بقلم فرانشيسكو فونتيماجي
دعا وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن في جاكرتا الثلاثاء الصين إلى وقف “أعمالها العدوانية” في منطقة المحيطين الهندي والهادئ، في مسعى لإعادة التركيز على هذه المنطقة التي تقع في صلب السياسة الخارجية لإدارة الرئيس جو بايدن في وقت تطغى عليها عدة أزمات أخرى.
وقال بلينكن في خطاب ألقاه في حرم جامعة إندونيسيا “إننا مصممون على ضمان حرية الملاحة في بحر الصين الجنوبي، حيث تهدد أعمال بكين العدوانية تبادلات تجارية تزيد قيمتها على ثلاثة تريليونات دولار كل عام”.
وأكد مجددا خلال جولته الأولى في جنوب شرق آسيا والتي ستشمل أيضا ماليزيا وتايلاند، تمسك واشنطن بـ”السلام والاستقرار في مضيق تايوان” الذي بات أكثر من أي وقت مضى في صلب التوتر الشديد بين أكبر اقتصادين في العالم.
وشدد بلينكن على رغبته في تعزيز التحالفات مع دول المنطقة، متعهدا “حماية حق كل الدول في اختيار طريقها الخاص، بلا ضغط أو ترهيب”.
وقال “إنها ليست منافسة بين منطقة تتمحور حول الولايات المتحدة أو تتمحور حول الصين”، منتقدا بشكل صريح السلوك الصيني.
وقال “هناك كثير من القلق، من شمال شرق آسيا إلى جنوب شرق آسيا، ومن نهر ميكونغ إلى جزر المحيط الهادئ، بشأن أعمال بكين العدوانية”.
واتهم الصين بأنها “تطالب بمياه مفتوحة على أنها مياهها وتشوه أسواقا مفتوحة من خلال مساعدات لشركاتها المملوكة للدولة، ورفض التصدير أو إلغاء اتفاقات مع دول لا توافق (بكين) على سياساتها”.
وقال إن “دول المنطقة تريد أن يتغير هذا السلوك، ونحن أيضا”.
وأوضح أن سياسة الردع الأميركية تهدف إلى “تفادي أن تؤدي المنافسة (الأميركية الصينية) إلى نزاع” محذرا بأن ذلك سيكون “كارثيا للجميع”.
– “التحدي الأكبر” –
وتشهد المنطقة تصاعدا في التوتر في بحر الصين الجنوبي حيث تطالب بكين بشكل شبه كامل بهذه المنطقة المحورية في المبادلات التجارية، رافضة مطالبات سيادية مماثلة من الدول الساحلية الأخرى وهي فيتنام وماليزيا وبروناي وتايوان والفيليبين.
وتتزامن زيارة بلينكن إلى جاكرتا مع زيارة رئيس مجلس الأمن الروسي نيكولاي باتروتشيف، ما قد يشكل مؤشرا إلى المنافسة الشرسة بين القوى الكبرى في المنطقة.
وصرحت وزيرة الخارجية الإندونيسية ريتنو مرسودي الإثنين أن “الولايات المتحدة كما روسيا هما شريكان جيدان لإندونيسيا”.
وتحرص موسكو على أن تؤكد وجودها بمواجهة الولايات المتحدة حتى في جنوب شرق آسيا، حيث كان وزير الخارجية الأميركي يأمل في تسليط الضوء على أولويته الأولى، وهي المواجهة مع الصين.
وطرح بلينكن تنامي طموحات بكين على الساحة الدولية على أنه “أكبر تحد جيوسياسي في القرن الواحد والعشرين” وهو يبحث عن توازن دقيق ما بين المنافسة والمواجهة.
لكن الأزمة الأفغانية وتعثر المفاوضات حول ملف إيران النووي والتوتر مع روسيا مؤخرا حول موضوع أوكرانيا، كلها مواضيع تطغى منذ الصيف على جدول أعمال بايدن.
ولا تختلف استراتيجية الرئيس الديموقراطي جوهرياً عن تلك التي كانت سارية في عهد سلفه الجمهوري دونالد ترامب، إذ تصر إدارته على أن تبقى المنطقة “حرة ومفتوحة”، بعيدا عن “الترهيب” الصيني.
ويحاول فريق بايدن التركيز بشكل أكبر على قوة تحالفاته، رغم بعض السقطات كما حدث مع صفقة الغواصات النووية مع أستراليا التي أثارت غضب باريس بعد أن فسخت كانبيرا عقداً ضخماً لشراء غواصات فرنسية.
كذلك شدد بلينكن على ضرورة ضمان “إنترنت موثوق” و”آمن” بمواجهة الأنظمة المتسلطة التي تسعى إلى “حصر” أو “ضبط” الدخول إليه، وعلى عزم واشنطن على تعزيز “الازدهار” في المنطقة.
ووعد “سنعمل مع دول المنطقة لتوفير بنى تحتية عالية الجودة”، في انتقاد مبطن للمشاريع الصينية التي تعتبر غير مراعية للوظائف المحلية وللبيئة، ولها انعكاسات مضرة جدا على صعيد مديونية الدول التي تستفيد منها.
المصدر: © AFP
1994-2021 Agence France-Presse