“هناك نسبة معينة من هذا الحجم من البلاغات التي قام بها مراقبون موثوقون لأشياء لا تصدق نسبيا. هذه هي مجموعة المشاهدات التي نحاول في الوقت الراهن حلّها”.
كانت هذه هي الطريقة التي عالج بها الجنرال في سلاح الجو الأميركي -اللواء جون سامفورد- قضيةَ “الأجسام الطائرة المجهولة” (“Unidentified Flying Objects “UFOs) بعد رؤية إحداها في يوليو/تموز 1952 في العاصمة واشنطن.
ظواهر جوية غير محددة
وقال الكاتب توم روغان -في تقريره الذي نشرته صحيفة “الإندبندنت” (Independent) البريطانية- بعد 69 عاما أصبحت العاصمة الأميركية تعج مرة أخرى بالحديث عن الأجسام الطائرة المجهولة، أو ما تشير إليه حكومة الولايات المتحدة على أنه “ظواهر جوية غير محددة”.
ولا يُعتبر ذلك حالة جنون جماعي؛ وبدلا من ذلك، تعكس الثرثرة حقيقة مثبتة في الوقت الراهن تتمثّل في أن بعض الأجسام الطائرة المجهولة تُعتبر أشياء حقيقية غير معروفة.
بعد 69 عاما، أصبحت العاصمة الأميركية تعج مرة أخرى بالحديث عن الأجسام الطائرة المجهولة (غيتي)
تقدّر حكومة الولايات المتحدة أن بعض الأجسام الطائرة المجهولة -أي تلك التي لم تكن ظواهر جوية أو طائرات أو بالونات أخطأ الناس في التعرف إليها- حقيقية للغاية، لدرجة أن المفتش العام في البنتاغون بصدد التثبت حاليا في التحقيق الجاري بقيادة البحرية حول الأجسام الطائرة المجهولة.
ووقع تصميم تحقيق المفتش العام لضمان القيام بكل ما يمكن القيام به لجمع المزيد من المعلومات، ولا يُعدّ ذلك كل شيء؛ إذ ستقدم أجهزة المخابرات الأميركية تقريرا تقييميا عامّا حول الأجسام الطائرة المجهولة هذا الصيف، وذلك استجابة لطلب صريح من لجنة المخابرات بمجلس الشيوخ.
قلق حقيقي
وكما يوحي بيان الجنرال سامفورد؛ فقد كانت الحكومة الأميركية تعرف أن الأجسام الطائرة المجهولة تشكل مصدر قلق حقيقي منذ الحرب العالمية الثانية على الأقل.
لكن شيئين تغيرا في الأعوام القليلة الماضية؛ أولا، تحدث لو إليزوندو علنا، وفي الواقع تقدم إليزوندو -الذي ترأس برنامج أبحاث الأجسام الطائرة المجهولة في البنتاغون في عهد الرئيس الأميركي الأسبق باراك أوباما وأثناء بداية رئاسة دونالد ترامب- ليقترح أن تحقيق الحكومة حول الأجسام الطائرة المجهولة لم يكن مزودا بالموارد الكافية.
وقد نَقل تقرير لصحيفة “نيويورك تايمز” (New York Times) -نُشر في ديسمبر/كانون الأول 2017- تعليقات إليزوندو، كما تضمّن 3 مقاطع فيديو تظهر اعتراض مقاتلات البحرية الأميركية للأجسام الطائرة المجهولة في عامي 2004 و2015.
هناك بيانات موثوقة للغاية وتسجيلات شهود لتكرار مشاهدات الأجسام الطائرة المجهولة بالقرب من المواقع العسكرية الأميركية الحساسة (غيتي)
وأضاف الكاتب أنه ما تغير أيضا هو أن هناك بيانات موثوقة للغاية وتسجيلات شهود لتكرر مشاهدات الأجسام الطائرة المجهولة بالقرب من المواقع العسكرية الأميركية الحساسة، ويدعو هذا الأمر للتفكير في أمرين آخرين قالهما الجنرال سامفورد في عام 1952.
يتمثّل الأول فيما وصفه سامفورد بأنه “الصعوبة الأساسية للجيش في التعامل مع الأجسام الطائرة المجهولة الحقيقية؛ حيث لا يوجد قياس لها يجعل من الممكن علينا أن نضعها في أي نمط يكون نافعا لتحليل متعمد ومخصص لاتخاذ الخطوة التالية”. وفي الواقع، يعني أن الرادار العسكري الحديث والأقمار الصناعية والسونار والفيديو وقدرات الاستشعار الأخرى؛ كلها أمور لم تعد تُمثّل مشكلة.
تتحدى فهمنا للفيزياء
من جانبه، قال سامفورد “توصلنا حتى الآن إلى نتيجة ثابتة واحدة فقط فيما يتعلق بهذه النسبة المئوية المتبقية، وهي أنها لا تحتوي على أي نمط من الغرض أو الاتساق الذي يمكننا أن نعتبره تهديدا للولايات المتحدة”. ومن المحتمل أن يكون هذا البيان صحيحا في ذلك الوقت، لكنه غير دقيق بشكل واضح اليوم.
على سبيل المثال، ضع في اعتبارك أن هناك تآزرا راسخا بين المفاعلات النووية العسكرية الأميركية والأسلحة ومشاهدات الأجسام الطائرة المجهولة. من جانبها، تشير تقييمات البحرية السرية إلى أن هذا هو على الأقل أحد الأسباب التي تجعل حاملات الطائرات والغواصات تستمر في العثور على الأجسام الطائرة المجهولة.
هناك زيادة في حجم وجودة البيانات التي جُمعت خلال مشاهدات الأجسام الطائرة المجهولة (غيتي)
بالإضافة إلى ذلك، هناك زيادة في حجم وجودة البيانات التي جُمعت خلال مشاهدات الأجسام الطائرة المجهولة؛ فلقد شاهد المراقبون العسكريون المدربون -بما في ذلك الطيارون والرادار والسونار ومشغلو أجهزة استشعار الأقمار الصناعية- الأجسامَ الطائرة المجهولة التي تعمل بطرق غير عادية تتحدى فهمنا للفيزياء، بصفة متكررة.
شيء مثير للاهتمام يحدث
وأوضح الكاتب أن كل مسؤول حكومي نشط وسابق تحدث إليه؛ أشار إلى أن هذه الأجسام الطائرة المجهولة الأكثر إقناعا ليست من المنطقة 51 أو من “مشروع أسود” أميركي سري آخر. علاوة على ذلك، يعتقد العديد من المسؤولين الحكوميين أيضا أنه من غير المرجح أن تُشغّل الصين أو روسيا أو عبقري التكنولوجيا مثل “إيلون ماسك” هذه الأجسام الطائرة المجهولة.
وخلال العام الماضي، أكّد كل من الكاتب وتيم ماكميلان -من موقع “ذا ديبريف” (The Debrief)- بشكل منفصل أن طياري البحرية -الذين كانوا يقودون طائرة مقاتلة من طراز “إف-18” (F-18)- صوّروا جسما غامضا على شكل مثلث يرتفع من المحيط وينطلق بسرعة عالية نحو الأعلى.
تأخذ حكومة الولايات المتحدة تحقيقات الأجسام الطائرة المجهولة على محمل الجد (غيتي)
وفي الواقع، لا توجد دولة معروفة لديها منصات جوية تشبه هذه المنصات. وعندما ننظر إلى منصات المركبات الأميركية والصينية والروسية الأكثر تقدما -التي تفوق سرعتها سرعة الصوت- لا يمكنها أن تغوص تحت الماء ولها حدود سرعة أقل بكثير، كما تعتمد على الدفع بوقود الطائرات النفاثة.
وختم الكاتب بالقول إن هناك شيئا مثيرا للاهتمام يحدث؛ ربما هناك دول أو أفراد يعيشون على كوكبنا حققوا مآثر تكنولوجية لم نكن نتخيلها في السابق، أو ربما شهدنا ظاهرة تأتي من مكان آخر. في كلتا الحالتين، تأخذ حكومة الولايات المتحدة مثل هذه التحقيقات على محمل الجد.
المصدر : إندبندنت