ثورة تشرين العراقية: تجريف الطبقة السياسية الفاسدة

د. هشام الهاشمي

دحضـت الافتراء على الشباب بأنه جيل فاشل غير مبال ولا يهتم بالشأن الوطني، واثبتت إن الفئات الشـبابية تمتلـك إرادة وتفكيرا عميقـا ذلـك إنهـا مستعدة للتضحية القصوى في سبيل تحسين صورة الوطن والتصدي لما تراه تهميشا وإقصائا وغياب العدالة بحقها وحق الوطن.


إن مفهوم ثورة تشرين العراقية وتأثيره الناضج لم يكن ليخرج إلى حيز الوجـود بـأسره، بفضـل ثـورة الفقر والبطالة والحريـة التي قادها جيل العقود الثلاثة الماضية والمهمشين. وبدأ يتصدر المشهد منهم أعلام الكلمة الواعية والمثقفة التي تحاول تأسيس وبناء المطالب والشروط وصياغة القضية والفكرة
وتقويم الانحراف في سلوك النظام السياسي، بطريقة مستقاة من شعارات شباب الثورة ووعي المواطنة بقداسة الوحدة الوطنية وجمال التعددية الثقافية وقدرتها على الإصلاح والتغيـير، فلا سلطة أعلى من الوطنية التي تجمع كل ثقافات العراق وتصنع العدالة الاجتماعية وهـي حامية لحرية الدين والعقيدة..
إن فطرة التي فطر عليها العراقي يوم خلق انه يثور على الحكومة المستبدة بلا تردد، غير أن شياطين الأحزاب الفاسدة زخرفت الفساد للفئات الضعيفة وصيرتها خاضعة لهـا، على الرغم من حب الناس للحرية وحقدهم على الطغيان، وإن إقامة حكومة عادلة تقتضي ترتيب انتخابات نزيهة وانتخاب برلمان موثوق به، يعطي الشرعية الى السلطات وتنظيماتها.
فإن جيـل شـباب ثورة تشرين العراقية المـتحضر هو الذي حمل راية الثورة وحشد الجماهير في الساحات العامة وتحلق حولهم الآلاف يرفعون شعارات حكيمة فيها المعاني الواضحة “نريد وطن” إنه حكـم الشعب السلمي الـذي يريد ان يشارك في تقرير المصير وفي صنع القرار السياسي ويحول الحرية إلى كلمة باقية وفعل دائم.
نزلوا إلى الشوارع والساحات خلاصا من الفقر والبطالة وظلم الفاسدين والسلاح السائب الذي سحق كرامتهم، نزلوا يطلبون حقهم والعدل والحرية إنهم الشعب الأوسع والأكـثر مصداقية، ولـيسوا حزبا او حركة سياسية، ولا يحمـلون في صدورهم أي كراهية او عنصرية سوى الحرية والعدالة للجميع.
إن هذه الغاية التي خرجت لها ثورة تشرين أسقطت حكومة المحاصصة النخبوية الزائفة، فبعد أن كانت شعارات تغيير سلوك النظام أحادية محصورة في طبقة المثقفين والكتاب أصبحت فكرة جمعية نلمسـها واقعـا.
إن الحراك الشبابي الذي اجبر حكومة الأحزاب ان تستقيل، عليه ان ينجح في دفع التجمعات الشعبية المؤمنة به لخوض الانتخابات القادمة بقانون منصف ومراقبة نزيهة، لتجريف الطبقة السياسية الفاسدة.

*كاتب وأكاديمي ومتخصص بالشؤون الأمنية والسياسية والكلمة من صفحته على الفيسبوك