إن سرعة تشكل نظامنا الشمسي مقارنة بالأنظمة النجمية الأخرى يعادل الحمل، الذي يستمر نصف يوم بدلا من 9 أشهر، هكذا تم تشبيه الأمر من قبل مجموعة من العلماء من “مختبر لورانس ليفرمور الوطني الأميركي-إل إل إن إل” (Lawrence Livermore National Laboratory-LLNL)، بعدما سعوا في دراستهم إلى تحديد عدد السنوات التي استغرقها النظام الشمسي في التكون.
فقد توصلوا في الدراسة، التي تعد الأولى من نوعها، والمنشورة في دورية “ساينس” (Science) في 13 نوفمبر/تشرين الثاني الجاري، إلى أن ذلك حدث في أقل من 200 ألف عام.
وقد توصلوا إلى ذلك من خلال البحث في نظائر عنصر “الموليبدينوم” (Mo) الموجود على النيازك، مؤكدين على أن تشكل نظامنا الشمسي كان سريعا جدا، وذلك وفقا للبيان الصحفي للدراسة المنشور على موقع المختبر.
الأنظمة النجمية الأخرى
ووفقا للدراسة، فإن علماء الفلك، ومن خلال مراقبة الأنظمة النجمية الأخرى التي تشكلت بشكل مشابه لنظامنا الشمسي، قد قدروا أن تشكل هذه الأنظمة من الممكن أن يستغرق حوالي مليون إلى مليوني سنة، بداية من انهيار سحابة وانتهاء باشتعال النجم.
يقول غريغ برينيكا، عالم الكيمياء الكونية في (LLNL)، والمؤلف الرئيسي للدراسة “في السابق، لم يكن الإطار الزمني لتكوين نظامنا الشمسي معروفا حقا”، و”يُظهر هذا العمل أن الانهيار، الذي أدى إلى تكوين النظام الشمسي، حدث بسرعة كبيرة، في أقل من 200 ألف سنة”.
و”إذا قمنا بقياس ذلك إلى عمر الإنسان، فإن تكوين النظام الشمسي سيقارن بالحمل الذي يستمر حوالي 12 ساعة بدلا من 9 أشهر.. كانت هذه عملية سريعة”.
أقدم المواد الصلبة
جاءت المادة التي تتكون منها الشمس وبقية النظام الشمسي من انهيار سحابة كثيفة من الغاز والغبار بين النجوم منذ حوالي 4.5 مليارات سنة.
وقد عرف العلماء أنه بالرجوع إلى أقدم المواد الصلبة المؤرخة في النظام الشمسي، وفي حال توفير عينات منها وقياسها، فسيعد ذلك دليلا مباشرا على تشكل النظام الشمسي.
أقدم المواد الصلبة التي تشكلت في النظام الشمسي هي “شوائب غنية بالكالسيوم والألومنيوم” (CAIs)، وهي قطرات معدنية صغيرة تم دمجها لاحقا في النيازك، وتُؤخذ أعمار (CAIs) تقليديا على أنها عمر النظام الشمسي.
توجد هذه الشوائب، التي يتراوح حجمها بين الميكرومتر والسنتيمتر في النيازك، بعدما تكونت في بيئة ذات درجة حرارة عالية جدا، ربما كانت بالقرب من الشمس الفتية في بدايات تكونها، ومن ثم نُقلت إلى الخارج، حيث وجدت وحيث المنطقة التي تشكلت فيها أحجار كوندريت الكربون النيزكية، ووفقا للدراسة، فإن الجزء الأكبر من المواد التي شكلت الشمس والنظام الشمسي قد تراكمت خلال حقبة تكوين (CAIs).
نتائج القياس
قام فريق المختبر بقياس تركيبات نظائر “الموليبدينوم” (Mo) والعناصر النادرة الموجودة في مجموعة متنوعة من (CAIs) المأخوذة من نيازك الكوندريت الكربونية، بما في ذلك “أليندي” (Allende)، أكبر كوندريت كربوني عثر عليه على الأرض، والذي هبط في تشيهواهوا بالمكسيك عام 1969.
ووجد الباحثون أن غالبية (CAIs) الموجودة منذ 4.567 مليارات سنة، قد تشكلت على مدى فترة تتراوح بين 40 ألفا إلى 200 ألف عام، وهذا يعني أن نظامنا الشمسي يجب أن يكون قد تشكل في ذلك الإطار الزمني أيضا.
يقول برينيكا “وجدنا أن الفترة الزمنية المرصودة للتراكم النجمي من مليون إلى مليوني سنة أطول بكثير مما اتخذته الشوائب الغنية بالكالسيوم والألومنيوم للتشكل، وحددنا أن الفترة أقل من 200 ألف سنة”.