واشنطن – وكالات مواقع
بدأت الضغوط الأميركية على إيران تظهر جليا ولا سيما في القطاع البحري، بعد احتجاز بريطانيا سفينة الشحن الإيرانية غريس 1، للاشتباه في نقلها نفطا إلى سوريا، الأمر الذي يتعارض وإجرءات أوروبية.
وكشف تحقيق أجرته وكالة رويترز حجم المتاعب التي تتعرض لها إيران جراء العقوبات الأميركية، والجهود التي تبذلها بحثا عن سبل تضمن إبحار سفنها بشكل طبيعي.
وحسب قوانين الإبحار الدولية، ينبغي على سفن الشحن رفع أعلام تكشف عن هويتها وتسمح لها بالإبحار بشكل قانوني، لكن غريس 1، ولسبب ما، فقدت علمها في طريقها إلى المتوسط، وتوقفت في نهاية مايو الماضي للتسجيل في بنما.
وتبقى السفينة الإيرانية محتجزة في بريطانيا، ليس بسبب علمها، ولكن للاشتباه في نقلها نفطا إلى سوريا، في انتهاك لعقوبات الاتحاد الأوروبي، وهو ما تنفيه إيران.
ومع ذلك، ينظر إلى شطب بنما السفينة من سجلاتها في منتصف الرحلة، كجزء من ضغط عالمي على سفن الشحن الإيرانية.
شطب عشرات السفن الإيرانية
وتبحث بنما وبعض الدول المعنية بتسجيل السفن عن كثب في آلاف السفن الموجودة في سجلاتها للتأكد من امتثالها للعقوبات الأميركية التي أعيد فرضها على إيران العام الماضي، وتم تشديدها أكثر لاحقا.
وفي الأشهر الأخيرة أقدمت عدة دول على شطب عشرات الناقلات الإيرانية من سجلاتها، مما شدد الخناق الاقتصادي على طهران.
وأظهر تحليل رويترز لبيانات سجل الشحن أن بنما، أهم دولة للتسجيل البحري في العالم، ألغت وحدها إدراج حوالي 55 ناقلة إيرانية منذ يناير، وألغت توغو ثلاثا على الأقل، وسيراليون واحدة، وهو أمر رحبت به الولايات المتحدة التي تسعى لتصفير صادرات النفط الإيرانية.
ويمثل هذا الرقم غالبية أسطول إيران التشغيلي من الناقلات ويمثل شريان الحياة للاقتصاد الذي يسيطر عليه النفط، على الرغم من احتمال لجوء إيران إلى تسجيل سفنها تحت أعلام دول أخرى.
وحينما تفقد سفينة علمها، فإنها عادة ما تفقد غطاء التأمين إذا لم تجد بديلا على الفور، وقد يتم منعها من الاتصال في الموانئ.
وتفرض السجلات الدولية رسوما على مالكي السفن لاستخدام أعلامها وتقديم حوافز ضريبية لجذب الأعمال. وقالت إيران إنها لا تزال لديها الكثير من الخيارات.
وفي السياق نفسه، أفاد مسؤول ملاحي إيراني، عندما سئل عن ناقلات النفط: “هناك الكثير من شركات الشحن التي يمكننا استخدامها. على الرغم من الضغوط الأميركية. تسعد عدة دول صديقة بمساعدتنا وعرضت مساعدتنا فيما يتعلق بهذه القضية”
لكن بعض الدول أبدت حذرها، ومنها ليبيريا، صاحبة ثالث أكبر سجل للشحن البحري في العالم، وقد حددت قاعدة بياناتها تلقائيا السفن التي لها ملكية إيرانية أو اتصالات أخرى بالدولة.
وقالت ليبيريا إنها تعمل عن قرب مع السلطات الأميركية لمنع ما أسمته “النشاط الخبيث” في التجارة البحرية.
مشكلة العلم الإيراني
وفي العديد من الحالات، أعادت إيران إدراج السفن تحت علمها، مما يعقد الجهود لنقل النفط والسلع الأخرى من وإلى البلدان القليلة الراغبة في التعامل معها.
وقال بعض المتخصصين في الشحن، إن العلم الإيراني يمثل مشكلة لأن الأفراد العاملين في السجل في إيران يمكن إدراجهم تحت العقوبات الأميركية، مما يعني أن أي شخص يتعامل مع السفن المعاقبة قد تطاله العقوبات أيضا.
وقال مايك سولتهاوس، نائب المدير العالمي بشركة تأمين السفن البريطانية “بي آند آي”: “لن تتمكن معظم شركات التأمين أو البنوك من التعامل مع العلم الإيراني لأنها بذلك في الواقع تتعامل مع الدولة الإيرانية”.
وقال محقق في عقوبات الأمم المتحدة طلب عدم نشر اسمه “من بين المشكلات التي تواجهها سفينة ترفع العلم الإيراني وجود فرصة بنسبة 50 في المئة في قيام ضابط الجمارك بالتفتيش، ما يعني أن الشحنة ستتأخر.. وكل هذا يضيف إلى التكاليف.”
ملاحقة دولية
وقال دبلوماسي أميركي سابق، إن واشنطن كانت على اتصال دائم مع بنما ودول العالم الأخرى للحفاظ على سلامة سجلات السفن.
وأوضح متحدث في الولايات المتحدة: “سنستمر في تعطيل شحنات فيلق القدس غير المشروعة من النفط، والتي تستفيد منها الجماعات الإرهابية مثل حزب الله ونظام الأسد (في سوريا)”.
وأضاف المتحدث أنه “جرى حرمان حوالي 80 ناقلة تشارك في أنشطة خاضعة للعقوبات من الأعلام التي تحتاج إليها للإبحار”
وفي الأسابيع الثلاثة الأولى من يونيو، صدرت إيران حوالي 300 ألف برميل يوميا، وهو جزء يسير من 2.5 مليون برميل يوميا شحنتها إيران قبل إخراج الرئيس دونالد ترامب بلاده في مايو من العام الماضي من الاتفاق النووي لعام 2015.
وشددت بريطانيا الخناق على إيران عندما ضبطت ناقلة “غريس 1” في الرابع من يوليو ، متهمة إياها بانتهاك العقوبات المفروضة على سوريا.
كما اضطرت سفينتان ترفعان العلم الإيراني منذ عدة أسابيع إلى التوقف في الموانئ البرازيلية، بسبب نقص الوقود الذي رفضت شركة النفط الحكومية بتروبراس بيعهما لهما بسبب العقوبات الأميركية.
تغيير الأسماء
ويشير حادث وقع قبالة ساحل باكستان، في الشهر الماضي، إلى المدى الذي وصلت إليه إيران من أجل مواصلة التداول.
وغادرت شركة الشحن الإيرانية “حيان”، من ميناء بندر عباس الإيراني، في 3 يونيو، وتوجهت إلى كراتشي على الساحل الباكستاني، وفقا لبيانات تتبع السفن من محللي المخاطر البحرية ويندوارد.
وفي 7 يونيو، غيرت اسمها إلى مهري الثاني وعلامة ساموا، كما أظهرت البيانات، وهي تشق طريقها نحو ميناء كراتشي.
وبعد ستة أيام، نقلت السفينة شحنتها إلى سفينة أخرى على ساحل باكستان، ثم عادت إلى بلادها، وغيرت علمها إلى إيران واسمها، وعادت إلى الاسم الأول حيان.
وقال المتحدث باسم وكالة الأمن البحري الباكستانية، عمران الحق، إن السلطات ليس لديها معلومات في هذا الشأن.
واستخدمت إيران مرارا عمليات التفريغ من سفينة إلى أخرى لنقل منتجات النفط منذ إعادة فرض العقوبات الأميركية.
وتُظهر بيانات الشحن أيضا أن سفينة شحن منفصلة مملوكة لإيران، وهي “يا حيدر”، كانت تبحر حول الخليج وترفع علم ساموا، التي نفت أنها سمحت لإيران بتسجيل سفن تحت علمها.
وقالت أنستاشيا أموا ستورس، من الإدارة البحرية بوزارة الأشغال والنقل والبنية التحتية في ساموا: “إن السفن المذكورة حيان أو يا حيدر غير مدرجة ولم يتم تسجيلها من قبل، ولا يتم تسجيلها في سجل ساموا للسفن”.
وقالت أموا-ستورز إن أي سفينة أجنبية ترفع علمها كانت تفعل ذلك بطريقة غير قانونية.