قد يجد دونالد ترمب نفسه الإثنين ملاحقاً للمرة الثانية بإجراءات عزل في حدث غير مسبوق في التاريخ الأميركي، بينما لم يظهر حتى السبت أي نية للاستقالة في أعقاب أعمال العنف التي شهدها مقرّ الكونغرس الأربعاء.
ويتضمن نص يهدف لإطلاق إجراءات عزل الرئيس صاغه نواب ديموقراطيون، اتّهاما لترمب بأنه “تعمّد إطلاق تصريحات” شجّعت مناصريه على اقتحام مقر الكونغرس.
وكان ترمب قد دعا مناصريه للتظاهر رفضا لمصادقة الكونغرس على فوز جو بايدن بالرئاسة، لكن التحرك الاحتجاجي تطوّر إلى اقتحام لمبنى الكابيتول خلال جلسة المصادقة.
وشكّل ذلك حدثا غير مسبوق في واشنطن أوقع خمسة قتلى بينهم شرطي.
وأوقفت الشرطة عددا من الذين شاركوا في اقتحام مقر الكونغرس، والسبت وُجّهت إليهم تهم الاقتحام غير المشروع والسلوك العنيف، ومن بين هؤلاء جيك آنجلي.
وكان آنجلي، وهو من معتنقي نظرية المؤامرة، قد استقطب انتباه المصورين خلال اقتحام الكونغرس بوشومه وخوذته ذات القرنين ورمحه.
ويؤكد النص الاتهامي الرامي لإطلاق إجراءات عزل الرئيس والذي وقّعه على الأقل 180 عضوا في مجلس النواب وفق النائب الديموقراطي تيد ليو، أن ترامب “عرّض للخطر الشديد أمن الولايات المتحدة ومؤسساتها الحكومية”.
ويعود القرار بشأن إطلاق إجراءات عزل ترامب لرئيسة مجلس النواب نانسي بيلوسي التي تعهّدت المضي قدما في هذا التوجه إن لم يعلن ترمب استقالته فوراً.
وقالت بيلوسي “إنه مجنون ومختل وخطير. يجب ان يرحل”، وقد بحثت مع رئيس أركان الجيش الأميركي تدابير تجنيب ترمب استخدام رموز إطلاق الصواريخ النووية.
– أكثر عزلة من أي وقت مضى –
لكن ترمب المنعزل في البيت الأبيض أبلغ مقرّبين منه بأنه لا يعتزم الاستقالة، وفق ما أوردت السبت صحيفة نيويورك تايمز.
وحتى في معسكره الجمهوري، يبدو بعض أعضاء الكونغرس منفتحين على إمكان إطلاق إجراءات عزل جديدة.
وأكد السناتور بن ساز أنه سينظر في أي اتهّام يمكن أن يوجّهه المجلس لترمب.
واكتفت السناتورة الجمهورية ليسا موركاوسكي بالمطالبة برحيل ترمب من دون إعلان موقف واضح من إجراءات عزل الرئيس.
وقالت موركاوسكي المنتمية للجناح المعتدل في الحزب الجمهوري “أريد أن يستقيل. أريد أن يرحل. لقد تسبب بما يكفي من الأضرار”.
لكن الملياردير الجمهوري الأكثر عزلة من أي وقت بعد استقالة عضوين في إدارته وتعليق حسابه على تويتر، لم يبد أي نية للتراجع.
وجاء في تغريدة أطلقها على الحساب الرسمي لرئاسة الجمهورية الأميركية “لن يتم إسكاتنا”، مشيراً إلى 75 مليون أميركي “وطني” صوّتوا له في الانتخابات.
وهدّد ترمب بالانتقام من منصة التواصل الاجتماعي متّهما إياها بـ”قمع حرية التعبير”، مشيراً إلى إمكان إطلاقه منصّته الخاصة في المستقبل القريب وذلك من خلال سلسلة تغريدات حذفها تويتر فوراً.
والسبت شدد وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو المؤيد لترامب على أن “لجم حرية التعبير أمر خطير”.
– نحو إجراءات عزل ثانية –
سبق أن أطلقت بيلوسي في أواخر العام 2019 إجراءات لعزل ترمب الذي يتولى الرئاسة منذ العام 2017، بعد اتّهامه بأنه طلب من أوكرانيا فتح تحقيق بحق خصمه جو بايدن، لكن مجلس الشيوخ ذا الغالبية الجمهورية برأه في مطلع العام 2020.
ويتطلّب عزل الرئيس موافقة ثلثي أعضاء مجلس الشيوخ وهو أمر يتعذّر تحقيقه قبل موعد تنصيب بايدن رئيسا في 20 كانون الثاني.
ووجّه زعيم الغالبية الجمهورية في مجلس الشيوخ ميتش ماكونل مذكّرة اعتبر فيها أن الأنظمة الحالية لمجلس الشيوخ تمنع إجراء محاكمة ترمي لعزل الرئيس قبل تنصيب الرئيس المنتخب، ما لم ينل ذلك موافقة كامل أعضاء المجلس.
لكن من شأن إطلاق مجلس النواب للمرة الثانية إجراءات لعزل ترمب أن يشكل وصمة ستطبع الإرث السياسي للملياردير الجمهوري، إذ سيكون عندها أول رئيس يواجه إجراءات عزل لمرتين في تاريخ الولايات المتحدة.
من جهته حذّر السناتور الجمهوري ليندسي غراهام المقرّب من ترامب، من اتّخاذ هذه الخطوة التي من شأنها أن “تلحق بالبلاد مزيدا من الضرر”، مطالبا بايدن بالتدخل.
وتوجّه لبايدن في تصريح أدلى به لشبكة “فوكس نيوز” الإخبارية بالقول “آمل أن تستخدم سلطتك لوقف هذا الأمر قبل فوات الأوان”.
لكن الرئيس المنتخب الذي يحرص على تقديم نفسه موحدا لصفوف الأميركيين آثر عدم اتخاذ أي موقف في ما يتعلّق بإطلاق إجراءات عزل ترامب، معتبراً أن هذا الأمر يعود إلى الكونغرس.