بقلم باسم أبو العباس
تتواصل محاولات تحرير سفينة الحاويات الضخمة العالقة بقناة السويس منذ الثلاثاء، باستخدام القاطرات والجرافات الثقيلة، فيما تبقى الملاحة معطلة لليوم الرابع على التوالي في هذا المجرى المائي البالغ الأهمية على صعيد حركة التجارة البحرية عالمياً.
وأعلنت شركة “برنارد شولته شيبمانجمنت” (بي أس أم) ومقرها سنغافورة التي تشرف على الإدارة التقنية للسفينة في بيان فشل محاولة الجمعة لتعويم ناقلة الحاويات البالغ طولها 400 متر.
إلا أنّ الفريق أسامة ربيع، رئيس هيئة قناة السويس، أكد في بيان مساء الجمعة “مواصلة جهود” التعويم، معلناً “بدء مناورات القطر للسفينة الجانحة من خلال تسع قاطرات عملاقة (…) وذلك بعد انتهاء أعمال التكريك بمنطقة مقدمة السفينة”.
وأوضح أن “مناورات القطر تتطلب توافر عدة عوامل مساعدة أبرزها اتجاه الرياح والمد والجزر مما يجعلها عملية فنية معقدة لها تقديراتها وإجراءاتها ومحاولاتها المتعددة وفقا لمواضع واختبارات الشد”.
وكانت الهيئة أشارت في بيان صباحاً إلى أنه تم الانتهاء من تجريف الرمال المحيطة بالسفينة بنسبة “نحو 87%، بمعدلات تكريك (تجريف) تقترب من 17 ألف متر مكعب من الرمال”.
وتعلق هيئة قناة السويس حركة الملاحة بشكل موقت لحين إعادة تعويم السفينة العملاقة التي سدّت القناة بالكامل.
وصباح الثلاثاء، جنحت سفينة الحاويات “إم في إيفر غيفن” في الناحية الجنوبية للقناة، قرب مدينة السويس. ويبلغ طول السفينة التي كانت تقوم برحلة من الصين إلى روتردام 400 متر وعرضها 59 متراً وحمولتها الإجمالية 224 ألف طن.
– عروض دولية للمساعدة –
وأفادت هيئة قناة السويس في بيان الجمعة أنها تلقت عرضا أميركيا “للمساهمة في تلك الجهود”، مؤكدة أنها تتطلع “للتعاون معها في هذا الصدد تقديرا لهذه المبادرة الطيبة”.
وأكدت الهيئة أنها تلقت عروضا أخرى للمساعدة دون تسمية الدول.
وعرضت تركيا الجمعة إرسال قاطرة لمساعدة مصر في تعويم السفينة الجانحة في الوقت الذي تحاول اصلاح العلاقات مع دول اقليمية.
ومساء الخميس قال الفريق مهاب مميش، مستشار الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي لمشروعات قناة السويس، في تصريح لوكالة فرانس برس، إنّ حركة الملاحة في القناة ستُستأنف “في غضون 48 إلى 72 ساعة كحدّ أقصى”.
وأتى تصريح مميش بعدما قالت شركة “سميت سالفدج” الهولندية التي كلّفتها مجموعة “إيفرغرين مارين كورب” المشغّلة للسفينة المساعدة في التعويم، إن العملية قد تستغرق “أياماً أو حتى أسابيع”.
وشبّه بيتر بيردوفسكي المدير التنفيذي لشركة “رويال بوسكاليس”، الشركة الأم للشركة الهولندية، مساء الأربعاء السفينة بـ”حوت ثقيل جدا على الشاطئ”.
– رأس الرجاء الصالح –
وتدرس كبرى شركات الشحن الدولية مثل ميرسك وهاباج لويد، البدائل الممكنة لتخطي أزمة تكدس السفن أمام تعطل المجرى الملاحي المصري.
وتقول شركة أخبار وبيانات الشحن العالمية “لويدز ليست” إن سفينة حاويات “إيفر جريت” المتوجهة إلى قناة السويس، وهي سفينة حاويات بنفس حجم وسعة السفينة الجانحة، “تحول وجهتها الآن إلى رأس الرجاء الصالح”.
وأفادت الشركة بأن “طابور انتظار عبور قناة السويس” يضم أكثر من 200 سفينة “عالقة الآن بسبب الغلق”.
وأشارت “لويدز ليست” إلى أن “الحسابات التقريبية” تفيد بأن حركة السفن اليومية من آسيا إلى أوروبا تُقّدر قيمتها بحوالي 5,1 مليار دولار ومن أوروبا إلى آسيا تُقّدر بنحو 4,5 مليار دولار.
وقال مسؤول روسي رفيع الجمعة إن تعطل الملاحة في قناة السويس يبرز أهمية تطوير الممر البحري عبر القطب الشمالي، الذي بات يمكن استخدامه في شكل متزايد بسبب التغير المناخي.
ويتوقع أن يبطئ الحادث النقل البحري لأيام إلا أن التبعات الاقتصادية ستبقى محدودة مبدئياً في حال لم يطل أمد الوضع، على ما أفاد خبراء.
وذكر بيورنار تونهوغن من مكتب “رايستاد” أن التبعات على الأسعار ستكون رهن فترة التعطيل موضحا لوكالة فرانس برس أنه “يرجح أن تكون الآثار ضعيفة وموقتة”.
وأضاف “أما اذا استمر التعطيل لأيام فقد يكون لذلك آثار أكبر على الأسعار ولفترة أطول”.
وكانت أسعار النفط قد شهدت ارتفاعا ناتجا عن تعطل الملاحة في قناة السويس على مدار اليومين الماضيين.
وقال رانجيث راجا المسؤول عن الأبحاث النفطية في شركة ريفينيتيف الأميركية للبيانات المالية “لم نشهد مثيلا لهذا من قبل، لكن من المحتمل أن يستغرق الازدحام (…) عدة أيام أو أسابيع حتى يخف”.
تؤمن قناة السويس عبور 10 في المئة من حركة التجارة البحرية الدولية، وتشكّل صلة وصل بين أوروبا وآسيا.
افتتحت القناة التي تربط بين البحرين الأحمر والمتوسط في 1869. وأعلن الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي في 2015 مشروعا لتطوير القناة يهدف إلى تقليل فترات الانتظار ومضاعفة عدد السفن التي تستخدمها بحلول عام 2023. ولهذه الغاية، حفر المصريون في 2014 مجرى جديدا هو الذي علقت فيه سفينة الحاويات.
المصدر: © AFP