عنها قريباً جداً. إنها أصول الشعب الأفغاني، انها احتياطي المصرف المركزي الأفغاني”.
وأضاف “نأمل أن يعطى هذا الحق للأفغان، لانه حق الشعب الأفغاني المستضعف”.
وتشترط واشنطن والمجتمع الدولي لتحرير الأموال واستكمال المساعدات أن تثبت الحركة احترامها لحقوق المرأة على كل الأصعدة.
وفرق مقاتلو حركة طالبان تظاهرات نسائية عدة بالقوة، كما اعتقلوا معارضين لهم واعتدوا بالضرب على صحافيين أفغان خلال تظاهرات مناهضة للحركة. والشهر الماضي، اتهمت ناشطات مقاتلي الحركة باعتقال متظاهرتين بعد أيام قليلة على تظاهرة استخدم فيها المقاتلون رذاذ الفلفل لتفريق نحو امرأة فقط.
ولم يعرف مكان الناشطتين حتى الآن. وقد نفت حركة طالبان اعتقالهما. وقال متقي إن السلطات تبحث عنهما.
وتؤكد حركة طالبان أن لديها الحق في محاسبة المعترضين وحتى اعتقال المتظاهرين.
واتهمت الأمم المتحدة ومنظمة العفو الدولية حركة طالبان الأسبوع الحالي باعتقال صحافيين يعملان في محطة “آريانا”. وقد أطلق سراحهما الأربعاء بعدما “تبينت براءتهما”، بحسب مدير التحرير في المحطة.
وأكد متقي “حتى الآن، لم نعتقل أي أحد يخالف أيديولوجية هذا النظام او هذه الحكومة، كما أننا لم نؤذِ أحداً”.
وأضاف أن “اعتقال صحافي لمجرد كونه صحافيا وامرأة لمجرد كونها امرأة هو شيء، لكن حتى إن ارتكب صحافي جريمة لا يجدر أن يتم اعتقاله؟”.
المصدر: AFP