في ظل انهيار أسعار النفط نتيجة تفشي فيروس كورونا في دول عدة من العالم والتي قد تتسبب بأزمة ماليَّة خانقة في البلاد، اقترح مختصون في الشأن الاقتصادي والمالي خطة طوارئ يمكن اعتمادها لمواجهة الأزمة الماليَّة المتوقع حدوثها في البلد بسبب الاعتماد شبه الكلي على الإيرادات النفطيَّة في الموازنة الاتحاديَّة، مطمئنين الموظفين والمتقاعدين بأن رواتبهم مؤمنة بشكلٍ كامل.
وقال عضو اللجنة المالية النائب جمال كوجر في حديث لصحيفة “الصباح” الرسمية واطلعت عليه “الاقتصاد نيوز”، إنَّ “استمرار انهيار أسعار النفط قد يسببُ أزمة ماليَّة خانقة في البلاد لكون الموازنة الاتحاديَّة معتمدة وبنسبة ٩٥ بالمئة على الإيرادات النفطيَّة ففي حال انخفض النفط دولاراً واحداً يعني خسارة العراق نحو مليار و٢٥٠ مليون دولار سنوياً عند تصدير معدل ٣ ملايين و٨٠٠ ألف برميل يومياً”.
وأكد عضو اللجنة الماليَّة، أنَّ “رواتب الموظفين والمتقاعدين مؤمنة بشكلٍ كامل لكون هناك خطة طوارئ يمكن للحكومة أنْ تلجأ إليها في حال انخفاض الإيرادات الماليَّة”.
واضاف أنه في “حال استمرار أزمة كورونا وتفشي الفيروس في جميع دول العالم قد تؤدي آثاره في عمليات تصدير النفط وهذا بدوره سيؤثر في معدلات تصدير النفط العراقي”، مشدداً على “ضرورة وضع الخطط لتلافي الأزمات التي يمكن أنْ تحدق في البلد نتيجة الاقتصاد الريعي والاعتماد على النفط فقط”.
الحلول الناجعة
من جهته، أكد النائب السابق والمختص في الشأن المالي رحيم الدراجي أنَّ “الدولة العراقيَّة ستكون في مأزق وستحل كارثة اقتصاديَّة بالبلد في حال عدم إيجاد الحلول الناجعة للأزمة الماليَّة المتوقعة نتيجة تدني أسعار النفط”.
وقال الدراجي قي تصريح لـ”الصباح”: إنَّ “الحكومة الاتحاديَّة عليها إعداد خطة طارئة لمواجهة الأزمة تتضمن ضغط النفقات غير الضرورية في الموازنة الاتحاديَّة، وتقليل رواتب الرئاسات الثلاث والدرجات الخاصة، وإعادة النظر بعقود جولات التراخيص مع الشركات النفطية التي تكلف الدولة نحو 12 مليار دولار سنوياً”.
واضاف انَّ “المرحلة الحالية تتطلب العمل على مكافحة الفساد من خلال التدقيق بعدد الموظفين لكون هناك فضائيون بحسب تقرير أعده أحد النواب، وهذا يمكن أنْ يوفر أموالاً طائلة للدولة”.
وحذر الدراجي من “اللجوء الى الاستدانة الخارجيَّة في تسديد عجز الموازنة المتوقع بأنْ يكون كبيراً جداً في ظل انخفاض أسعار النفط والتحديثات الأخيرة التي حصلت في الموازنة كإدراج درجات وظيفيَّة جديدة وغيرها”، مبيناً أنَّ “العراق يسدد سنوياً نحو 12 مليار دولار لبعض الدول والبنوك الخارجيَّة، إذ إنَّ هذه الديون فيها فوائد مالية تزدادُ سنوياً يمكن أنْ تثقل كاهل الدولة مالياً”.
خطط ستراتيجيَّة
الى ذلك دعا الخبير الاقتصادي عبد الحسين القزاز الى “ضرورة إعداد خطط ستراتيجيَّة لجعل الاقتصاد العراقي يتحول من ريعي الى اقتصاد متنوع”.
وقال القزاز ، إنَّ “العراق مرَّ بأزمات اقتصاديَّة عديدة إلا أنه لم يعد خطة ناجعة يمكن أنْ تنقذه من تداعيات هذه الأزمات من خلال تفعيل القطاعات الاقتصاديَّة الإنتاجيَّة وتنويع الصادرات”.
واضاف إنَّ “هذا يأتي من خلال إيجاد رؤية اقتصاديَّة واضحة تخلق ثورة اقتصاديَّة كبرى بمختلف المجالات، كما فعلتها دولٌ أخرى كماليزيا وسنغافورة وغيرها من الدول”.
بدورها دعت لجنة الاقتصاد والاستثمار النيابيَّة، الحكومة إلى إيقاف الإنفاق الاستثماري والحد من الإنفاق التشغيلي وتأجيل سداد ديون العراق ومراجعة أسعار الصرف بسبب انخفاض أسعار النفط.
وذكرت اللجنة في بيانٍ تلقته “الاقتصاد نيوز”، أنها تتابع بقلقٍ بالغٍ تدني أسعار بيع النفط، ما يتطلب من الحكومة أخذ الاحتياطات اللازمة لمواجهة أزمة اقتصادية عالميَّة تلوحُ في الأفق سيكون تأثيرها قوياً في الاقتصاد العراقي في ظل العجز والديون المثقلة بها الميزانية العامة للدولة.
وطالبت اللجنة الحكومة باتخاذ جملة من الإجراءات والقرارات التي تستطيع من خلالها إدارة الأزمة المالية وأهمها إيقاف الإنفاق الاستثماري والحد من الإنفاق التشغيلي في جميع أوجه النشاط الحكومي فوراً، والاتفاق مع الجهات الدائنة على تأجيل سداد ديون العراق الخارجيَّة والداخليَّة لحين تحسن الوضع المالي، واستحصال ديون الدولة على شركات الهاتف النقال وشركات الاتصالات، فضلاً عن إيقاف تسديد المبالغ للمستثمرين في قطاع الكهرباء، والعمل على تعزيز الواردات الحكوميَّة ورفد الخزينة بقيمة صادرات الإقليم من النفط الخام والمنافذ الحدوديَّة.