أوصت هيئات استشارية في منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (يونسكو) بإدراج مدينة البندقية الإيطالية والعاصمة المجرية بودابست على قائمة التراث العالمي المهدد، بينما قد تسحب مرفأ ليفربول التجاري البريطاني (أحد مراكز التجارة العالمية الكبرى في القرنين الثامن عشر والتاسع عشر) من لائحة التراث العالمي بسبب تطوره السريع جدا.
ونشرت هذه التوصيات قبل اجتماع لجنة التراث العالمي التي ستقرر اتباعها أم لا، ومن المقرر أن ينعقد الاجتماع في مدينة فوزهو الصينية من 16 إلى 31 يوليو/تموز.
البندقية وثمن السياحة
في البندقية، يشكل أثر الأنشطة السياحية الكثيفة أحد المعايير التي دفعت اليونسكو إلى طلب إدراج المدينة على لائحة التراث العالمي المهدد.
ورغم كونها واحدة من أكثر مدن العالم رومانسية، وتسابق في ذلك باريس وروما، فإن مدينة البندقية (فينيسيا) الإيطالية اكتسبت زخمها الحالي وثقلها التاريخي لأنها كانت مركزا تجاريا عالميا قبل أن تصبح قبلة العشاق.
المدينة الإيطالية المبنية على الماء كانت ذات يوم واحدة من القوى التجارية الكبرى في العالم، حتى أنها كانت بوتقة انصهار تجاري بين العالم الإسلامي والإمبراطورية البيزنطية في العصور الوسطى.
وقد اكتسبت سمعتها التاريخية ليس فقط بسبب موقعها الحساس بين العالم الإسلامي القديم والكتلة المسيحية الغربية، بل أيضا لكونها عدة جزر صغيرة ترتبط فيما بينها بممرات مائية وجسور لتكون منظرا جماليا مبهرا.
وقد جعلت الأبنية التاريخية -التي تعود لعصر النهضة- المدينة أشبه بنافذة على العالم القديم، ما تزال مفتوحة حتى اليوم.
وتناولت لوحات عدة المظهر التاريخي البانورامي للمدينة، وصورت فخامة الأبنية ووسيلة التنقل المستخدمة (الزوارق) قديما وحديثا، لكن يظل هناك رسامون مشهورون خلدت لوحاتهم عبق المدينة التاريخي.
ولعل أشهر أولئك جيوفاني أنطونيو كانال (18 أكتوبر/تشرين الأول 1697-19 أبريل/نيسان 1768) المعروف بكاناليتو، فقد كان رساما إيطاليا نشطا في عصر الباروك، واشتهر برسم المناظر الطبيعية البحرية لمدينة البندقية، ويخشى مراقبون ألا تظل المدينة التي تعد قبلة للسياح على حالها بسبب التغيرات التي تشهدها.
العاصمة المجرية وميناء ليفربول
في العاصمة بودابست، فإن ضفة نهر الدانوب وحي قصر بودا هما المعنيان بشكل خاص بمقترح الإدراج على قائمة المواقع المهددة، والسبب عمليات هدم “غير مناسبة” وإعادة بناء واسعة النطاق خصوصا المباني العالية جدا التي تشوه هذين الموقعين التاريخيين.
وفي ما يتعلق بميناء ليفربول التجاري، قد يكون قرار اليونسكو أشد لأنه يقترح سحب الموقع بالكامل من لائحة التراث العالمي.
وقد يترك مشروع تطوير أرصفة مدينة البيتلز المسمى “مياه ليفربول” أثرا سلبيا كبيرا خصوصا على المباني التاريخية بحسب اليونسكو.
ورغم التحذيرات المتكررة من اليونسكو فإن تطوير هذا المشروع لم يتوقف، وعبر رئيس بلدية ليفربول ستيف روثرام عن أسفه لاقتراح اليونسكو هذا.
وقال في بيان على شبكات التواصل الاجتماعي “إنه مخيب للآمال كثيرا. نحن فخورون بتاريخنا لكن تراثنا جزء حيوي من تنشيط” المدينة.
وأضاف “أطلب من (اليونسكو) قبول دعوتنا للمجيء وزيارة المدينة بدلا من اتخاذ قرارهم حول طاولة على الجانب الآخر من العالم”.
وبخلاف المواقع الأوروبية الثلاثة، هناك موقع آخر مهدد بالعقوبة ذاتها، وهو محمية سيلوس الطبيعية في تنزانيا، بسبب الصيد غير المنظم.