استبعد السودان الثلاثاء الاعتراف بإسرائيل قبل تنظيم انتخابات في 2022 خلال زيارة وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو الثلاثاء للخرطوم في إطار جولة إقليمية تهدف الى اقناع دول عربية بتطبيع علاقاتها مع الدولة العبرية على غرار الامارات.
ويقوم بومبيو بأول زيارة لوزير خارجية أميركي للخرطوم منذ زيارة كوندوليزا رايس عام 2005، والسودان هو ثاني محطة له بعد إسرائيل في جولته الشرق الأوسطية التي ستحمله كذلك إلى البحرين والإمارات.
وفي ظل تدابير أمنية مشددة، وصل بومبيو من إسرائيل على متن “أول رحلة رسمية مباشرة” من تل أبيب إلى الخرطوم اللتين لا تقيمان علاقات دبلوماسية، فيما ما زال البلدان عمليا في حالة حرب.
وخلال حكم عمر البشير، استقبل السودان على أراضيه إسلاميين متطرفين ولا سيما أسامة بن لادن الذي عاش فيه من 1993 إلى 1996 قبل أن ينتقل إلى أفغانستان.
وقد دفع السودان ثمناً لذلك عندما قررت الولايات المتحدة فرض عقوبات عليه ابتداء من 1990 وادرجته على قائمتها السوداء للدول المتهمة “برعاية الإرهاب”.
وتدهورت العلاقات بين واشنطن والخرطوم، وفي عام 1997 خُفضت العلاقات الدبلوماسية إلى مستوى قائم بالأعمال.
لكن عزل البشير تحت ضغط حركة شعبية غيّر المعطيات.
وقررت الحكومة الانتقالية الجديدة التي تشكلت في أيلول/سبتمبر 2019 بعد احتجاجات شعبية أنهت ثلاثين سنة من الديكتاتورية، التقرب من الولايات المتحدة والعمل على رفع العقوبات.
وقد كلفت الحكومة الانتقالية الإعداد لانتخابات عامة.
والتقى بومبيو في الخرطوم رئيس الوزراء عبدالله حمدوك والفريق عبد الفتاح البرهان رئيس مجلس السيادة الانتقالي.
ونقل الناطق الرسمي باسم الحكومة وزير الإعلام فيصل محمد صالح عن حمدوك قوله ردا على “الطلب الأميركي بتطبيع العلاقات مع إسرائيل”، إن “المرحلة الانتقالية في السودان يقودها تحالف عريض بأجندة محددة لاستكمال عملية الانتقال وتحقيق السلام والاستقرار في البلاد وصولا الى قيام انتخابات حرة”.
وأضاف “لا تملك الحكومة الانتقالية تفويضا يتعدى هذه المهام للتقرير بشأن التطبيع مع إسرائيل”.
– الفصل بين التطبيع والعقوبات –
ودعا رئيس الوزراء السوداني الإدارة الأميركية “الى ضرورة الفصل بين عملية رفع اسم السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب ومسألة التطبيع مع إسرائيل”.
من جانبه، أعلن المجلس المركزي لقوى الحرية والتغيير الذي قاد الانتفاضة الشعبية السنة الماضية، الثلاثاء أن الحكومة الحالية ليست مفوضة لتطبيع العلاقات مع إسرائيل.
وجاء في بيان للمجلس إثر اجتماع شارك فيه حزب الأمة، “جـدد الاجتماع الموقف من قضية التطبيع مع إسـرائيل باعتبارها ليست من قضايا حكومة الفترة الانتقالية المحكومة بالوثيـقة الدستـورية، وأمـن على حـق الشعب الفلسطينـي في اراضيه وحـق الحياة الحـرة الكريمة”.
وبعد تولي الحكومة الانتقالية زمام الأمور في البلاد، حصلت على دعم الإدارة الأميركية التي أعادت السفير الأميركي إلى الخرطوم مطلع السنة الحالية.
وأشارت السلطات السودانية مطلع آب/أغسطس الجاري إلى استعدادها “لمواصلة العمل مع الإدارة الاميركية لشطب السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب والدخول في علاقة شراكة تفيد البلدين”.
– مهمة صعبة –
وتمنع العقوبات أي استثمار في هذا البلد الذي يمر بأزمة اقتصادية عميقة.
فقد بلغ معدل التضخم 143% على أساس سنوي، ويستمر الجنيه السوداني في الانخفاض مقابل الدولار، في سياق اقتصادي عالمي أصيب بضربة قاسية جراء وباء فيروس كورونا المستجد.
وبعد اجتماع في شباط/فبراير مع الفريق البرهان في أوغندا، قال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو إنهما اتفقا على “بدء التعاون الذي سيؤدي إلى تطبيع العلاقات بين البلدين”. لكن الحكومة السودانية نفت بعد ذلك تناول قضية “التطبيع” خلال اللقاء.
وفي دلالة على أن عملية التقارب هذه ستكون صعبة، أقيل المتحدث باسم وزارة الخارجية السودانية حيدر بدوي من منصبه بعدما اعترف ضمنياً وبصورة مفاجئة في 18 آب/أغسطس بوجود اتصالات بين بلاده وإسرائيل. ونفى وزير الخارجية السوداني حينها ذلك.
وفي السياق التاريخي، وبعد حرب حزيران/يونيو 1967 التي احتلت خلالها إسرائيل الضفة الغربية والقدس الشرقية وغزة على وجه الخصوص، اجتمع معظم القادة العرب في الخرطوم لتبني قرار “اللاءات الثلاث”: لا صلح، لا تفاوض، ولا اعتراف بإسرائيل.