وفاة الشاعر العراقي سعدي يوسف بعد صراع مع المرض


توفي بالعاصمة البريطانية أمس السبت الشاعر العراقي سعدي يوسف عن عمر يناهز الـ87 عاما بعد معاناة مع مرض عضال في سنواته الأخيرة.

وكتب الشاعر والمترجم العراقي محمد مظلوم -على صفحته في فيسبوك- بيتا من قصيدة يوسف، مستفتحا بها بيانا رثائيا يرثي به صاحب القصيدة:
أيها الموت لا تفتخر
وسلاما أيها الولد الطليق.

وجاء في منشور مظلوم “نيابة عن أُسرة الشاعر، أنعى لكم سعدي يوسف. أنعى لكم أحد العقول الكبرى في الثقافة العربية. وضميرا شعريا تبنى طيلة مسيرته موقفا أخلاقيا جذريا لا مساومة فيه للقضايا الإنسانية العادلة على مدى ستة عقود ومن بينها موقفه من الغزو الأميركي لبلاده، وهو الموقف الذي دفع لأجله أفدح الأثمان وتحمل حملات التشنيع والتشويه بصبر الأنبياء وبسالة الفرسان.
نحيا حياة لا يليق بنا
إلا الكريمان فيها:
الطُّهرُ، والخطَرُ!
أنعى لكم سيِّدَ المنفى الذي لم يغادره الوطن.
أنعى لكم جبلا وكيف يمكن أن يرثى الجبل؟”

وبيّن محمد مظلوم الناعي الأول للراحل أن الشاعر سعدي يوسف قد توفي فجر أمس السبت في غربته ومكانه الأخير لندن. “لقد فاضت تلك الروح البهية المعطاءة مع الفجر كما يليق بشاعر صنع فجره في زمن الظلام العربي ففي تمام الساعة الرابعة وعشر دقائق من فجر يوم السبت، استراح المحارب مثلما استراحت آلهة الأساطير القديمة بعد اكتمال خليقتها، سعدي الذي اعتاد أن يستقبل الفجر بقصيدة جديدة استقبل فجر السبت بقصيدته الأخيرة وأغمض عينيه على رؤياه الأخيرة بينما كانت طيور الفجر تعلن ميلاد يوم جديد، يوم هو تاريخ جديد لرحلة خلود الروح في أبديتها”.

وجاء في بيان النعي أن الشاعر الراحل سيدفن في مقبرة “الهاي غيت” في لندن يوم غد الاثنين وبلا مشيعين؛ تنفيذا لوصيته. ومما جاء في البيان أن الشاعر الراحل كان مقتديا بجدِّه المتنبي “أنامُ ملءَ جفوني عن شواردها… ونامَ الأخضرُ ولم تنم قصيدته: خضرته التي ستبقى بستان عالمنا منذُ أن فتح عينه على تلك البساتين في قرية حمدان في بلدة أبو الخصيب في البصرة جنوب العراق”.

سعدي يوسف جاء بعد جيل رواد ما عرف بالشعر الحر
مسيرة حافلة
يذكر أن سعدي يوسف شاعر ومترجم عراقي، ولد في البصرة عام 1934، تخرج في دار المعلمين العالية ببغداد 1954 وحصل على “ليسانس شرف في آداب العربية”، وعمل في التدريس والصحافة الثقافية، وغادر العراق في السبعينيات، وكان مقيما في المملكة المتحدة منذ عام 1999. نال جوائز في الشعر، منها جائزة سلطان بن علي العويس، والتي سحبت منه لاحقا، والجائزة الإيطالية العالمية، وجائزة كافافي من الجمعية الهلّينية.

وفي العام 2005 نال جائزة فيرونيا الإيطالية لأفضل مؤلف أجنبي، وفي العام 2008 حصل على جائزة المتروبوليس في مونتريال في كندا.

وهو عضو هيئة تحرير “الثقافة الجديدة”، وعضو الهيئة الاستشارية لـ”مجلة نادي القلم الدولي” (PEN International Magazine)، وعضو هيئة تحرير مساهم في مجلة “بانيبال” (Banipal) للأدب العربي الحديث.

وله في الشعر 35 كتابا، بدأ بمجموعة “القرصان” عام 1952، وانتهى بمجموعة “صلاة الوثني” عام 2004، وترجم أكثر من 10 كتب شعرية لأدباء عالميين بدأها بـ”أوراق العشب” لوالت ويتمان عام 1979، وانتهى بـ”حليب مراق” لسارة ماغواير عام 2003.

وله 14 ترجمة لروايات عالمية بدأها برواية “تويجات الدم” لنغوجي واثيونغو عام 1982 وانتهى “في بلاد حرة” لنايبول، فضلا عن 8 كتب في غير الشعر بدأها بـ”نافذة في المنزل المغربي” عام 1974، وانتهى بكتاب “يوميات الأذى” عام 2005، إضافة إلى ترجمة كتبه إلى الإنجليزية والإيطالية والألمانية، وكتبت عنه العديد من الدراسات والرسائل والأطروحات الجامعية.