بقلم ماري جيفار
يستمع القضاء في إسبانيا الثلاثاء إلى زعيم جبهة بوليساريو ابراهيم غالي الذي رفعت شكويان في حقه بتهمة “التعذيب” وارتكاب “مجازر إبادة”، بعدما أثار استقباله في هذا البلد بداعي الاستشفاء شرارة أزمة بين الرباط ومدريد.
وادخل غالي زعيم “الجبهة الشعبيّة لتحرير الساقية الحمراء ووادي الذهب” (بوليساريو) في نيسان/أبريل إلى المستشفى في لوغرونيو بسبب مضاعفات إصابته بكوفيد-19 وسيستجوبه عبر الفيديو من مستشفى هذه المدينة الواقعة في شمال إسبانيا أحد قضاة المحكمة الوطنية العليا في مدريد في جلسة مغلقة مقررة عند الساعة 10,30 (الساعة 08,30 ت غ).
ولم يوجه الاتهام إلى غالي في أي من هذين الملفين. وفي ختام التحقيق، سيقرر القاضي بشأن الملاحقات قضائية من عدمها.
إلا أن هذه الجلسة هي محط اهتمام كبير في مدريد والرباط على حد سواء بعد توتر على أعلى المستويات في الشهر الأخير بلغ ذروته مع وصول نحو عشرة آلاف مهاجر في منتصف أيار/مايو إلى جيب سبتة الإسباني.
– إعادة فتح ملفات –
ويعود هذا الاستجواب إلى شكوى تشمل “الاعتقال غير القانوني والتعذيب وجرائم ضد الانسانية” رفعها العام 2020 فاضل بريكة المنشق عن جبهة بوليساريو والحاصل على الجنسية الإسبانية الذي يؤكد انه كان ضحية “تعذيب” في مخيمات اللاجئين الصحراوية في تندوف في الجزائر.
وكانت هذه الشكوى حُفظت لكن أعيد فتحها مطلع السنة الحالية.
ويعود الملف الثاني إلى العام 2007 وكان قد حُفظ أيضا وأعيد فتحه مع تواجد زعيم البوليساريو في إسبانيا.
وتقدمت بالشكوى العام 2007 الجمعية الصحراوية للدفاع عن حقوق الانسان بتهمة ارتكاب “مجازر إبادة” و”اغتيال” و”إرهاب” و”تعذيب” و “إخفاء” في مخيمات تندوف على ما أفادت هذه المنظمة ومقرها في إسبانيا.
ورفض القاضي مصادرة أوراق غالي الثبوتية لمنعه من مغادرة إسبانيا كما يطالب مقدمو الشكوى، مشددا على عدم وجود “مؤشرات واضحة” إلى “مشاركة” زعيم البوليساريو في الأفعال الواردة في الشكوى الثانية.
وكان غالي دعي إلى المثول في إطار هذه الشكوى العام 2016 عندما كان يفترض أن يتجه إلى إسبانيا للمشاركة في مؤتمر دعم للشعب الصحراوي لكنه ألغى زيارته في نهاية المطاف.
وكان المغرب اعتبر الاثنين أن الأزمة “لن تحل بالاستماع” إلى غالي فقط، مشددا على أنها “تستوجب من إسبانيا توضيحا صريحا لمواقفها وقراراتها واختياراتها”. وشددت وزارة الخارجية على أن القضية تشكّل “اختبارا لمصداقية الشراكة” بين البلدين.
ورد رئيس الوزراء الإسباني بيدرو سانشيز بقوله إن “من غير المقبول” أن “يهاجم المغرب حدود إسبانيا” من خلال السماح لمهاجرين بدخول سبتة بسبب” خلافات على صعيد السياسة الخارجية”.
– “مجرم حرب” بالنسبة للرباط –
وذكرت صحيفة “إل باييس” الإسبانية أن زعيم بولريساريو وصل إلى إسبانيا فيما “حياته بخطر” بسرية تامة في 18 نيسان/أبريل في طائرة طبية وضعتها في تصرفه الرئاسة الجزائرية حاملا جواز سفر دبلوماسيا”.
وادخل بعد ذلك إلى المستشفى في لوغرونيو تحت اسم مستعار “لأسباب أمنية” ما دفع القاضي إلى إيفاد عناصر من الشرطة مطلع أيار/مايو إلى المكان للتحقق من هويته وإبلاغه بالاستدعاء.
وردا على استقبال غالي الذي تعتبره الرباط “مجرم حرب”، فتحت القوات المغربية قبل أسبوعين الحدود مع سبتة ما أثار موجهة هجرة غير مسبوقة.
وتطالب بوليساريو مدعومة من الجزائر بإجراء استفتاء تقرير مصير في الصحراء الغربية أقرّته الأمم المتحدة، في حين يقترح المغرب الذي يسيطر على ثلثي هذه المنطقة الصحراوية منحها حكماً ذاتياً تحت سيادته.
وتعتبر الأمم المتحدة الصحراء الغربية البالغة مساحتها 266 ألف كيلومتر مربع من ضمن “الأقاليم غير المتمتعة بالحكم الذاتي” في ظل عدم وجود تسوية نهائية لوضعها.
وكانت الجبهة أعلنت استئناف القتال في تشرين الثاني/نوفمبر الماضي بعد حوالى ثلاثة عقود من سريان وقف لإطلاق النار، وقد جاء ذلك إثر تنفيذ المغرب عملية عسكرية في منطقة في أقصى جنوب الصحراء الغربية.
المصدر: © AFP