العراق القديم، عراقي أنا، قد تم إختطافه وقتلهُ أمام العالم

صلاح فائق*

يعرفونني هنا باني من العراق , رغم اني مواطن بريطاني
اتنقلُ بجواز الملكة البريطانية . لكن ذلك لايهمّ بالنسبة لمن
يعرفني هنا . هم يتعاملون معي كعراقي , في معنى آخر
كلما حصلت كوارث قتال ومذابح في العراق , يسالني احد
هؤلاء عن بعض التفسير لما يحصل هناك . في الفترة ألأخيرة
بدأت اجيبُ بعبارات غامضة وعجيبة , يُستشفُ منها فقداني
التركيز والإجابة على سؤال كهذا وذاك بالتعبير عن اسفي
حول الزلزال الأخير في الجنوب.الفليبيني , او التحدث
عن الحرائق في بعض الغابات القريبة . هكذا بداوا
يرتابون في سلامتي العقلية . انا واثق ان بعضهم
سيسألني غدا عن تفجير اخير في بلدي القديم , ستكون إجابتي
عن كوكب بلوتو وبُعده عن الارض بخمسة مليارات
كيلومتر , وعن نيتي السفر إلى هناك كاول لاجىء
من هذه الأرض .

*
على الرغم من هذا كله , فانا عراقي وسابقى حتى نفسي
الأخير . لكني ضد كل ألأديان وطوائفها , الإنتماء القومي
والأيديولوجي , ضد كل التبجح الغربي حول الديمقراطية
والحداثة , طالما يعيش ويواصل استغلال شعوب العالم
الثالث , بالحروب والهيمنة واستخدام العلوم والرأسمال
من اجل استمرار ذلك .
اقولُ انا عراقي , مع اني عشتُ معظم حياتي خارجه
ولم اكن سعيداً تماماً , ولن أكون إذا عدت اليه في يوم ,
وهذه رغبة خرافية . فالعراق القديم , عراقي انا , قد تم
إختطافه وقتلهُ أمام العالم , باسم إزالة الدكتاتورية تارةً ,
واعادة التخلف بابشع اشكاله وصوره باسم الدين , الطائفية الكريهة ،
المجرمة بحق شعبي ، بلد قدم الى العالم الكتابة والكتب
الشعر , بناء المدن وخدماتها , الحب والغناء
الزقورات والقلاع وغيرها .
هناك المئات من الكتب والمسرحيات , الأوبرات
عن كلكامش والشعر السومري باللغات الاوربية ,
ولا عمل واحدا عن واقع عراق اليوم أو ما بقي منه ,
ذلك لأن للغرب الدور الأكبر في صنع المشهد العراقي
الحالي

ما يهم إنني لم أنم بعد , ولا شربت الماء .

*شاعر عراقي والنص من صفحته على الفيسبوك