اطلب “الجهل” ولو في الصين!

د. ناجح العبيدي

تحاول حكومة عادل عبد المهدي المستقيلة وإعلامها البائس الترويج للاتفاقية العراقية-الصينية بطريقة غبية والتعامل مع العراقيين وكأنهم جهلة لا يفقهون شيئا ويصدقون كل الحكايات. دأب الإعلام الحكومي هذه الأيام على تصوير الصينين وكأنهم أناس أغبياء لا يعرفون أبسط العمليات الحسابية ويجهلون أصول التجارة ولا يراعون مصالحهم ومستعدون لمساعدة العراق بسخاء يفوق كرم حاتم الطائي. بل وتسعى الأحزاب المتنفذة للترويج بأن سبب الاحتجاجات في العراق يكمن في الاتفاقية مع الصين، وغضب واشنطن منها وليس الفساد ونظام المحاصصة والتفريط بمصالح العراق من أجل نظام ولاية الفقيه في إيران.


خيال الرواية الرسمية في عرض مزايا الاتفاقية يفوق قصص ألف ليلة وليلة ومعجزات الجني الذي يخرج من المصباح السحري ويقول لعلاء الدين “شبيك لبيك الصين بين يديك”.
رغم أن الاتفاقية لم تنشر بعد يتحدث مسؤولو الحكومة والتلفزيون العراقي عن بناء مئات المستشفيات وعشرات الآلاف من المدارس والمعاهد والجامعات والموانئ الاستراتيجية وشبكة الطرق السريعة وعشرات المطارات، وأخير وليس آخرا (تمعنوا رجاء في الرقم المهول) 8 ملايين وحدة سكنية، لا أقل ولا أكثر!! وكل هذه المشاريع تُنفذ خلال 20 عاما فقط لا غير. ومقابل كل هذه المشاريع العملاقة لا تريد الصين “الغبية” سوى مائة ألف برميل من النفط العراقي يوميا! والفضل في ذلك يعود طبعا إلى حكمة وذكاء وشطارة رئيس وزرائنا عادل عبد المعهدي الذي نجح في خداع الصينين وحقق صفقة تاريخية رابحة يحسده عليها الرئيس الأمريكي ترامب المهووس بالصفقات.
لننسى المستشفيات والموانئ والمدراس والطرق والمطارات ولنركز في عملية حسابية بسيطة على الوحدات السكنية. لنفترض أن كلفة الوحدة الواحدة 50 ألف دولار وهو مبلغ متواضع مقارنة بأسعار العقارات في العراق. هذا يعني أن الكلفة الإجمالية لثمانية ملايين وحدة هي 400 مليار دولار. هذا المبلغ سينفقه الصينيون وسيأخذون 100 ألف برميل على مدى 20 عاما. يبلغ سعر البرميل حاليا 60 دولارا. هذا يعني بأن الجانب الصيني “الغبي” سيكسب 6 ملايين دولار يوميا، ما يقارب 2,2 مليار سنويا، أو 44 مليار دولار في 20 عاما. بهذا لن يستلم الصينيون الشاطرون في التجارة سوى عشر المبلغ وفوقه قيمة المشاريع الأخرى التي لن تقل كلفة عن الوحدات السكنية المزعومة.
حكومة عبد المهدي تحاول التغطية على فشلها من خلال تقديم أحلام لا أساس لها.
من الطبيعي أن يسعى العارق لإقامة علاقات مع ثاني اقتصاد في العالم وأن يجد مكانا له في مشروع طريق الحرير الجديد الذي تحاول الصين من خلالى توسيع نفوذها الاقتاصدي والسياسي حول اعالم، لا سيما وأن بغداد كانت محطة رئيسية لطريق الحرير القديم. لكن هذا يقوم على مصالح متابدلة وليس على أساطير الاتفاقية المزعومة مع الصين والتي لا يعرف تفاصيلها إلا عادل عبد المهدي الذي عثر أخيرا على المصباح السحري هناك.
وللعلم الصين نفسها تعاني من أزمة سكن ولا يزال تملك شقة خاصة حلما صعب التحقيق بالنسبة لمئات الملايين من الصيينيين نتيحة الأسعار الخيالية للعقارات. شقة صغيرة من 3 غرف ولا تزيد مساحتها عن 80 مترا مربعا في شنغهاي مثلا يزيد سعرها مليون دولار بالتمام والكمال.