بعد أكثر من 80 عاما على رسم رئيس الوزراء البريطاني الأسبق ونستون تشرشل لوحته “برج جامع الكتبية”، أعلنت المالكة الحالية للوحة، وهي الممثلة الأميركية الشهيرة أنجلينا جولي، عرضها في مزاد علني بلندن.
ومن المقرر أن تعرض “مجموعة عائلة جولي” اللوحة في مزاد لدار مزادات كريستيز للفن البريطاني الحديث في لندن، في الأول من مارس/آذار 2021، بسعر يراوح بين 2 مليون و3.5 ملايين دولار، لتحقق اللوحة بذلك رقما قياسيا في تاريخ المزاد.
تاريخ سياسي وفني
وتعدّ لوحة “برج جامع الكتبية” جزءا من التاريخ السياسي والفني لهوليود، فقد رسمها تشرشل عام 1943، وقدمها هدية إلى الرئيس الأميركي فرانكلين روزفلت.
فبعد أن حضر الزعيمان روزفلت وتشرشل مؤتمرا في مدينة الدار البيضاء في يناير/كانون الثاني عام 1943، حيث كانا يضعان إستراتيجيتهما لهزيمة ألمانيا في الحرب العالمية الثانية، قاما بزيارة مراكش حيث تمكن تشرشل من إظهار سحر المدينة للرئيس الأميركي.
وذكرت صحيفة “تلغراف” (Telegraph) البريطانية، أن روزفلت أراد العودة مباشرة بعد المؤتمر إلى الولايات المتحدة، إلا أن تشرشل أصرّ على ذهابهما إلى مراكش أولا، وقال له “لا يمكنك المجيء إلى شمال أفريقيا دون الذهاب إلى مراكش، ومشاهدة غروب الشمس على جبال الأطلس”.
وتصوّر اللوحة تفاصيل مسجد الكتبية ومحيطه في مدينة مراكش وقت غروب الشمس، وتندمج معه في الخلفية جبال الأطلس بمنظرها الطبيعي الخلاب، وهي اللحظة ذاتها التي تشاركها الزعيمان أثناء وجودهما في المدينة المغربية.
وبعد وفاة روزفلت عام 1945، قرر ابنه بيع اللوحة، وتنقلت بين عدد من المالكين، حتى اشتراها الممثل الأميركي براد بيت عام 2011 وأهداها إلى جولي، قبل أن ينفصل الزوجان عام 2016 بعد عامين من الزواج، ولا يزال طلاقهما مستمرا.
أفضل لوحات تشرشل
وذكر موقع شبكة “سي إن إن” (CNN) الأميركي أن تشرشل الذي عرف عنه إبداعه الفني، قد رسم لوحات عدة في المغرب قبل بدء الحرب، إلا أن “برج جامع الكتبية” هي العمل الوحيد المعروف الذي أكمله بين عامي 1939 و1945.
وقال نيك أوركارد، رئيس الفن البريطاني الحديث في دار كريستيز للمزادات، في بيان، إن اللوحة “هي العمل الوحيد الذي قام به تشرشل في أيام الحرب، وربما دفعه إلى ذلك التقدم الذي أحرزه حلفاء الحرب، أثناء وجوده في البلد الذي عدّه أحد أجمل البلدان التي زارها”.
ووصف أوركارد “برج جامع الكتبية” بأنها “أفضل لوحة رسمها ونستون تشرشل نظرا لأهمية الموضوع بالنسبة له، وحقيقة أنها تعكس مدى عمق وأهمية الصداقة بين الزعيمين”.
وقال تاجر التحف بيل راو، الذي كان يمتلك اللوحة سابقا، لشبكة “سي إن إن”، إن “اللوحة أُهديت إلى ابن الرئيس روزفلت، وهو بدوره باعها لصانع أفلام في الستينيات”.
وتابع “بعد ذلك انتهى الأمر باللوحة في مدينة نيو أورليانز الأميركية، حيث احتُفظ بها في خزانة عائلة محلية لأكثر من 50 عاما قبل أن ترثها واحدة من أفراد العائلة وتتواصل مع معرض التحف الشهير “إم. إس. راو” (M.S. Rau)”.
ومن المتوقع أن يكون الإقبال على اللوحة كبيرا، نظرا لشهرة مالكتها جولي، وكذلك قيمة راسمها تشرشل، فهو من أهم الزعماء في التاريخ، وإلى جانب انتصاراته السياسية، كان أحد أفضل الفنانين والكتّاب البريطانيين، وحاز نوبل للآداب عام 1953.