لا يمكن لأحد إن يتكهن في السياسة، حيث آثارها العميقة وحبالها المتشعبة التي تتأرجح باستمرار لتشق التحالفات وتتغلغل بين اعضائها فتلتف على القرارات تارة، وترتخِ أمام إخرى تارة أخرى، هذا ما شهدته انتخابات تشرين التي يصفها البعض بانها الانتخابات الأكثر تنظيما ونزاهة، بينما يمتنع الاخر عن الاعتراف بنتائجها ويطعن بها وبمنظميها.. فماذا حدث؟.
سلسلة أوضاع مضطربة ضربت البلاد، لعل أبرزها تظاهرات تشرين عام 2019 وإطاحتها بالحكومة آنذاك، وما تمخض عنها من نتائج ومطالبات لعل أبرزها إجراء انتخابات مبكرة قادرة على انتشال واقع البلاد.. لسان حال المحتجين، فجيء برئيس الوزراء الحالي مصطفى الكاظمي وكانت من أهم الواجبات التي أوكلت إليه من قبل القوى السياسية، إجراء انتخابات مبكرة وإخراج القوات الأمريكية من العراق، وبالفعل حدثت الانتخابات في 10/10/2021، لكن الأنفراجة لم تأتي وآمال الاستقرار تبددت بعد رفض قوى سياسية بارزة هذه النتائج لتبدأ مرحلة جديدة من الصراع أو لنقل إن الحبال عادت مرة أخرى لتتأرجح بين قطبي السياسة العراقية المتمثلة بالإطار التنسيقي والكتلة الصدرية.
رفض الإطار التنسيقي الذي يضم (ائتلاف دولة القانون، تحالف الفتح ، تحالف قوى الدولة، حركة حقوق، حزب الفضيلة، حركة عطاء)، نتائج الانتخابات المعلنة، مدعيا وجود تزوير وظلم قد تعرضت له التحالفات أعلاه مطالبا بالعد والفرز اليدوي، بينما رحبت الكتلة الصدرية بها ووصفتها بالنزيهة وشكرت رئيس الوزراء ومفوضية الانتخابات على جهودهما في إنجاح هذه الانتخابات، وهنا أيقن الجميع إن هذا التفاوت في الآراء سيصعد الأزمة لاسيما بعد خروج تظاهرات عارمة لجماهير الاطار التنسيقي تطالب بالغاء هذه النتائج، لكن ومجددا لا تكهن في السياسة فكل شيء مغاير للتوقعات قد يحدث فيها، بل قد يحدث في منزل رئيس تحالف الفتح هادي العامري.
لأول مرة، أحتضن منزل العامري لقاءً جمع الاطراف المتضادة، الإطار التنسيقي من جهة والكتلة الصدرية بزعامة مقتدى الصدر من جهة أخرى، وكانت أهداف الاجتماع لملمة وترميم “البيت الشيعي” بعد أن بدأ بنيانه يتهالك نتيجة الصراعات المستمرة، فجرى مناقشة تشكيل الحكومة والتفاهمات بين الكتلة السياسية والتحالفات.
زيارة الصدر إلى الإطار التنسيقي كانت زيارة “تاريخية” هذا ما يقوله عضو الإطار سعد السعدي الذي أكد إن هذه الزيارة كانت لإذابة الجليد وتلافي كل الاشكالات والتشنجات للوصول إلى الحلول بين الجميع.
ويضيف السعدي : إن “هذه الزيارة جائت كذلك لتكرس تعزيز طلبنا بالنظر بطعون الانتخابات والتلاعب التي شابها”.
ورغم إن السعدي نفى إرسال وفد في الوقت الحالي إلى الحنانة لإكمال مسير المفاوضات حول تشكيل الحكومة، إلا إنه كشف إن الاتفاق قد تم لتكون هنالك زيارات قادمة بين الجهتين وإن الإطار التنسيقي سيزور الصدر في الحنانة قريبا لتوحيد رؤى “البيت الشيعي”.
من جانبه وعقب انتهاء لقاء الإطار والصدر في منزل العامري، أكد رئيس الهيئة السياسية للتيار الصدري أحمد المطيري، إن “الصدر جاء الى بغداد ليقول للاطار التنسيقي أحفظوا سمعة العراق”.
ويضيف المطيري في بيان: إن ” “دعوة الصدر للإخوة في الإطار التنسيقي في بغداد بعدما رفضوا المجيء إلى النجف الأشرف في بيت أبيه السيد محمد الصدر ، لدليل على شفافيته ونقاء قلبه ومخالفته هواه، ليصل إلى الحلول الناجعة في مسير الأمة المظلومة، والشعب المهضوم والمهتضم.
ويؤكد، إن “الصدر جاء ليقول لهم أحفظوا سمعة العراق، وسمعة التشيع، ولننهض من جديد، ولكن بشرط طرد كل الفاسدين ومحاسبتهم ولو كانوا اتباعي ولو كنت أنا شخصياً، ولننظر من الآن لقطع دابر المطبلين للتطبيع، ومحاربة الإلحاد والمفاسد الأخلاقية في المجمتع بالقوانين الصارمة، وبالموعظة الحسنة”.