موقع «ناشيونال إنترست» الأميركي: لماذا اشترت واشنطن 21 مقاتلة روسية من طراز «ميج- 29»؟

متابعة “ساحات التحرير”

هناك العديد من الأسباب التي يوضحها روبرت بيكوسهن في مقاله بموقع «ناشيونال إنترست» التي دفعت الولايات المتحدة لشراء 21 مقاتلة روسية من طراز «ميج- 29» من مولدوفا بعد انهيار الاتحاد السوفيتي، أهمها هو: سعي واشنطن لحرمان إيران منها.

يقول الكاتب إنه عندما انهار الاتحاد السوفيتي في أواخر عام 1991، ورثت الدول المستقلة حديثًا في نطاقه مخزونات هائلة من الأسلحة التي تركها الجيش الأحمر خلفه.
كانت إحدى الحالات الأكثر إثارة للاهتمام هي القوة الجوية لجمهورية مولدوفا السوفيتية السابقة الصغيرة. ويتألف مخزون الجمهورية الجديدة من 34 طائرة من طراز ميج- 29 فولكرم، وثماني طائرات هليكوبتر من طراز إم آي- 8 هيب، وحفنة من طائرات النقل، وهي قوة كبيرة لمثل هذه الدولة الصغيرة. ولتصور حجم مولدوفا الحقيقي، يكفي أن تعرف أن عدد سكانها أصغر من سكان منطقة مترو في بورتلاند بولاية أوريجون الأمريكية.

مولدوفا.. دولة صغيرة تمتلك طائرات كثيرة

يقول الكاتب إن مولدوفا لم تستطع تحمل تكاليف صيانة الأسطول الجوي لديها، وما زاد الطين بلة، أنها كانت في حالة ركود عميق. وفي الوقت نفسه، خشيت الولايات المتحدة أن تبيع مولدوفا طائرات ميج- 29 لإيران، والتي يمكن أن تستخدمها لتعزيز أسطولها الخاص من مقاتلات فولكرام. كما كانت واشنطن قلقة أيضًا من أن مولدوفا ربما تنقل التكنولوجيا إلى إيران، إذ كان الأسطول يتضمن 14 مقاتلة من طراز ميج 29 سي جرى تعديلها لإطلاق أسلحة نووية.
لذلك في عام 1997، نشرت الولايات المتحدة أقوى أدواتها للحصول على مقاتلات ميج 29 لنفسها. كانت تلك الأداة هي المال. اشترت واشنطن 21 طائرة من طراز ميج- 29، من بينها أربعة عشر مقاتلة من طراز «سي» وواحدة من طراز «بي» وست من طراز «أيه»، ونقلتهم في صورة قطع غيار في طائرات النقل «سي- 17» إلى دايتون بأوهايو.

 

حرمان إيران ومعرفة أسرار الصناعة الروسية

لم يكن شراء الطائرات طريقة جيدة لضمان عدم انتهائها بأيدي طهران فحسب، بل أعطى واشنطن فرصة لتفقد واحدة من الطائرات ذات الصناعة السوفيتية الأكثر تطورًا على الإطلاق. وفي المقابل، تلقت مولدوفا 40 مليون دولار من المساعدات الإنسانية، وبعض شاحنات الجيش وغيرها من المعدات غير الفتاكة.
وباعت مولدوفا بقية قواتها الجوية لإريتريا واليمن. وستختفي طائرات ميج- 29 الأمريكية الجديدة لاحقًا إلى حد كبير في متاهة من أسراب الاختبار ومراكز الاستخبارات و«منشآت الاستغلال» التابعة للقوات الجوية الأمريكية، وفقًا لمجلة الطيران والفضاء Air & Space Magazine.

فولكرم سهلة المناورة وفتاكة بالنسبة لعهدها

يتابع الكاتب أن طائرة ميج-29 كانت طائرة سهلة المناورة وفتاكة بالنسبة لوقتها. وكانت صواريخ آرتشر AA- 11 المزودة بها متطورة بالنسبة لفترة التسعينيات بسبب قدرتها على متابعة الأهداف باستخدام نظام إشارة مثبت على الخوذة في زوايا أكبر بعيدًا عن مقدمة الطائرة، مقارنة بالمقاتلات الأمريكية المشابهة. غير أن هذه الميزة ستنهار لاحقًا عندما قدم البنتاجون صاروخ AIM- 9X في عام 2003 وشاشات العرض المثبتة على الخوذة.
كانت فولكرم تفتقر كذلك إلى أنظمة إدارة إلكترونيات الطيران والمعلومات لإبلاغ الطيار بما يجري خارج الطائرة، أو أين موقعهما. وكان على الطيار أن ينظر إلى الخرائط الورقية حرفيًّا لمعرفة موقعه. وبشكل عام، تعد ميج- 29 طائرة رائعة فيما يتعلق بالهندسة، لكنها عتيقة بشكل متزايد للحرب الجوية في القرن الحادي والعشرين بدون تحديثها.

إسرائيل تستعير طائرات ميج- 29

شاءت المقادير أن يكون عام 1997 هو العام ذاته الذي حصلت فيه دولة أخرى خارج الكتلة السوفيتية السابقة على طائرات ميج 29. كانت تلك الدولة هي: إسرائيل، التي استعارت ثلاث مقاتلات فولكرم ذات مقعد واحد لمدة أسبوعين من بلد من أوروبا الشرقية لم يكشف عنه.

بالنظر إلى أن الطائرة MiG- 29 كانت المقاتلة النفاثة الأكثر تقدمًا التي قدمتها روسيا لعملائها العرب – العراق ثم سوريا – رحب الإسرائيليون بلا شك بالفرصة التي تتيح لهم اختبارها وتقييمها بأنفسهم.
الطيارون الإسرائيليون الذين اختبروا الطائرة كانوا معجبين جدًّا بها. على الرغم من اختلافها عن الطائرات الأمريكية الصنع المعيارية التي كانوا معتادين عليها، فإنهم ذكروا أن الطائرة ميج 29 كانت سهلة الطيران. وكانت مزودة بأجهزة كمبيوتر مشهود لها بالكفاءة إلى حد ما لتمكين الهبوط إذا واجه الطيار صعوبة.
ويقول الكاتب إن هذا يرجع إلى حقيقة أن هذا النظام «يؤدي إلى استقرار في الطائرة في حالة أصيب الطيار بالدوار، وفقد القدرة على تحديد اتجاهه في الفضاء»، وفقا لما ذكرته مجلة آي أيه أف IAF. «مثل هذه الأنظمة لا وجود لها في الطائرات الغربية، إذ يعتمد على الطيار في التعامل مع مثل هذه المواقف بشكل مستقل».
وخلص أحد طياري الاختبار إلى أن «قدرات فولكرم تعادل قدرات الطائرتين F-15 و F-16 وأحيانا تتجاوزهما. إذ تتميز الطائرة بقدرة فائقة على المناورة، وتوفر محركاتها قدرة أكبر على الدفع. ويجب أن يكون الطيارون حذرين حين يشتبكون بهذه الطائرة في القتال الجوي. لكن إذا ما كان الطيارون الذين يحلقون بها محترفين ومدربين جيدًا، فإنها تكون خصمًا عنيدًا».
لا عجب إذا أن تنتهز واشنطن تلك الفرصة لتقييم هذه المقاتلات الهائلة، وفي الوقت نفسه حرمت طهران من فرصة لتوسيع أسطولها. واليوم ما تزال هناك دول تشغل ميج- 29 في جميع أنحاء العالم، وهذه الدول موجودة إلى حد كبير في أوروبا الشرقية والشرق الأوسط وجنوب آسيا. بولندا لديها بعض مقاتلات فولكرم التي تعمل جنبًا إلى جنب مع طائرات ذات صناعة أمريكية من طراز F-16.
في الختام يقول الكاتب إنه «من الغريب أن إسرائيل وقعت اتفاقًا في أغسطس (آب) 2011 لتجديد مقاتلات ميج- 29 البولندية وتحديثها وإصلاحها. بينما ما يزال مصدر إيجار إسرائيل لمقاتلات فولكرم مجهولًا».