صالح لفتة
لمن يسأل كيف تخلفت أمة العرب عن باقي الأمم، الجواب بسيط فأمة اقرأ لا تقرأ، أمة العرب أقل الأمم التي تقرأ الكتب والمؤلفات، أقل الأمم بالاهتمام بالمطالعة قياساً بالشعوب والأمم الأخرى .
فالإحصاءات الخاصة بالقراءة والمطالعة والصادرة من منظمات محترمة لها مصداقية فيما تقول مثل منظمة الفكر العربي ومنظمة اليونسكو تؤشر على حجم الكسل وقلة الاهتمام بالمطالعة للمواطن العربي بالنسبة لنظيرة الأوروبي أو الأمريكي أو حتى الاسرائيلي .
المواطن العربي لا يقرأ حتى كتاباً واحداً في السنة نسبة لعدد السكان فكل ثمانين عربي يقرأون أقل من كتاب واحد في السنة بينما المواطن الأوروبي مثلا يقرأ حوالي ٣٥ كتاباً في السنة بمعدل كتابين ونصف في الشهر، حتى المواطن الإسرائيلي الذي يعتبر العدو الأول لأمة العرب يقرأ ما يقارب ٤٠ كتاباً في السنة.هذه النسبة طبعاً لا تشمل الكتب المدرسية أو الصحف أو ملفات العمل.
أما بالنسبة للنتاج الأدبي في التأليف والطباعة فالوطن العربي ينتج بجميع بلدانه مجتمعة أقل من ٥٠٠٠ كتاباً في السنة ، بينما في أمريكا وحدها ينتج أو يؤلف أكثر من ٣٠٠ ألف كتاب في العام الواحد .
هذه الهوة الواسعة بين ما يقرأ ويؤلف في العالم العربي نسبة إلى الأمم الأخرى بالتأكيد له أسباب كثيرة ومن أهمها الوضع الاقتصادي المزري فهو أساس المصائب والمشاكل فليس من المعقول أن يشتري الجائع الكتب وبطنه خاوية وحتى في الدول العربية الغنية إذ تستأثر فئة قليلة من الشعب بالأموال وتجوع النسبة الأكبر فالجائع يبحث عن ملئ بطنه أولاً ولن يهتم بالقراءة.
كذاك انتشار الأمية بشكل مخيف في العالم العربي فنسبة التخلف عن الالتحاق بالمدارس بين الأطفال عالية جداً مما يولد جيوش من الجهل والتخلف بين المجتمع، أيضاً لا يملك المواطن العربي أي فائض في الوقت فهو يقضي أكثر أوقاته في تصفح الانترنت ومواقع التواصل الاجتماعي ومشاهدة البرامج الترفيهية على الفضائيات دون أن يولي جانب القراءة وتثقيف نفسه أي اهتمام.
الترجمة والاطلاع على ما أنتجه الآخرون من مؤلفات تعتبر الأقل في عالمنا العربي فتكون الكتب الموجودة في الأسواق العربية المتاحة للقارئ قليلة وأسعارها مرتفعة .
ولكي نساعد في حل مشكلة القراءة نحتاج إلى حملات توعية مكثفة ومستمرة بأهمية القراءة وإجبار الأهالي لزج الأطفال في المدارس وتحفيز الشباب للقراءة وغرس حب المطالعة في نفوس أبناءنا من صغرهم وهذا الأمر يجب أن يشترك فيه المواطن والدولة والإعلام ويستمر لفترات طويلة .
نحتاج إلى تحفيز القراء والمؤلفين مادياً وتحديد جوائز مادية ضخمة في التأليف والقراءة من قبل الدولة في مختلف المجالات فليس من الصحيح إهمال جانب دون جانب .
تعتبر صناعة الكتب والتأليف في العالم من المهن التي تدر على القائمين عليها أرباح بملايين الدولارات بينما في الوطن العربي يعتبر تأليف الكتب مشروعاً خاسراً لا يحصل صاحبه على أي أرباح بسبب ارتفاع تكاليف الطباعة وضعف التسويق وقلة النسخ المطبوعة والمباعة قياساً مع جميع الدول لذلك نحتاج إلى مساهمة الدولة في طباعة الكتب ليكون الكتاب متاحاً للطبقات الفقيرة بأسعار مناسبة تسمح باقتنائه ويحصل المؤلف على هامش ربح جيد يكفيه ليستمر بالتأليف وللتغلب على مشكلة قلة القراءة والمطالعة نحتاج إلى سنوات من التشجيع والمساهمة والدعم لنحصد ثمار القراءة ونصل للريادةفعندما يتصالح الإنسان العربي مع الكتب سيتغير الكثير من واقعنا التعيس.