اليونان تعرض كنوزا أثرية بالمجان بمناسبة اكتمال القمر

بمناسبة اكتمال القمر ليلة أمس الأحد، افتتح 120 موقعا أثريا ومتحفا أبوابه بالمجان ولساعات طويلة للزوار والسائحين باليونان، في مبادرة تأمل منها وزارة الثقافة أن “يطغى ضوء البدر على ظل الوباء”.

وقررت سلطات البلد المعروف بطقسه المشمس تخصيص النصيب الأوفر لليلة القمر تلك كي يتسنى للزوار تأمل هذه الظاهرة الطبيعية في أجواء خلابة.

وتسنى للمقيمين والسياح النفاذ بالمجان إلى كل كنوز البلد تقريبا، التاريخية منها والثقافية، على ضوء القمر، وفق ما جاء في بيان صادر عن الوزارة.

وكانت الخيارات وافرة للزوار، من موقع كاسوب في إيبيروس (شمال غرب) إلى قصر المعلمين الكبار بجزيرة رودس (جنوب شرق) مرورا بالمواقع الأثرية في أولمبيا وميستراس وكورنثوس ونيميا في شبه جزيرة بلبونس (جنوب غرب) أو تلك الواقعة في ثيفا (وسط) أو حتى قلعة كورفو (الغرب).

وأقيمت سلسلة من النشاطات أيضا بهذه المناسبة، من حفلات وعروض تمثيلية أو راقصة وجلسات شعرية وأخرى لمراقبة النجوم ومعارض بالمتاحف الأثرية وعدة مواقع في كريت وغيرها من الجزر في أرخبيل سيكلادس أو البحر الأيوني أو بحر إيجه.

ولم يكن موقع الأكروبوليس الشهير مدرجا بهذه النشاطات، لكن متحفه ظل مفتوحا بالمجان لساعة متأخرة من ليلة الأحد، فضلا عن الباحة المطلة على الصخرة المقدسة الشهيرة ليتسنى للزوار استبصار القمر بنوره الذي يضيء الأعمدة الرخامية حتى منتصف الليل.

وذلك على أمل أن يتناسى الجميع الوباء ومآسيه في ليلة يكون القمر فيها بدرا.

المتاحف والبروتوكول الصحي
وحرصت المتاحف والمواقع والبلديات على تطبيق البروتوكول الصحي بهذا السياق الوبائي، وفق ما قالت لوكالة الصحافة الفرنسية ألكسندرا أسبيوتي من المديرية العامة للآثار والتراث الثقافي التابعة لوزارة الثقافة، كما أشارت إلى أن بعض المواقع والفعاليات قُيدت بأعداد مخفضة أو بحجوزات مسبقة.

وبعد موسم عام 2020 الذي لم يسلم من شر وباء كورونا، تمكنت اليونان حتى الآن من اجتذاب 70% من إجمالي السياح الذين زاروا البلد سنة 2019، وفق ما كشف خريستوس ستايكوراس وزير المال.

وتعد السياحة قطاعا حيويا للاقتصاد اليوناني، وتشكل أكثر من 20% من إجمالي الناتج المحلي في البلد.

آمال تعافي الثقافة عالميا
وكان وزراء ثقافة مجموعة العشرين، وممثلو المنظمات الدولية ذات الصلة، قد أوصوا بإدراج الثقافة والتراث الثقافي، والقطاعات الإبداعية، في إستراتيجيات التعافي خلال فترة ما بعد فيروس كورونا المستجد، وذلك في “إعلان روما” الصادر بعد الاجتماع الوزاري الذي انعقد بالعاصمة الإيطالية نهاية يوليو/تموز الماضي.

وشدد الإعلان على أن الثقافة تلعب دورا مهما في تعزيز مرونة وتجديد الاقتصادات والمجتمعات التي تأثرت بشدة جراء تفشي فيروس كورونا، وتشكل أساسا متينا لذلك.

ولفت إلى أن القطاعات الثقافية والإبداعية مصدر مهم للعمل والدخل، مع مراعاة احتياجات هذه القطاعات، مؤكدا ضرورة التركيز على أهمية إطلاق العنان للقوة التحويلية للثقافة لدعمها ومعالجتها من تداعيات أزمة الوباء.

وربما لم تتضرر أي قطاعات أخرى بشدة من جائحة فيروس كورونا مثل تلك المرتبطة بالثقافة والفنون، إذ أغلقت قاعات الحفلات الموسيقية وتراكم الغبار على معروضات المتاحف حول العالم، ووجد مئات الآلاف من العاملين بهذه المجالات أنفسهم إما عاطلين عن العمل أو يترقبون مستقبلهم بقلق.

وإضافة لذلك، هناك الآثار المضاعفة وغير المباشرة، إذ لم يعد الأطفال يتلقون دروسا عن الثقافة والتاريخ في الأماكن العامة، كما يغيب المناخ الذي يهيئ الإبداع والتثاقف.

وقد خيم الصمت والهدوء على القطاع الثقافي وأنشطته الفترة الماضية، تأثرا بقرارات الإغلاق وتدابير الصحة والوقاية التي اتخذتها السلطات الحكومية بأغلب دول العالم، تجنبا لتفشي أكثر فداحة لجائحة فيروس كورونا. وواجهت المكتبات أوضاعا مختلفة تراوحت بين الإغلاق الكامل والجزئي، بحسب تقرير سابق للجزيرة نت.

ورغم أن معهد خدمات المتاحف والمكتبات الأميركي اعتبر أن خطر انتقال فيروس كورونا عبر ورق الكتب منخفض نسبيا استنادا لأبحاث نشرت بمجلات طبية، فقد لاحظ الاتحاد الدولي لجمعيات المكتبات أن بعض المكتبات فرضت فترة انتظار قبل التعامل مع الكتب المرتجعة والمعارة.

وبعد إغلاق المتاحف في معظم بلدان العالم، تحولت كثير من خدماتها إلى العالم الافتراضي لاجتذاب زوار إلكترونيين، ومع تخفيف إجراءات الحظر مؤخرا بدأت بعض المتاحف فتح أبوابها وسط تدابير صحية.

ولأنه لا يعرف على وجه التحديد متى يتوقع أن تعود الحياة لطبيعتها لينتعش قطاع الثقافة عالميا من جديد، يتشبث العديد من العاملين في المجال الثقافي بأمل عودة الحياة لطبيعتها، كما يعولون على خطط الدعم والتحفيز والإنعاش الحكومي من جهة، والتبرعات والمنح الخاصة من جهة أخرى، لمواجهة تداعيات أزمة عالمية غير مسبوقة.