مع تصاعد العمليات العسكرية بين أطراف النزاع الليبي المدعومة من دول مختلفة، رهن وزير الخارجية التركي، مولود جاووش أوغلو، وقف إطلاق النار بانسحاب قوات اللواء المتقاعد خليفة حفتر من مناطق في وسط وغرب ليبيا، الغارقة في الفوضى منذ سقوط نظام معمر القذافي عام 2011.
وفي مقابلة مع صحيفة فاينانشيال تايمز، قال جاووش أوغلو إن قوات حكومة الوفاق الوطني المدعومة من أنقرة والتي تتخذ من العاصمة طرابلس مقراً لها، مصرة على استئناف هجومها ضد قوات حفتر إذا لم تنسحب الأخيرة من سرت الساحلية استراتيجية وقاعدة الجفرة التي يوجد فيها أكبر نظام دفاع جوي في البلاد.
وألمح الوزير التركي إلى أن بلاده قد تدعم أي هجوم تقوم به حكومة الوفاق الوطني “بشروط مسبقة” و”طالما كان شرعياً ومنطقياً”.
وبدعم من تركيا، سجلت القوات الموالية لحكومة الوفاق تقدماً كبيراً خلال شهر حزيران الماضي حيث استعادت السيطرة على الشمال الغربي وطردت القوات الموالية لحفتر التي كانت شنّت هجومها للسيطرة على طرابلس في نيسان 2019.
وتطالب حكومة الوفاق بالعودة إلى خطوط الاشتباك عام 2015، حيث أوضح أوغلو أن روسيا تقدمت بخطة اتفاق لوقف إطلاق النار أثناء المحادثات في اسطنبول الشهر الماضي، وبـ”مواعيد وأوقات محددة”، ولكن حكومة الوفاق الوطني أكدت على ضرورة خروج حفتر من سرت والجفرة بعد مشاورة أنقرة لها.
وفي 27 تشرين الثاني 2019، وقع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، ورئيس المجلس الرئاسي للحكومة الليبية فائز السراج، مذكرتي تفاهم حول التعاون الأمني والعسكري وترسيم الحدود البحرية بين البلدين في البحر الأبيض المتوسط.
وسمحت الاتفاقية لأنقرة بالتنقيب عن النفط والغاز في مياه البحر المتوسط، كما كان نشر تركيا لبوارج عسكرية ومستشارين عسكريين ومدربين سبباً في التقدم الذي حققته الوفاق ضد حفتر.
وأول أمس الجمعة، أعلنت المؤسسة الوطنية للنفط في ليبيا استئناف إنتاج وتصدير النفط بعد نحو ستة أشهر من التوقف بسبب النزاع الذي يعصف بالبلاد.
واندلعت الحرب عندما قام الجنرال حفتر -الذي يسيطر على شرق ليبيا منذ عام 2015- بشن هجوم في نيسان 2019 للإطاحة بحكومة الوفاق التي تدعمها الأمم المتحدة، وظلت العاصمة تحت الحصار لأشهر، حيث حصل حفتر على دعم عسكري من الإمارات العربية المتحدة ومصر وروسيا، وعلى دعم سياسي من فرنسا.
ووضع الوزير التركي الكرة في ملعب حفتر ومواليه، بالقول: “الآن يعتمد كل هذا على الطرف الآخر، ويجب عليهم قبول هذه الشروط المسبقة من أجل وقف إطلاق نار دائم”.
وبعد تدخل تركيا، تم إخراج قوات حفتر من طرابلس والمناطق المحيطة بها، ما أدى إلى حصول تغيير في موازين القوى على الأرض، الأمر الذي بعث الأمل لدى دبلوماسيين بإحياء العملية السياسية التي ترعاها الأمم المتحدة، في الوقت الذي عبر فيه الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش عن قلقه هذا الأسبوع من عمليات الحشد حول مدينة سرت.
وتزايدت المخاطر عندما قامت مقاتلات يعتقد أنها تابعة لدولة أجنبية بضرب قاعدة الوطية التي سيطرت عليها طرابلس في الأشهر الأخيرة. وقال أوغلو إن هناك تحقيقا لتحديد الطرف المسؤول عن الهجوم، وتعهد بأن من يقف وراء العملية “سيدفع الثمن” مهما كان الفاعل.
وأكد أوغلو أن تركيا لديها “طاقم تدريبي وفني” في القاعدة لكن لم يصب أي منهم بأذى.
وورد في تقرير فاينانشيال تايمز أن المخاطر تتزايد في ليبيا من ناحية النزاع والتنافس الإقليمي بين تركيا من جهة والإمارات ومصر من جهة أخرى، حيث هدد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي الشهر الماضي بإرسال قواته إلى ليبيا إذا ما سيطرت قوات الوفاق على سرت، التي تعتبر مفتاح مناطق النفط، واعتبرها “خطاً أحمر”، كما اتهمت القوات الأميركية في أيار الماضي، روسيا بنشر 14 طائرة من طراز “ميغ-29” وعدد من طائرات “سو-24” في ليبيا لتقوية دفاعات حفتر.