من المقرر أن يزور رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي واشنطن قريبًا، على الرغم من أنه ليس لديه موعد أو دعوة حتى الآن ، لذلك فهو يسارع إلى قول كل الأشياء الصحيحة من أجل تأمين لقاء مع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب.
العراق أسوأ حالاً مما كان عليه قبل أسبوعين، وهذا فأن الأسبوع الماضي دفع بموضوعين إلى رأس القائمة لزيارة الكاظمي إلى الولايات المتحدة: كتائب حزب الله الهجمات المستمرة على الولايات المتحدة والعراقيين ، ودعوات الكاظمي للانتخابات المبكرة التي لن يسمح كتائب حزب الله وحلفاؤه في مجلس النواب العراقي بحدوثها.
البند الرئيسي في جدول أعمال ترامب هو أن يقوم الكاظمي بشيء حيال الميليشيات التي يُفترض أنه يقودها بصفته القائد العام للعراق. تهاجم الميليشيات التي هي جزء من سلطة جهاز الأمن الحكومي الأفراد الأمريكيين في العراق والذين هم موجودين هناك للشراكة مع حكومة بغداد لضمان الهزيمة الدائمة لداعش. أصبحت الميليشيات الآن أكثر تهديدا للولايات المتحدة والعراقيين من داعش.
يريد ترامب معرفة ما إذا كان للولايات المتحدة شريك في العراق. أن الرئيس مستعد لسحب القوات الأمريكية من العراق إذا استمر هذا “الشريك” في خيبة الأمل. يبحث الجمهوريون والديمقراطيون عن سبب لإنهاء هذه التجربة ولن يكون هذا بدون تكلفة لبغداد وطهران.
هنالك إجراءان من قبل مجلس النواب بقيادة الديمقراطيين يشيران إلى إنهاء إذا لم يتغير شيء. صوت الديمقراطيون لخفض التمويل للبعثة الأمريكية في العراق بمقدار 145 مليون دولار، وتمكن النائب الجمهوري جو ويلسون من تمرير تعديلين يضمن عدم وصول أي دولار أمريكي إلى أي مؤسسة في العراق حيث يمكن للميليشيات الحصول على الأموال – وهذا من شأنه يعني أن وزارة الدفاع ووزارة الداخلية ستكون الأكثر تضررا.
أن الولايات المتحدة موجودة في العراق لمواجهة داعش بموجب تفويض من الأمم المتحدة، لكن التهديد الأكبر للقوات الأمريكية هو من الميليشيات التي تدفع رواتبها الحكومة العراقية ويفترض أنها تسيطر عليها. أن كتائب حزب الله هي مصنفة كجماعة إرهابية تهاجم الأمريكيين وتقتل العراقيين وتهدد الكاظمي الآن بالاغتيال وتعهدت بمحاسبة رئيس الوزراء عن مقتل قاسم سليماني ومؤسس كتائب حزب الله أبو مهدي المهندس – وكلاهما قتلا في وقت واحد في غارة أمريكية بطائرة بدون طيار في أوائل كانون الثاني.
لقد تجاهل الكاظمي التهديدات لحياته لكنه ليس على استعداد لمواجهة الميليشيات القوية. يعتقد معظم العراقيين وكما تشير الأدلة إلى كتائب حزب الله على أنها الميليشيا المسؤولة عن قتل مستشار رئيس الوزراء والمحلل الخبير هشام الهاشمي الشهر الماضي. ويقول بعض المراقبين للعراق إن ذلك سيعرض الكاظمي للخطر إذا حتى ألمح إلى أن كتائب حزب الله هي المسؤولة عن الاغتيال المستهدف للهاشمي.
“إن البرلمان ، وليس رئيس الوزراء ، هو الذي سيقرر ما إذا كان هناك إصلاح انتخابي وانتخابات مبكرة.”
هذا هو بالضبط السبب الذي من أجله يجب على الكاظمي أن يتصدى للميليشيات. لا يمكن لأي كيان داخل قوات الأمن العراقية أن يهدد علانية بقتل رئيس الوزراء دون عواقب. إذا كان هذا هو المكان الذي نحن فيه في العراق – مكان حيث لا يمكن للقائد العام استخدام قوات الأمن العراقية لمواجهة ميليشيا مارقة تابعة لقوة فيلق القدس في الحرس الثوري الإسلامي – فيجب على الولايات المتحدة سحب كل الدعم ووضع الحكومة العراقية في غير صالحها الاقتصادي ، مع الاستمرار في دعم الحلفاء التقليديين والجدد في العراق الاكبر من كل هذا.
إن سحب الدعم المالي الأمريكي للحكومة العراقية ومعاقبة المؤسسات العراقية التي من خلالها تقوم مجموعات مثل كتائب حزب الله بتمرير الدولارات أمريكية إلى طهران، سيؤثر على إيران وأحزابها السياسية في العراق. المتظاهرون يطالبون الكاظمي بملاحقة المليشيات، إنهم يريدون من الولايات المتحدة إنهاء دعمها للوضع الراهن. إنهم يريدون انتخابات جديدة لإنهاء تصويت إيران على ما يفعله العراقيون وهم يريدونها الآن.
إن أحد العناصرالرئيسية للوضع المؤقت للكاظمي كرئيس للوزراء هو الدعوة إلى انتخابات جديدة واعتقال المسؤولين عن قتل المتظاهرين العراقيين وكبح جماح الميليشيات الموالية لطهران. لقد قال الأشياء الصحيحة ولكن كل ما يهم هو أفعاله أو تقاعسه.
دعونا ننظر إلى العراق قبل زيارة الكاظمي للولايات المتحدة. عاد المتظاهرون مرة أخرى إلى الشوارع مطالبين بإجراء انتخابات حرة ونزيهة والمياه والكهرباء والوظائف وعراق خالٍ من التدخل الإيراني. ولايزال المتظاهرون العراقيون يُقتلون ويُعذبون ويختطفون مقابل دفع الفدية ويختفون ويحتجزون على أيدي المليشيات وقوات الأمن. وحسب هذه التركيبة الحالية، فأن القوات التي هي تحت إمرة القائد العام للعراق تعمل خارج سيطرته.
وطالب الكاظمي بإجراء تحقيقات في أعمال العنف التي استهدفت المتظاهرين، وفي مرتين، تم احتجاز أعضاء الميليشيات باستخدام القوات الخاصة العراقية، فقط ليستتبعها إطلاق سراحهم في غضون 48 إلى 72 ساعة. جاء إطلاق سراحهم بعد ضغوط شديدة من طهران وكتائب حزب الله وتحالف فتح بقيادة هادي العامري من منظمة بدر.
أن رئيس الوزراء في وضع يمكن التنبؤ به: ليس لديه اي سلطة للقيام بأي شيء ضد أولئك الذين وضعوه في السلطة. أصبح لإيران السيطرة على النظام البرلماني العراقي منذ انتخابات 2018. كان لديها سيطرة ضعيفة على حزب الدعوة تحت قيادة نوري المالكي ولكن تم تعزيز ذلك مع الميليشيات التي وصلت إلى السلطة في 2018 ، عندما فاز تحالف الفتح على حزب النصر لرئيس الوزراء آنذاك حيدر العبادي.
أن العبادي الذي كان القائد العام خلال الحملة ضد داعش ، خسر الفضل في هزيمة داعش للميليشيات التي يقودها سليماني عبر المهندس والعامري. ومن المفارقات أن لقب “رَجُلنا في بغداد” تم إعطائه للكاظمي من قبل طهران والرياض، ونعم من قبل واشنطن ايضاً.
أعطت انتخابات 2018 الأحزاب السياسية المرتبطة بطهران سيطرة على مجلس النواب العراقي. ربما كان تحالف مقتدى الصدر في سائرون متصدراً ولكن طهران لم تكن قلقة لأنها أظهرت دائماً قدرة على دفع الصدر لدعم موقفها. أن ائتلاف دولة القانون الذي يتزعمه المالكي وتحالف الفتح بقيادة العامري طوقوا الصدر، العبادي وعمار الحكيم من حزب الحكمة بتشكيل أكبر كتلة في البرلمان – الكتلة المعروفة باسم البناء.
تلبس الميليشيات بدلات في مجلس النواب. لديهم السيطرة ولهم الصدارة. إن البرلمان ، وليس رئيس الوزراء ، هو الذي سيقرر ما إذا كان هناك إصلاح انتخابي وانتخابات مبكرة. لقد دعمت المليشيات الكاظمي لسبب: هم ليسوا قلقين منهُ لأنهم يملكون كل السلطة.
يريد كل من الولايات المتحدة والعراقيين انتخابات حرة ونزيهة ومبكرة، ولكن إيران لا تريد ذلك. أن العراقيون على استعداد للموت من أجل التحررمن الأحزاب السياسية والدينية الفاسدة التي تعطي الأولوية لمصالح طهران فوق مصالحهم. تحتاج الولايات المتحدة إلى الاعتراف بالتضحيات التي قدمها هؤلاء العراقيون الذين يريدون السيادة بعيداً إيران من خلال تسليط الضوء على الفظائع التي ارتكبتها الميليشيات وقوات الأمن العراقية.
تريد كل من واشنطن وبغداد أن يتصدى الكاظمي للميليشيات الإيرانية، بينما لا تريد إيران ذلك. لقد ولت الحجج الضعيفة التي مفادها أن التصدي لوكلاء إيران سوف يحشد العراقيين تحت راية العلم العراقي لدعم الميليشيات. أن الأدعاء بهذا المنطق قديم ومُتعَب وتم بمقتل سليماني والمهندس. العراقيون لم يتحشدوا تحت راية العلم العراقي حينها، بل أكثر من ذلك طالبوا باستهداف المزيد من قادة الميليشيات من قبل الولايات المتحدة.
يجب على الولايات المتحدة أن تطالب الكاظمي بالتصدي للميليشيات التي تهدد قواتها وسيادة العراق ويجب على البيت الأبيض أن يطالب الكاظمي بإجراء انتخابات حرة ونزيهة ومبكرة، وفي كلتا الحالتين أعلاه، إيران هي في موقع أقوى من الولايات المتحدة. وإيران لها الكلمة الفصل من خلال اختراق ميليشياتها للجهاز السياسي والأمني العراقي. ولكن الولايات المتحدة لديها النفوذ الاقتصادي الذي يمكنه أن يُهلِك الاقتصاد العراقي وينهي استخدام طهران للعراق كنظام لدعم حياتها الاقتصادية.
يجب على الكاظمي أن يستخدم مجموعة موثوقة داخل قوات الأمن العراقية لديها الاستعداد لمواجهة الميليشيات واعتقال قادتها والأهم من ذلك إبقائهم رهن الاعتقال على الرغم من الضغوط من إيران وشركائها العراقيين. وهذا سيزيد دعمه في العراق وسيعطيه نفوذاً على الفتح في مجلس النواب. إذا لم يتخذ الكاظمي أي إجراء، فيجب على الولايات المتحدة أن تتخذ قراراً مُكلفاً للحكومة العراقية.
لدى الكاظمي خياران: إبعاد العراق عن إيران أو معاملته مثل إيران. ولدى الولايات المتحدة أيضًا خياران:أن تبقى عمياء آزاء إستيلاء إيران على العراق أو أن تستمع للشعب العراقي الذي يريد مساعدتها في تصحيح العراق.”
المصدر: https://arab.news/847q8