حض وزير الخارجيّة الأميركي مايك بومبيو خلال زيارة لقبرص، تركيا على وقف الأنشطة التي تُثير توتّرا في شرق البحر المتوسّط، داعياً جميع الأطراف إلى دعم السبل الدبلوماسيّة.
ونشرت تركيا التي تبحث عن احتياطات للغاز والنفط في مياه تطالب بها اليونان سفينة استكشافيّة الشهر الماضي مدعومة بفرقاطات عسكريّة. وردّت اليونان بإجراء تدريبات عسكريّة بحريّة.
واليونان وتركيا عضوان في حلف شمال الأطلسي.
وقال بومبيو للصحافيّين في نيقوسيا بعد اجتماع مع رئيس جمهوريّة قبرص نيكوس أناستاسيادس ووزير الخارجيّة نيكوس خريستودوليدس “ما زلنا نشعر بقلق عميق من عمليّات الاستكشاف التي تقوم بها تركيا في مناطق تؤكد اليونان وقبرص أنها تخضع لسلطتها في شرق المتوسط”.
وأضاف “إنّ التوتّر العسكريّ المتزايد لا يساعد أحداً سوى الخصوم الذين يرغبون في رؤية الانقسام في وحدة” دول الحلف الأطلسي، مؤكدا أن الشراكة الإقليميّة “ضروريّة للغاية لأمن الطاقة الدائم”.
وجزيرة قبرص الواقعة في البحر المتوسط مقسومة بين جمهورية قبرص المعترف بها دوليا والعضو في الاتحاد الأوروبي في الجنوب، والشمال منذ الغزو التركي في عام 1974 ردا على انقلاب رعته المجموعة العسكرية التي كانت تحكم اليونان آنذاك.
ووصل بومبيو إلى قبرص قادما من الدوحة حيث شارك في إطلاق محادثات طال انتظارها بين الحكومة الأفغانيّة وحركة طالبان.
وقال بومبيو إن “دول المنطقة بحاجة إلى حلّ الخلافات، بما في ذلك تلك المتعلّقة بالأمن وموارد الطاقة والقضايا البحريّة، بطرق دبلوماسية وسلمية”.
وأوضح وزير الخارجية أن زيارته لقبرص تأتي استكمالا لاتّصالات هاتفية أجراها الرئيس الأميركي دونالد ترامب مع نظيره التركي رجب طيّب إردوغان ورئيس الوزراء اليوناني كرياكوس ميتسوتاكيس. وقال “نأمل أن يكون هناك حوار حقيقي ونأمل في سحب العتاد العسكري”.
من جهته، رحّب الرئيس أناستاسيادس بـ”الموقف الحازم للولايات المتحدة بشأن إدانة عمليّات التنقيب التركيّة غير القانونيّة داخل المنطقة الاقتصاديّة الخالصة” القبرصيّة.
– قلق من السفن الحربية الروسية –
قال الرئيس القبرصي إنّ زيارة بومبيو التي تأتي “في وقتٍ تحدث فيه تطوّرات حاسمة في شرق البحر المتوسّط بسبب الإجراءات غير القانونيّة لتركيا، تُظهر اهتمام الولايات المتحدة الصادق بالحفاظ على الاستقرار في منطقتنا”.
وأضاف أنّ “الأنشطة غير القانونيّة” لتركيا “يجب أن تتوقف على الفور”، موضحا أنه اكّد دعم قبرص لحلّ النزاعات في شرق البحر المتوسّط عبر الحوار.
وجاءت زيارة بومبيو لنيقوسيا بعدما أعلنت الولايات المتّحدة أنّها رفعت جزئياً ولمدة عام واحد الحظر الذي تفرضه منذ أكثر من ثلاثين عاما على بيع قبرص معدات عسكرية “غير قاتلة”، ما أثار غضب أنقرة.
ويدور خلاف بين تركيا واليونان وقبرص حول موارد النفط والغاز في شرق البحر المتوسط، ما يثير مخاوف من اندلاع نزاع أكثر حدة.
وتصاعد الخلاف في 10 آب/اغسطس حين أرسلت تركيا سفينة لاستكشاف الغاز الطبيعي وسفنا حربية إلى مناطق تطالب بها اليونان وتعتبرها أنقرة تابعة لها.
وندّدت قبرص السبت بإعلان تركيا إجراء مناورة بحرية بالذخيرة الحية قبالة ساحل الجزيرة الشمالي، معتبرةً أنّ هذه المناورات “غير قانونية” و”تنتهك” سيادتها في ظل تصاعد التوتر في البحر المتوسط.
وجاءت زيار بومبيو أيضا بعد أيام من زيارة قصيرة لقبرص قام بها وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف الذي شدد على العلاقات الوثيقة بين موسكو والجزيرة وعرض القيام بوساطة لتخفيف التوتر بينها وبين تركيا في النزاع بشأن الحقوق البحرية والطاقة.
وانتهز بومبيو فرصة زيارته لتذكير قبرص بأن واشنطن لا تشعر بالارتياح من توقف سفن حربية روسية في الموانئ القبرصية.
وقال وزير الخارجية الأميركي “نعلم أن جميع السفن العسكرية الروسية التي تتوقف في الموانئ القبرصية لا تقوم بمهام إنسانية في سوريا ونطلب من قبرص والرئيس مراعاة مخاوفنا”.
وكانت نيقوسيا أكدت مرار أنها تقدم تسهيلات للسفن الحربية الروسية لأسباب إنسانية.
وتصاعد التوتر في المنطقة مرة أخرى عندما أعلنت تركيا الجمعة عن تدريبات على إطلاق النار قبالة ساحل صدر أعظم كوي في شمال قبرص بين السبت والاثنين، على الرغم من تهديد الاتحاد الأوروبي بفرض عقوبات عليها.
ووصف مركز تنسيق الإنقاذ المشترك في قبرص التابع لوزارة الدفاع ليل الجمعة السبت تحرك تركيا بأنه “غير قانوني” لأنه “ينتهك سيادة جمهورية قبرص وحقوقها السيادية”.
وأخيرا، أعلن الحرس الوطني القبرصي اليوناني السبت إنه سيشارك في مناورات تدريبية مشتركة مع القوات الأميركية.
وقال إن “سفينتي نقل متوسطتين تابعتين للقوات البحرية الأميركية الخاصة موجودتان في قبرص للمشاركة في تدريبات عسكرية مشتركة”.
وستستمر هذه المناورات التي بدأت السبت حتى 20 أيلول/سبتمبر في “إطار العلاقات الثنائية بين جمهورية قبرص والولايات المتحدة”.