“من أجل الحياة” كتاب يتناول قصة الكوردية الإيزيدية الناجية من قبضة تنظيم داعش (حلا موسى) التي تروي أحداث 312 يوماً من الرق والعنف الجنسي.
روت الناجية حلا موسى ما جرى لها على يد تنظيم داعش لمعد الكتاب، لهذا يعد الكتاب وثيقة مهمة تدل على جرائم الحرب، وخاصة الجرائم التي ارتكبها داعش ضد الكورد الإيزيديين، وعن لسان شخص عايش الأحداث وكان جزءاً منها.
يعرض الكتاب بالتفصيل التوقيتات والمواقع التي جرت فيها الأحداث بطريقة دراماتيكية، حيث ترد فيه أسماء القرى والمدن وعناصر داعش التي ارتكبت الجرائم وتواريخ الأحداث والأرقام، ويسجلها للتاريخ.
قصة حلا موسى واحدة من قصص آلاف البنات والنساء الإيزيديات، اللواتي جرى خطفهن من أحضان عوائلهن وعلى مرأى من آبائهن وإخوانهن وأزواجهن وأقاربهن، واستعبدن وتم الاتجار بهن في أسواق النخاسة حيث انتقلن بين العديد من عناصر داعش كسلعة تجارية، وتم التعامل معهن في بيوت الدواعش كإماء وتعرضن لأبشع الجرائم من جانب مسؤولي وأعضاء التنظيم الذين استغلوهن لإشباع غرائزهم وشهواتهم: العنف الجنسي.
ومع أن المجتمع العراقي يفرض الكثير من القيود الاجتماعية على البنات والنساء فيمنعهن من الكشف عن آلامهن ومعاناتهن التي شهدنها. لكن حلا موسى استطاعت بكل شجاعة أن تكسر كل تلك القيود والأصفاد وتعلن بصوت مسموع من خلال هذا الكتاب عن الدعوة إلى الكشف عن جرائم داعش، ومع أنها لا تستطيع الرد على كل ما أصابها من محن إلا أن شجاعتها في مواجهة ما يقال في المجتمع والشائعات والتشهير والطعن من الناس تصب الماء على النار التي تتأجج في أتون نفسها وتعيد إليها شيئاً من الراحة بعد تلك الفترة الطويلة من الاضطهاد وتبعث في قلبها شيئاً من الطمأنينة. لم تكن حلا السباقة في هذا المجال، فقد سبقتها رفيقات لها من الناجيات من قبضة داعش ولم يمنعهن مانع من أن يبحن في الندوات والمحافل العالمية ويكشفن بكل شجاعة وبصوت مسموع ما عانينه من كوارث وعرضن جرائم داعش على أسماع العالم ودعين إلى السلم والحرية.
تأتي جرائم الاعتداء الجنسي في مقدمة الجرائم البشعة لداعش بحق النساء الكورديات الإيزيديات، فقد اختطف هذا التنظيم أولئك النساء واتخذ منهن سبايا وأجبرهن على الزواج وتبادلهن مسلحو التنظيم كهدايا بينهم فبتن ضحايا لإشباع الرغبات والشهوة الجنسية لأولئك المسلحين كما جرى بيعهن في أسواق النخاسة.
بقراءتك هذا الكتاب سيتبين لك أن أثر العنف الجنسي لا يبقى على الجسد لكنه يلتصق بأعماق نفوس الضحايا ولا يغادرهن ويهاجمهن في كل ليلة على شكل كابوس يقض عليهن مضاجعهن، ويجعلهن يملن إلى العزلة والابتعاد عن مخالطة الناس.
كانت حلا أسيرة عند داعش مدة 312 يوماً، وتم نقلها بين سنجار والبعاج وكوجو وتلعفر والموصل وقزل قويو. تتحدث حلا عن عزلها عن زوجها وأقاربها، وحياتها اليومية ومعاناتها بسبب الاعتداء الجنسي والاستعباد وبيعها في سوق النخاسة، ثم تتحدث عن طريقة تحريرها وعودتها إلى أحضان أهلها.
يروي قسم من هذا الكتاب الواقع المر لحياة حلا ورفيقاتها خلال تلك الفترة، وهو دليل تاريخي لا يقبل الشك ضمن المكتبة الإنسانية يثبت للعالم جرائم تنظيم داعش.