توصل باحثون أميركيون، بالتعاون مع باحثين من المغرب، إلى عملية واعدة لحماية البذور من إجهاد الجفاف، ونقص المياه خلال مرحلة الإنبات الحاسمة، مع تزويد النباتات بتغذية إضافية في نفس الوقت.
تم نشر نتائج الدراسة في مجلة “نيتشر فوود” (Nature Food) في 8 يوليو/تمّوز الجاري، ويقول الباحثون إن العملية، التي تخضع لاختبارات مستمرة، بسيطة وغير مكلفة، ويمكن نشرها على نطاق واسع في المناطق القاحلة.
قاد الدراسة بينيديتو ماريلي أستاذ الهندسة المدنية والبيئية في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا (Massachusetts Institute of Technology)، وشارك فيها أوغستين زفينافاش طالب الدكتوراه في نفس المعهد، وعلماء من جامعة الملك محمد السادس للفنون التطبيقية في المغرب.
مع استمرار ارتفاع الحرارة تتعرض العديد من المناطق القاحلة لضغوط متزايدة
طلاء البذور
مع استمرار ارتفاع درجات الحرارة، تتعرض العديد من المناطق القاحلة لضغوط متزايدة، مما قد يؤدي إلى نقص حاد في الغذاء.
وفي المناطق شبه القاحلة، التي تشكل حوالي 15% من أراضي العالم، تعد المياه العامل المحدد لإنتاج المحاصيل، ويعتبر الإجهاد المائي أثناء إنبات البذور والنمو المبكر للشتلات هو السبب الأكبر لفقدان المحاصيل، مع تأثير كبير على الأمن الغذائي لمليار شخص مهددين بالتصحر ويعيشون بالفعل في ظروف سوء التغذية.
وبالنسبة للتربة شبه القاحلة، يمكن تطبيق المركبات التي تحتجز الماء مثل البوليمرات المحبة للماء على البذور، أو خلطها في التربة قبل الزراعة لزيادة احتباس الماء. ومع ذلك، فإن تطبيق هذه البوليمرات يحتاج لعمالة وطاقة وغالبا ما يؤدي إلى إطلاق المواد البلاستيكية الاصطناعية في التربة.
وكنهج تكميلي، يمكن استخدام البكتيريا الجذرية المعززة لنمو النبات (PGPRs) لتحسين صحة النبات في ظروف ندرة المياه، ولكن استخدامها مقيد بمقاومتها المنخفضة لإجهاد الجفاف. وفي المقابل لا تتطلب تقنيات طلاء البذور استخدام المهارات والممارسات والموارد الزراعية التي لا تتوفر غالبا في المناطق شبه القاحلة من العالم.
أظهرت الاختبارات الأولية باستخدام الفاصوليا الشائعة نتائج واعدة
الطلاء الجديد
جاء الطلاء الجديد المكون من طبقتين نتيجة مباشرة لسنوات من البحث بواسطة ماريلي ومعاونيه في تطوير طلاءات للبذور لمنح فوائد مختلفة. ومكنت نسخة سابقة البذور من مقاومة الملوحة العالية في التربة، لكن الإصدار الجديد يهدف إلى معالجة نقص المياه.
وتم تصميم الطلاء الجديد، المستوحى من الطلاءات الطبيعية التي تحدث على بعض البذور مثل الريحان، لحماية البذور من الجفاف، وهو طلاء شبيه بالهلام يحتفظ بقوة بأي رطوبة.
وتحتوي الطبقة الداخلية الثانية من الطلاء على البكتيريا الجذرية المعززة لنمو النبات، وهي أسمدة بيولوجية تتفاعل مع جذور النباتات لزيادة توافر المغذيات والهرمونات النباتية، وتعزيز استجابة النبات للحرارة والتربة المالحة والجفاف، وتقوم الميكروبات بإصلاح النيتروجين في التربة، مما يوفر للشتلات النامية سمادا مغذيا.
أهمية الطلاء
يوضح ماريلي “نظرا لوجود دليل واضح على أن تغير المناخ سيؤثر على حوض منطقة البحر الأبيض المتوسط، فنحن بحاجة إلى تطوير تقنيات جديدة يمكن أن تساعد في التخفيف من هذه التغيرات في أنماط المناخ التي ستوفر كميات أقل من المياه للزراعة”.
ويضيف في بيان صحفي لموقع أخبار المعهد “هذه هي القيمة المضافة الحقيقية لطلاء البذور لدينا، لأن هذه الكائنات الدقيقة ذاتية التكاثر يمكنها إصلاح النيتروجين للنباتات، حتى تتمكن من تقليل كمية الأسمدة القائمة على النيتروجين التي يتم توفيرها، وإثراء التربة”.
ويقول الباحثون إن الاختبارات المبكرة، التي أجريت باستخدام تربة من مزارع اختبار مغربية، أظهرت نتائج مشجعة، وتجري الآن الاختبارات الميدانية للبذور.
في النهاية، إذا أثبتت الطلاءات قيمتها، من خلال مزيد من الاختبارات، فإنها تكون بسيطة بما يكفي بحيث يمكن تطبيقها على المستوى المحلي، حتى في المواقع النائية بالعالم النامي.
الخطوة التالية ستكون توسيع نطاق البحث ليشمل مجموعة متنوعة من بذور المحاصيل
ويؤكد ماريلي أن المواد اللازمة للطلاء متاحة بسهولة، وغالبا ما تستخدم بالفعل في صناعة المواد الغذائية. كما أن المواد قابلة للتحلل بشكل كامل، ويمكن بالفعل اشتقاق بعض المركبات نفسها من نفايات الطعام، مما يتيح الاحتمال النهائي لأنظمة الحلقة المغلقة التي تعيد تدوير نفاياتها باستمرار.
ويقول “النظام بسيط للغاية بحيث يمكن تطبيقه على أي بذرة. ويمكننا تصميم غلاف البذور للاستجابة لأنماط مناخية مختلفة.” ويضيف بأنه قد يصبح من الممكن أيضا تصميم الطلاءات وفقا لهطول الأمطار المتوقع لموسم نمو معين.
وقد أظهرت الاختبارات الأولية باستخدام الفاصوليا الشائعة نتائج واعدة، والخطوة التالية ستكون توسيع نطاق البحث ليشمل مجموعة متنوعة من بذور المحاصيل المهمة الأخرى. ويرى الباحثون أنه رغم أن العملية ستضيف مبلغا صغيرا إلى تكلفة البذور، فإنها قد تقلل الحاجة إلى الماء والأسمدة.