بي بي سي
يحتل انتشار فيروس كورونا في العالم حيزاً كبيراً من اهتمامات الصحف العربية، وقد تناول عدد من كتاب الرأي هذه القضية، ولا سيما انتشار الفيروس القاتل في المحيط الإقليمي.
وخلال الأسبوع الماضي، ظهرت حالات إصابة بالفيروس في عدد من البلدان العربية لأول مرة، ومنها عمان، والكويت، والبحرين، ولبنان.
وناقش كتاب رأي طريقة تعامل بعض البلاد العربية مع انتشار الفيروس، بين مؤيد ومنتقد.
وانتقد بعضهم ما وصفه بـ”استهتار” السلطات في بعض الدول في التعامل مع الفيروس، فيما انتقد آخرون “جشع” التجار في التعامل مع الأزمة من خلال رفع أسعار الكمامات.
وأشاد فريق ثالث بالإجراءات التي اتخذتها دول أخرى لمنع انتشار الفيروس في أراضيها.
“استسهال الوزير”
يقول راجح الخوري في جريدة “الشرق الأوسط” اللندنية”: “قبل أسبوعين كانت عاصفة ‘كورونا’ تجتاح دول العالم… لكن وزير الصحة اللبناني الدكتور محمد حسن، في ‘حكومة الاختصاصيين’، ذهب إلى مطار بيروت، وقام بجولة، وعراضة تلفزيونية، ولم يتردد في القول، أن لا داعي للذعر؛ فكل شيء مراقب وتحت السيطرة، وفي أي حال إن لبنان يملك لقاحاً لفيروس كورونا”.
ويتساءل الكاتب: “لكن كيف ومن أين؟ في حين نقرأ أن العلماء في الصين والولايات المتحدة ودول أوروبية متقدمة، ينكبون في المختبرات بحثًا عن علاج لهذا الفيروس، الذي بدا الآن أقرب إلى وباء بات يهدد دول العالم كلها”.
ويجيب الكاتب: “ربما استسهل الوزير حسن يومها الأمر، قبل انفجار الذعر على مستوى دولي، فظن أننا أمام مجرد إنفلونزا معروفة، تتوافر لها لقاحات حتى في كهوف أفريقيا”.
ويقول فاروق يوسف في جريدة “العرب” اللندنية: “لقد تعامل المسؤولون العراقيون على سبيل المثال بطريقة فيها الكثير من المزاح وعدم الاكتراث مع تلك الظاهرة الخطيرة. وأظهروا حماسة عقائدية سدت الطريق أمام العلم والسلوك العملي”.
ويتابع يوسف: “لقد تدهورت الحالة في العراق، حتى أن النجف قد تم غلق حدودها من غير أن تعترف الحكومة العراقية بحقيقة ما يحدث هناك… لا يمكن أن يفهم الطائفيون في العراق أن المسألة لا تتعلق بالعقيدة. فالوباء لا دين له. وإذا ما تعلق الأمر بالسياسة فإن سلوك المسؤولين العراقيين يعد انتحاراً معلناً. فالوباء القادم من إيران لا يحمل بين طياته آثاراً طائفية، ولا علاقة له بالمواقف السياسية المنحازة لنظام الملالي”.
ويضيف يوسف: “الصيغة التي تعامل بموجبها حكام العراق مع كورونا الإيراني لا تليق بدولة تحترم حياة شعبها. وإذا ما كان الخضوع للنظام الإيراني هو أساس ذلك التعامل مع الظاهرة الخطيرة فإن النتائج الكارثية لا بد أن تؤدي إلى إنهيار النظام في العراق”.
“استهتار السلطات الإيرانية”
ويقول مشاري الذايدي في جريدة “الشرق الأوسط” اللندنية إن مع انتشار كورونا “يتم امتحان قدرات الدول الحقيقية، وكيف تتعامل مع هذه المصيبة بعقلانية وحزم ومسؤولية، لأن صحة المواطنين والمقيمين والزائرين لأراضي الدولة هي مسؤولية الدولة”.
ويتابع: “هنا، قارن تعامل الدولة الإيرانية مع هذا الخطر، بتعامل الدولة السعودية. والغرض هنا ليس توظيف المرض – معاذ الله – في الحرب السياسية القائمة بين البلدين… حسب تحذيرات الأطباء ومنظمة الصحة العالمية، فإن تجنب التجمعات البشرية الكثيفة، يستحسن هذه الأيام للسيطرة على انتشار مرض كورونا. من هنا كان إعلان وزارة الخارجية السعودية، تعليق الدخول إلى المملكة لأغراض العمرة وزيارة المسجد النبوي الشريف ‘مؤقتاً'”.
ويضيف: “قارن ذلك باستهتار السلطات الإيرانية بصحة الزوار من المسلمين الشيعة لمقام الإمام الرضا في مشهد، أو مقام فاطمة المعصومة في قمّ؛ حيث مركز التعليم الديني الشيعي… لماذا لم توقف سلطات إيران الزيارات الدينية إلى قم ومشهد؟! ولماذا يتحدث حسن روحاني عن مؤامرة على الشعب الإيراني؟! من المسؤول عن صحة الإيرانيين وزوار إيران؟! إدارة ترامب أم حكومة روحاني”.
وتقول جريدة “رأي اليوم” الإلكترونية اللندنية في افتتاحيتها إن “المملكة العربية السعودية اتخذت قرارات جريئة بتقليص عدد الزوار لأداء مناسك العمرة وزيارة قبر الرسول صلى الله عليه وسلم… بينما ألغت الحكومة الإيرانية صلاة الجمعة في أكثر من سبع مُحافظات”.
وتتابع الافتتاحية: “مِن المفارقة أن مايك بومبيو، وزير الخارجية الأمريكي، صرح أن بلاده قدمت عروضاً لطهران بشأن تقديم مساعدات فنية لها لتعزيز إجراءاتها في مواجهة هذا الفيروس الذي انتشر بنسبة عالية فيها”.
وتضيف الجريدة: “إنها دموع التماسيح الكاذبة، فلو كانت أمريكا حريصة فعلًا على إيران وشعبها لما فرضت هذه العقوبات الجائرة التي كان لها دور مباشر في انهيار الاقتصاد وفي ضعف الخدمات الصحية، وسوء الأحوال المعيشية مما أسهم في انتشار الوباء”.
“أول اختبار وطني”
يقول حسين التتان في جريدة “الوطن” البحرينية: “كلنا يعلم أن من يمكنه أن يساهم في مساعدة الناس في تجاوز مرض ‘كورونا’ هم التجار، ونخص بالذكر، الصيدليات والمشافي الخاصة. حيث مع الأسف، وبسبب جشع بعضهم -وهم قلة للغاية- قاموا برفع الأسعار بطريقة غير إنسانية تحاكي جشعهم وطمعهم”.
ويتابع: “في كل الأوقات والأزمات، يختبر الناس والتجار ومن لهم مصالح مباشرة من خلال مختبر الأزمات… وفي حالنا هذا، توقعنا من أصحاب الصيدليات أن يقوموا بالتبرع، ولو بجزء من ‘الكمامات’ المخفية عن أنظار المستهلكين، للمستشفيات الحكومية والمرضى، أو للناس العاديين، لكنهم فعلوا العكس، فقاموا بإخفائها ورفع أسعارها، فسقطوا في أول اختبار وطني واضح”.
ويضيف التتان: “الطامة الكبرى هي، أن أحد النواب حين قام بالاتصال بحماية المستهلك ليخبرهم ويبلغهم عن ارتفاع أسعار الكمامات في إحدى الصيدليات بشكل كبير جداً، أخبره الموظف، أن من حق التاجر أن يرفع سعر سلعته كما يشاء! هذا الرد لا نقبله في الأوقات العادية، فكيف نقبله في مرحلة الأزمات يا حماية المستهلك، ولولا التدخل الحكومي الأخير، لوصلت سعر الكمامة الواحدة مائة دينار”.
وفي السياق ذاته، يقول وليد الرجيب في جريدة “الرأي” الكويتية إنه “وكما يفعل تجار الحروب، في استغلالهم مآسي وآلام شعوبهم في الإثراء، يهرع بعض التجار لاستغلال مشاعر الخوف عند الناس، فيرفعون الأسعار ويحتكرون البضائع، وينشرون إشاعات تبث الهلع عند الناس، حول نقص بضائع معينة، لكي يقبل الناس عليها”.
ويتابع: “وحتى بعض أطراف المعارضة من أجل المعارضة، تستغل الكوارث لمصلحتها السياسية، وتصوب سهام النقد من دون منطق سياسي أو علمي، فإن أهملت الحكومة على سبيل المثال الاستعدادات الاحترازية، يتم انتقادها، وإن اتخذت إجراءات متشددة حيال الأمر، قالت إنها بالغت في الإجراءات، وهدرت المال العام من أجل بضعة مرضى”.
ويضيف الرجيب: “والغريب أننا في فترة الاحتفال بيوم التحرير، الذي كان بحق ثمرة لتلاحم الجبهة الداخلية، والتعالي على كل الخلافات والاختلافات، إنه اليوم الذي أثبت فيه الكويتيون، أنهم يتوحدون في وقت الشدائد والملمات، فبدلاً من أن نستذكر ذلك في هذه المناسبة، نقوم وبتعمد بإضعاف جبهتنا وتلاحمنا وتعاوننا، من أجل مصالح خاصة تافهة، فوحدتنا وصمودنا أثناء الاحتلال، كان إحدى ضمانات التحرير”.