بقلم هاشم عسيران
قُتل 20 شخصاً على الأقلّ وأصيب 79 بجروح لدى انفجار صهريج وقود في منطقة عكّار في شمال لبنان على ما أعلن الصليب الأحمر ووسائل الإعلام الرسمية الأحد، وسط أزمة محروقات حادة تشل المرافق العامة والخدمات في هذا البلد.
وأدت المأساة إلى اشتداد الضغط على المستشفيات فيما بدأت عملية تفتيش بحثا عن مفقودين جراء الحادث الذي وقع في وقت يعاني لبنان منذ أسابيع طويلة من نقص في المحروقات ينعكس سلباً على قدرة المرافق العامة والمؤسسات الخاصة وحتى المستشفيات على تقديم خدماتها.
وأوضح الصليب الأحمر على تويتر أنّ فرقه “نقلت 20 جثّة” من موقع انفجار صهريج وقود في بلدة التليل في عكّار إلى مستشفيات في المنطقة. وأضاف أنّ 79 شخصا آخرين أصيبوا بجروح.
وأفادت الوكالة الوطنية للإعلام أن الجيش كان صادر “خزان البنزين” الذي انفجر في إطار تحركاته لمنع أصحاب المحطات من تخزين الوقود، مشيرة إلى أن المصابين “كانوا بغالبيتهم ممن تجمعوا حول الخزان لتعبئة البنزين” منه.
وذكر مندوب الوكالة أن “قوة من الجيش حضرت في حينه لمعالجة الأمور وبعد مغادرة الجيش المكان ليلا، حصل تدافع كبير من قبل أبناء المنطقة لتعبئة ما تبقى من البنزين في الخزان، حيث حصل الانفجار”.
وأظهرت مقاطع فيديو انتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي حريقاً كبيراً في موقع الانفجار.
وقال رجل في شريط فيديو نشرته إحدى وسائل الإعلام المحلية ولم تتمكن وكالة فرانس برس من التثبت من صحته بشكل مستقل، “انظروا كيف تحترق الناس”.
وقال ياسين متلج، وهو موظف في أحد مستشفيات عكار، إنّ ما لا يقل عن سبع جثث وعشرات المصابين بحروق نقلوا إلى المستشفى.
وصرح لفرانس برس أن الجثث “محروقة إلى حدّ لا يمكننا التعرف إليها. بعضها بلا وجوه وبعضها بلا أيادٍ”.
وأوضح أن المستشفى اضطر إلى رفض استقبال معظم الجرحى لأنه غير مجهز لمعالجة المصابين بحروق بالغة.
– “حروق” –
وأفاد الأمين العام للصليب الأحمر اللبناني جورج كتانة أن فرق الإسعاف تلقت تقارير عن انفجار بعيد الساعة 2,00 (23,00 ت غ).
وحذر بأن المأساة ستزيد الضغط على المركزين الوحيدين لمعالجة الحروق في لبنان الواقعين في مدينة طرابلس الشمالية وفي العاصمة بيروت.
وقال موظف في مستشفى عكار طلب ذكر اسمه الأول فقط محمد أن المستشفى استقبل أكثر من ثلاثين مصابا بعد الانفجار.
وقال “كانوا جميعهم مصابين بحروق”، مضيفا أن المستشفى اضطر إلى رفض استقبالهم لأنه غير مجهز لمعالجة مثل هذه الحالات.
ونقل العديد من المصابين إلى مستشفى السلام في طرابلس على مسافة 25 كلم.
وشاهد مراسل وكالة فرانس برس مصابين يعانون من حروق في أطرافهم.
ومع اكتظاظ مستشفى السلام، نقل العديد من المصابين إلى مستشفى الجعيتاوي في بيروت الذي اكتظ بدوره بالمصابين.
وطلب وزير الصحة العامة في حكومة تصريف الأعمال حمد حسن في تغريدة من المستشفيات جميعها في عكار والشمال وصولا إلى بيروت استقبال الجرحى على نفقة وزارة الصحة العامة “من دون تردّد”.
ويشهد لبنان أزمة اقتصادية حادة صنّفها البنك الدولي من بين الأسوأ في العالم منذ العام 1850، تسببت بفقدان الليرة أكثر من تسعين في المئة من قيمتها فيما بات 78 في المئة من اللبنانيين يعيشون تحت خط الفقر و36 في المئة في فقر مدقع، بحسب مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية.
وأعلن الجيش السبت أنه باشر “عمليات دهم محطات الوقود ومصادرة الكميات المخزنة من مادة البنزين”، ونشر على مواقع التواصل الاجتماعي صورا يظهر فيها جنود يوزعون بأنفسهم البنزين على السيارات في محطات وقود.
وفي ظل انقطاع الكهرباء وتقنين المولدات الخاصة لعدم قدرتها على تأمين المازوت، أعلنت عدة مستشفيات مؤخرا أنها قد تضطر إلى الإغلاق.
وحذر مستشفى الجامعة الأميركية في بيروت السبت من “كارثة وشيكة” فأكد أنه سيضطر إلى “الإغلاق القسري … اعتبارا من صباح الإثنين نتيجة انقطاع الوقود”، مشيرا إلى أن ذلك سيتشبب بوفاة مئات المرضى.
– البحث عن مفقودين –
وذكرت الوكالة الوطنية للإعلام أن “المئات من أبناء عكار تجمعوا منذ ساعات الصباح الأولى في محيط موقع الانفجار في التليل حيث ضرب الجيش طوقا أمنيا حول المكان”.
وأضافت أن “عمليات المسح لا تزال مستمرة من قبل الجيش والصليب الأحمر اللبناني بحثا عن ضحايا ومفقودين محتملين”.
ودعا الرئيس ميشال عون إلى التحقيق في ملابسات الحادث.
ووقع الانفجار في عكّار بعد أقل من أسبوعين على إحياء لبنان الذكرى الأولى لانفجار مرفأ بيروت في 4 آب/أغسطس 2020 والذي أودى بحياة أكثر من 200 شخص.
ونتج الانفجار من كميات ضخمة من مادة نيترات الأمونيوم مخزنة منذ 2014 في المرفأ من دون إجراءات وقاية. وتبين أن موظفين ومسؤولين سياسيين وأجهزة أمنية وعسكرية كانوا يعلمون بمخاطر تخزينها.
إلا أنّ التحقيق المحلي يراوح مكانه ولم يفض إلى محاسبة أي كان،وسط اتهام الطبقة السياسية بعرقلته.
وعلق رئيس الوزراء السابق سعد الحريري على تويتر مؤكدا أن “مجزرة عكار لا تختلف عن مجزرة المرفأ” مضيفا “لو كان هناك دولة تحترم الإنسان لاستقال مسؤولوها بدءا برئيس الجمهورية إلى آخر مسؤول عن هذا الإهمال”.
المصدر: © AFP
1994-2021 Agence France-Presse