فرقت قوات الأمن البورمية بعنف الأحد تظاهرات مناهضة للانقلاب العسكري في جميع أنحاء البلاد حيث تحدثت تقارير عن مقتل ثلاثة محتجين على الأقل خلال الحملة القمعية.
وصعّدت المجموعة العسكرية الحاكمة استخدامها للقوة خلال عطلة نهاية الأسبوع ضد الاحتجاجات الضخمة التي تطالبها بالتخلي عن السلطة وإطلاق سراح الزعيمة المدنية المخلوعة أونغ سان سو تشي.
وكان عناصر الشرطة والجيش استخدموا الرصاص المطاطي والغاز المسيل للدموع وخراطيم المياه لتفريق المتظاهرين خلال الأسابيع الأخيرة في محاولة لوقف حملة العصيان المدني، مع استخدام الذخيرة الحية في بعض الحالات.
وصباح الأحد، احتشدت أعداد كبيرة من القوات الأمنية من أجل تفريق متظاهرين تجمعوا في أجزاء مختلفة من البلاد استجابة لدعوات عبر الإنترنت للنزول إلى الشوارع مرة أخرى.
وقتل ثلاثة أشخاص وجرح أكثر من عشرين آخرين بعدما تدخلت قوات الأمن لفض احتجاج في مدينة داوي الساحلية في جنوب البلاد، وفقا لمسعف متطوع وتقارير إعلامية محلية.
وقال المسعف بياي زاو هين لوكالة فرانس برس إن الثلاثة “قتلوا بالرصاص الحي” فيما اصيب الجرحى بالرصاص المطاطي. وأضاف “قد يكون هناك المزيد من الضحايا إذ يستمر تدفق الجرحى”.
وأكدت منظمة “داوي ووتش” المحلية مقتل ثلاثة أشخاص في الحادث.
وبدأت عناصر الشرطة في رانغون تفريق تجمع في منطقة بوسط المدينة قبل دقائق من بدء الاحتجاج المقرر، لكن لم يتضح ما إذا كانوا قد استخدموا الذخيرة الحية.
وقالت إيمي كياو وهي أستاذة في مدرسة ابتدائية تبلغ من العمر 29 عاما في حي وسط مدينة رانغون “بدأت الشرطة إطلاق النار فور وصولنا”. واضافت “لم يقولوا كلمة تحذير واحدة”، مؤكدة أن “البعض أصيبوا بجروح وما زال بعض المدرّسين يختبئون في منازل سكان محليين”.
وفي بث مباشر على وسائل التواصل الاجتماعي تظهر قوات الأمن وهي تستخدم الغاز المسيل للدموع لتفريق بعض الحشود في رانغون وكذلك خراطيم المياه في الشمال في ماندالاي، العاصمة الثقافية للبلاد.
– أسابيع من الاضطرابات –
تشهد بورما موجة احتجاجات منذ إقدام المؤسّسة العسكريّة على إطاحة الحاكمة المدنيّة الفعليّة أونغ سان سو تشي في الأوّل من شباط/فبراير.
وأعقبت حملة القمع الأحد موجة مماثلة من الأعمال العنيفة ضد المتظاهرين الغاضبين لكن السلميين المناهضين للانقلاب في كل أنحاء البلاد في اليوم السابق.
وأوقفت القوات الأمنية العديد من الصحافيين الذين وثقوا اعتداءات يوم السبت بمن فيهم مصور من وكالة “أسوشييتد برس” في رانغون.
وقرب الجامعة الرئيسية في المدينة، أطلقت الشرطة قنابل صوتية لإجلاء الحشد من نقطة احتجاج.
وتمّ توقيف أكثر من 850 شخصا وتوجيه اتّهامات لهم وإدانتهم منذ انقلاب الأول من شباط/فبراير، بحسب “رابطة مساعدة السجناء السياسيين”.
لكن من المتوقع أن ترفع حملة القمع التي جرت نهاية الأسبوع هذا العدد بشكل كبير إذ أفادت صحف حكومية بحصول 479 عملية توقيف يوم السبت وحده.
واندلعت موجة من الإدانات الدولية للانقلاب. فقد نددت الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي وقوى كبرى أخرى بالعنف ضد المتظاهرين وطالبت المجموعة العسكرية بالتخلي عن السلطة.
ولم تشاهد سو تشي علنا منذ اعتقالها في العاصمة نايبيداو مع بدء الانقلاب.
وتواجه سو تشي الحائزة جائزة نوبل تهمتين إحداهما لامتلاكها أجهزة اتصال لاسلكية غير مسجلة في مقر إقامتها والثانية لخرقها تدابير احتواء فيروس كورونا.
ومن المقرر أن تجري محاكمتها في الأول من آذار/مارس، لكن محاميها أفاد وكالة فرانس برس الجمعة إنه لم يتصل بموكلته حتى الآن.
وقال خينغ مونغ زاو “من المهم للغاية الحصول على توكيل رسمي موقع لها قبل بدء الجلسة في الأول من آذار/مارس لأنه لن يُسمح لنا بالعمل كمستشارين للدفاع عنها إذا لم نتمكن من تسجيله”. وتابع “بعد ذلك ستجرد أونغ سان سو تشي من حقها في محاكمة عادلة بدون مستشار قانوني”.
وذكرت وسائل الإعلام الحكومية في وقت متقدم من مساء السبت أن كياو مو تون لم يعد سفيرا لبورما لدى الأمم المتحدة بعدما أعلن انشقاقه عن السلطة مناشدا المجتمع الدولي التحرّك ضد المجموعة العسكريّة الحاكمة.
وهو قال أمام الجمعيّة العامّة للأمم المتحدة “نحن في حاجة إلى أقوى إجراء ممكن من المجتمع الدولي لإنهاء الانقلاب العسكري على الفور ووقف قمع الأبرياء وإعادة السلطة إلى الشعب واستعادة الديموقراطية”.
وقال الناطق باسم الأمم المتحدة ستيفان دوجاريك إنه لم يتم إبلاغ المنظمة الدولية بإقالة الدبلوماسي وإن كياو مو تون يبقى ممثل بورما في الوقت الحالي.
وقُتل خمسة أشخاص على الأقلّ منذ الانقلاب، توفي أربعة منهم متأثرين بجروح أصيبوا بها في تظاهرات رافضة للانقلاب، أطلقت خلالها قوّات الأمن النار على متظاهرين.
وقال الجيش إنّ شرطيّا قُتل خلال محاولة فض تظاهرة.
المصدر: © AFP