كتبت وكالة أنباء “فارس”:
يبدو ان بريطانيا اصابها نوع من سوء التقدير، تقدير وضعها فهي لم تعد الامبراطورية التي لا تغيب عنها الشمس، بل عجوز متهالكة تعاني الكثير من المشاكل، وأيضا سوء تقدير قدرات ايران، التي لم ازدادت قوتها اضعاف عما قبل اربعة عقود.
ان سوء التقدير هذا، لعله هو الذي دفع بريطانيا الى ان تنفذ الطلب الاميركي باحتجاز ناقلة النفط الايرانية “غريس1″، في مضيق جبل طارق من قبل سلطات الحكومة المحلية هناك والتابعة للتاج البريطاني.
في البداية حاولت ايران منح الدبلوماسية فرصتها، وطالبت بريطانيا بالافراج فورا عن ناقلة “غريس1” لكن يبدو ان لندن كانت ماضية في الشراكة مع واشنطن للتضييق على ايران. ناسية او متناسية ان نبض حياتها الذي يمر عبر مضيق هرمز هو بيد ايران.
وجاء الرد الايراني ولو بتأخير اكثر من اسبوعين، ولكنه جاء قويا، باحتجاز ناقلة النفط البريطانية “ستينا ايمبيرو”، الامر الذي استشاطت منه بريطانيا غضبا وأخذت تهدد، ناسية انها تحتجز ناقلة نفط ايرانية والبادي أظلم. وما يثير الاستغراب ان بعض الاطراف وخاصة الغربية طالبت ايران بالافراج فورا عن ناقلة النفط البريطانية، ناسية كذلك ان هناك ناقلة نفط ايرانية تعرضت لقرصنة في وضح النهار، فإذا كانت هناك عدالة فمن الاولى ان تتم مطالبة بريطانيا بالافراج عن ناقلة النفط الايرانية.
ومن المؤكد ان لدى بريطانيا سجلا أسود في أذهان الشعب الايراني، منذ العهد القاجاري والى يومنا هذا، بما فيها اسقاط الحكومة الشعبية المنتخبة في ايران في عام 1953، عدا عن التدخلات البريطانية الاستعمارية طيلة اكثر من قرنين من الزمن في مقدرات الشعب الايراني. وجاء احتجاز ناقلة النفط الايرانية ليسجل نقطة سوداء اخرى في هذا السجل الاسود اصلا.
وهنا ينبغي ان نتوقف عند امر هام، وهو ان ما قامت به ايران ندر حدوثه في العالم الاسلامي منذ فترة غير قصيرة، وخاصة في العالم العربي، الذي مازال ينظر الى الدول الاستعمارية نظرة خشية، إذ لا تجرؤ أي دولة عربية حتى على توجيه لوم خجول لبريطانيا واميركا ناهيك عن احتجاز ناقلة نفط بريطانية.
علما ان احتجاز ايران لناقلة النفط البريطانية، كان ضمن اطار القوانين الدولية بشأن البحار، إذ جاء الاحتجاز بطلب من منظمة الموانئ والملاحة البحرية بمحافظة هرمزكان التي يقع مضيق هرمز ضمن صلاحياتها، لان ناقلة النفط ارتكبت عدة مخالفات؛ تمثلت بمحاولة دخولها المضيق من جهة المسار المخصص للخروج الامر الذي يعرض حركة السفن الاخرى للخطر، وايضا اطفأت جهاز تحديد المواقع لديها أي ان الامر متعمد، كما انها لم تكترث لتحذيرات ايران. وهذا خلافا لما قامت به بريطانيا من قرصنة بحرية في وضح النهار، وذلك في مياه متنازع على سيادتها بين اسبانيا وبريطانيا.
ولتعلم بريطانيا ان من هي اقوى منها لم تتمكن منذ اربعة عقود وحتى الآن من إركاع ايران واخضاعها، نقصد اميركا بقضها وقضيضها، حيث تسببت بصداع مزمن للإدارات الاميركية المتعاقبة، ولم تفلح معها شتى مخططاتها ومؤامراتها وضغوطها. فهل ستتمكن بريطانيا التي هي دون اميركا بكثير، ان تنال من ايران؟!