طالب وزير الخارجية الأوكراني دميترو كوليبا البوسنة والهرسك بإعادة الأيقونة الأرثوذكسية التاريخية التي أهداها الزعيم الصربي ميلوراد دوديك إلى وزير الخارجية سيرغي لافروف في ديسمبر/كانون الأول الماضي.
وكانت روسيا سلّمت يوم 24 ديسمبر/كانون الأول الماضي الأيقونة القديمة إلى السفارة البوسنية لدى موسكو إثر تداول ادعاءات بأنها “مسروقة من أوكرانيا”.
وذكر كوليبا في تغريدة على تويتر قبل يومين، أن الأيقونة عادت من روسيا إلى البوسنة، لكن دوديك -الذي أهدى الأيقونة إلى لافروف- “لا يزال يواصل الكذب”، في إشارة إلى أنه يدعي ملكية البوسنة للأيقونة.
وطالب كوليبا البوسنة والهرسك بإعادة الأيقونة إلى أوكرانيا.
وكان دوديك العضو الصربي بالمجلس الرئاسي في البوسنة والهرسك أهدى أيقونة إلى لافروف خلال زيارة أجراها الأخير للبلاد يومي 14 و15 ديسمبر/كانون الأول الماضي.
وعقب انتشار الصور في وسائل الإعلام، أعلنت السفارة الأوكرانية لدى سراييفو أن الأيقونة تعود لكييف، ويقدر عمرها بنحو 300 عام.
وقالت السلطات الأوكرانية إن الأيقونة الأثرية تعود إلى منطقة لوغانسك، مشيرة إلى أنه يمكن التأكد من ذلك عبر النظر إلى الختم الموجود عليها.
وعلى خلفية التطورات، بدأت النيابة العامة في البوسنة والهرسك تحقيقا حول الموضوع.
الهدية تتحول إلى فضيحة
كان من الممكن أن يمر الأمر بشكل طبيعي لو لم تتلق وزارة الخارجية البوسنية يوم 16 ديسمبر/كانون الأول الماضي مذكرة دبلوماسية من سفارة دولة أوكرانيا في سراييفو تفيد بأن تلك الأيقونة التاريخية هي في الحقيقة ملك لدولة أوكرانيا، وأنها جزء من التراث الثقافي الأوكراني، وأنها مفقودة منذ سنين، وطالب الأوكرانيون بإصدار توضيح رسمي من الحكومة البوسنية عن كيفية وجود الأيقونة في البوسنة.
و”قامت الوزارة فورا بإرسال المذكرة إلى مجلس الرئاسة البوسني، مشفوعة بطلب للرد بشكل رسمي على الادعاءات الواردة في المذكرة الأوكرانية”، بحسب تقرير سابق للجزيرة نت استند لإفادة من مكتب وزيرة الخارجية البوسنية بيسيرا تركوفيتش.
وقال مكتب الوزيرة للجزيرة نت في وقت سابق “نحن ننتظر التعليمات الرسمية من مجلس الرئاسة، وقد نتصرف بناء على طلب مؤسسات بوسنية أخرى لديها سلطة تنفيذ إجراءات معينة في هذه الحالة”، في إشارة على ما يبدو إلى ما جاء في البيان الرسمي الصادر عن الوزيرة تركوفيتش، حيث ذكر أن خطورة الأمر قد تستدعي تدخل جهات أخرى مثل وكالة الاستخبارات البوسنية أو الشرطة الدولية “إنتربول” (Interpol).
قيمة ثقافية ودينية
ومن الواضح أن الأمر لا يتعلق بالسياسة ولا بالعلاقات المتوترة بين روسيا وأوكرانيا فقط، بل إن للقضية بعدا ثقافيا ودينيا. ولمعرفة ذلك التقت الجزيرة نت برئيس قسم تاريخ الفن بجامعة سراييفو الدكتور حارث درويشفيتش، الذي قال إن “تلك الأيقونة عمرها نحو 300 عام، ولها أهمية كبيرة من الناحيتين الدينية والثقافية”.
“فالبعد الديني -كما يقول درويشفيتش- واضح من محتوى الأيقونة، فهي تصور القديس نيكولاس العجيب يحيط به السيد المسيح والسيدة مريم العذراء، ويعطيه المسيح الإنجيل، في حين تعطيه العذراء مريم شريط الكهنة (omophorion)، ثم توضح الأيقونة قبول القديس نيكولاس تلك الهدايا من خلال حمله الإنجيل مفتوحا، ووجود الشريط حول رقبته”.
“أما البعد الثقافي للأيقونة فيظهره الختم الشمعي الموجود على ظهر الأيقونة، وهو يخص لجنة “أوديسا” الإقليمية لحماية آثار الثقافة المادية والطبيعية، التي قامت خلال الفترة من 1926 إلى 1930 بالبحث والتنقيب عن المعالم الثقافية في منطقة الاتحاد السوفياتي السابق، وسجلت اكتشافاتها في سجلات خاصة”، كما يضيف درويشفيتش.
ويبدو أن للأمر بعدا قانونيا وجنائيا كذلك، فدولة البوسنة ضمن الدول الموقعة على “اتفاقية تدابير حظر ومنع استيراد الممتلكات الثقافية وتصديرها ونقلها بطرق غير مشروعة” (اليونسكو-1970)، وإذا أخذنا ذلك بعين الاعتبار، فإن هناك محلين للنزاع: الأول كيف وصلت الأيقونة إلى البوسنة والهرسك؟ والثاني كيف غادرتها من دون الحصول على موافقات المؤسسات الثقافية المختصة؟