تمكّن باحث من جامعة كولورادو بولدر الأميركية من الكشف عن علاقة محتملة بين حلقات الأشجار القديمة و”المستعرات العظمى” التي انفجرت خلال 40 ألف سنة مضت، وهو ما يمكن أن يساعد على فهم أدق لأثر هذه الانفجارات الكونية على كوكبنا الأخضر.
حلقات الأشجار
وللتوصل إلى تلك النتائج التي نشرت في دورية “إنترناشونال جورنال أوف أستروبيولوجي” (International Journal of Astrobiology) وأعلنت الجامعة عنها في بيان رسمي يوم 11 نوفمبر/تشرين الثاني الجاري، فحص الأستاذ المساعد في الجامعة روبرت برايكنريدج نسبة الكربون المشع في حلقات الأشجار القديمة.
تنمو الأشجار في الحجم طوال العام بمعدلات طفيفة، لكن سرعة نموها تختلف بين الشتاء والصيف، وهو ما يترك أثرا في أنسجة الشجرة يظهر في شكل حلقة بجذعها، هذه الحلقة تعطي انطباعا دقيقا عن الوقت الذي تكونت فيه، خاصة في الأشجار القديمة جدا.
وبحسب الدراسة، فإن الكربون المشع هو عنصر نادر على سطح الأرض يأتيها مع الأشعة الكونية، لكن له نسبة ثابتة كل عام يمكن أن نراها واضحة في حلقات الأشجار، حيث تأخذ الشجرة بعض الكربون المشع مع ثاني أكسيد الكربون أثناء تنفسها المعتاد.
وقد وجد برايكنريدج أن نسبة الكربون المشع في حلقات الأشجار القديمة ارتفعت بمعدل 3%، وذلك 4 مرات على مدى 40 ألف سنة مضت، وتعرف على مواعيد تلك الارتفاعات، ثم لجأ بعد ذلك إلى سجلات المستعرات العظمى المسجلة لدى الفلكيين.
أقوى انفجارات الكون
والمستعر الأعظم هو مصير النجوم الضخمة التي تفوق كتلتها الشمس بأكثر من 8 أضعاف. ففي نهاية أعمارها تنفجر تلك النجوم في جزء من الثانية مُطلقة كمّا هائلا من الطاقة، فلو انفجر نجم قريب من الأرض بنطاق 50 سنة ضوئية فقط، لترك أثرا كارثيا على الحضارة البشرية، بحسب دراسة صدرت قبل 3 أعوام.
يمكن أن يعرف العلماء مواعيد تلك الانفجارات السحيقة من دراسة نوع من السدم يسمى “بقايا المستعرات العظمى” (Supernova Remnant)، وهي السحب النجمية التي ما زالت متبقية إلى الآن بعد تلك الانفجارات.
لكن حتى انفجارات النجوم الأبعد من نطاق 50 سنة ضوئية، يمكن أن تترك أثرا يظهر في نسب الكربون المشع. وكانت فكرة برايكنريدج أن ربط بين مواعيد تلك الانفجارات خلال 40 ألف سنة مضت، ومواعيد ارتفاع نسب الكربون المشع في حلقات الأشجار، ووجد أن هناك اتفاقا في 4 حالات من 8.
وبحسب الدراسة، فإن من الصعب أن نؤكد بشكل نهائي وجود تلك العلاقة، لأن هذا الترابط قد لا يعني السببية، لكن على الأقل فإن هذه النتائج تفتح بابا للبحث عن المزيد من العلاقات من هذا النوع.
آثار سحيقة
وهذه ليست المرة الأولى التي يتمكن فيها الباحثون من رصد أثر حدث فلكي على تغيرات بيئية في كوكب الأرض. فعلى سبيل المثال، كان فريق من جامعة ميونخ للتكنولوجيا قد تمكن عام 2016 من رصد أثر مستعر أعظم حدث قبل 2.7 مليون سنة.
ووجد هذا الفريق آثار المستعر الأعظم على الحفريات الدقيقة في المحيط الهادي، حيث كان واضحا أن هناك ارتفاعا ثوريا في نسبة الحديد-60 المشع فيها، ثم بدأ في الانخفاض تدريجيا حتى الفترة قبل 1.7 مليون سنة، ونشرت تلك النتائج حينها في منشورات الأكاديمية الوطنية للعلوم (PNAS).