بقلم محمد علي حريصي
قرّرت الولايات المتحدة إرسال طائرات مقاتلة ومدمّرة تحمل صواريخ موجّهة، إلى أبوظبي لمساعدة الإمارات في التصدي لهجمات المتمردين الحوثيين الذين فتحوا جبهة جديدة في الحرب اليمنية، عبر تكرار استهداف الأراضي الإماراتية بعد الأراضي السعودية.
وجاء الإعلان في بيان صادر عن البعثة الأميركية في الإمارات الأربعاء. ويهدف الى دعم الإمارات “في مواجهة التهديد الحالي”، في إشارة للحوثيين، ويلي اتصالا هاتفيا جرى الثلاثاء بين وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن وولي عهد أبوظبي ونائب القائد العام للقوات المسلحة الإماراتية الشيخ محمد بن زايد آل نهيان.
وتشارك الإمارات في التحالف العسكري الذي تقوده السعودية في اليمن دعما للحكومة ضد الحوثيين. وقد سحبت في 2019 قوّاتها من البلد الفقير الغارق في نزاع مسلّح منذ 2014، لكنّها لا تزال لاعبا مؤثرا فيه.
وتعرّضت الدولة الثرية الشهر الماضي لثلاث هجمات بصواريخ بالستية وطائرات مسيّرة شنها المتمردون اليمنيون بعد خسارتهم مناطق في اليمن على أيدي قوات يمنية موالية للحكومة درّبتها الإمارات.
وقال بيان البعثة الأميركية إنّ اوستن وولي عهد أبوظبي بحثا في “مجموعة من الإجراءات التي تتخذها وزارة الدفاع لدعم الإمارات العربية المتحدة”.
ويشمل ذلك “إرسال المدمّرة حاملة الصواريخ الموجهة للبحرية الأميركية +يو أس أس كول+ للتعاون مع البحرية الإماراتية قبل التوقف في ميناء في أبوظبي”، من دون أن يوضح البيان تاريخ تحرّك المدمّرة.
كما أبلغ الوزير الشيخ محمد “بقراره نشر طائرات مقاتلة من الجيل الخامس لمساعدة الإمارات في مواجهة التهديد الحالي”.
ويشمل التعاون كذلك “الاستمرار في تقديم معلومات استخباراتية للإنذار المبكر، والتعاون في مجال الدفاع الجوي”.
وكانت المدمّرة “يو أس أس كول” الموجودة حاليا في ميناء في البحرين، هدفًا لهجوم في تشرين الاول/أكتوبر عام 2000 قرب مدينة عدن الساحلية اليمنية أسفر عن مقتل عسكريين أميركيين، وأعلن تنظيم القاعدة مسؤوليته عنه.
وفتحت الهجمات ضد الإمارات جبهة جديدة في الحرب في اليمن المتواصلة منذ 2014 بين القوات الحكومية والمتمردين الحوثيين المدعومين من إيران الذين سيطروا على مناطق واسعة في شمال البلاد وغربها وكذلك على العاصمة صنعاء. وتدخل التحالف العسكري بقيادة السعودية لدعم القوات الحكومية اعتبارا من 2015.
في الهجوم الأول في 17 كانون الثاني/يناير، قتل ثلاثة أشخاص بطائرات بدون طيار وصواريخ استهدفت أبوظبي. وكان ذلك أول هجوم دام على أراضي الإمارات أكد الحوثيون مسؤوليتهم عنه وأعلن عنه الإماراتيون.
ونجحت الإمارات في اعتراض وتدمير صاروخين بعد أسبوع، بمساعدة القوات الأميركية المتمركزة في قاعدة الظفرة الجوية قرب أبوظبي، قبل أن تعترض وتدمّر صاروخا في هجوم ثالث وقع الاثنين.
– اتفاقات دفاعية –
وأكد بيان البعثة الأميركية أن إرسال المدمرة والطائرات للإمارات “إشارة واضحة إلى أن الولايات المتحدة تقف إلى جانب الإمارات كشريك استراتيجي طويل الأمد”.
وكان الرئيس الأميركي جو بايدن حدّ من الدعم الأميركي للتحالف بقيادة السعودية، في تراجع عن سياسة سلفه دونالد ترامب التي تمثلت بتقديم مساعدة لوجستية الى التحالف وبيع الرياض وأبو ظبي كميات هائلة من الأسلحة المتطورة مثل القنابل الموجهة.
ومع ذلك، أعلنت واشنطن في تشرين الثاني/نوفمبر الموافقة على بيع أسلحة بقيمة 650 مليون دولار تشمل صواريخ جو – جو للسعودية لمساعدتها على صد هجمات الحوثيين بطائرات مسيّرة، فيما تخوض الإمارات مفاوضات شاقة لتسلّم طائرات “اف-35” بعد اتفاق بلغت قيمته 23 مليار دولار.
وزادت هجمات المتمردين من التوترات في الخليج في وقت تتعثر المحادثات الدولية بشأن برنامج إيران النووي، ما ساعد في دفع أسعار النفط إلى أعلى مستوياتها في سبع سنوات.
ويبلغ عدد سكان الإمارات عشرة ملايين، تسعون في المئة منهم أجانب. ولطالما اعتُبرت الدولة النفطية واحة من الهدوء في منطقة تعصف بها الاضطرابات. وهي أحد أكبر زبائن السلاح في العالم، وقد قامت في السنوات الأخيرة بتطوير صناعة عسكرية محلية تشمل الصواريخ الموجهة والطائرات المسيّرة.
والأسبوع الماضي، أكّد مسؤول إماراتي رفيع لوكالة فرانس برس أنّ تهديد المتمردين اليمنيين لدولة الإمارات “لن يصبح الواقع الجديد”، مشدّدا على قدرة بلاده على التصدّي لأي هجوم وسعيها لتعزيز قدراتها الدفاعية بشكل مستمر.
وقال “تمتلك الإمارات قدرات دفاعية بمستويات عالية وتسعى باستمرار لتحديثها”، مضيفا “بالإضافة إلى التحديثات السنوية، تعمل الإمارات مع شركائها الدوليين للحصول على أنظمة وتكنولوجيا متطورة لردع ومكافحة التهديدات لأمننا القومي”.
وغالبا ما تتّهم الولايات المتحدة وكذلك السعودية، إيران بتهريب الأسلحة إلى الحوثيين، وهو ما تنفيه طهران التي تؤكّد أنّ دعمها لهم سياسي فقط.
ووقّعت الإمارات اتفاقا بمليارات الدولارات للحصول على الصواريخ الدفاعية “ثاد” التي تصنعها شركة “لوكهيد مارتن” الأميركية في 2011. وتوصلت الشهر الماضي إلى اتفاق للحصول على صواريخ دفاعية بلغت قيمته 3,5 مليار دولار مع شركة كورية جنوبية.
وتعتمد السعودية في الدفاع عن أراضيها بوجه هذه الهجمات على بطاريات صواريخ باتريوت الأميركية.
ولكن هذه المنظومة تملك سجلا متفاوتا في التصدي لإطلاق الصواريخ والطائرات المسيرة من اليمن، ويقول خبراء إنها ليست مصممة للتصدي لطائرات مسيرة تحلق على ارتفاع منخفض.
المصدر: AFP