أظهرت نتائج جزئية للاستفتاء في روسيا على التعديلات الدستورية التي تخوّل فلاديمير بوتين البقاء في السلطة حتى 2036، تبنيها من قبل غالبية الناخبين، في عملية تندد بها المعارضة وتعتبرها مجرد مناورة تتيح للرئيس الروسي تعزيز سيطرته على البلاد.
وبعد فرز نحو 61% من مراكز الاقتراع المنتشرة في الاتّحاد الروسي المترامي الأطراف، نشرت نتائجها الأربعاء اللجنة الانتخابية المركزية، تبيّنت موافقة 77,02% من الناخبين على هذه التعديلات التي تشمل إلى جانب مسألة ولايات الرئيس الحالي، تضمين الدستور قيمًا محافظة، وتدور نسبة المشاركة حول 65%.
وكان الاستفتاء مقرّرًا أساسًا في 22 نيسان/أبريل، لكن تمّ إرجاؤه بسبب جائحة كوفيد-19. وبهدف تجنّب الازدحام الشديد في مراكز الاقتراع دون إضعاف نسبة الإقبال، تقرّر تنظيم الاقتراع على مدى أسبوع من 25 حزيران/يونيو إلى 1 تموز/يوليو.
ولم يكن ثمّة شكّ في النتيجة، إذ تمّت الموافقة على الإصلاحات من قبل السلطة التشريعيّة في بداية العام، والنص الجديد للدستور سبق أن عرض للبيع في المكتبات.
وفي الشهر الحالي، اعتبر بوتين أنّ هذا التعديل الذي يسمح له بالبقاء في الكرملين حتّى العام 2036 بعد انتهاء ولايته الحالية في 2024، ضروري حتّى لا تضيع البلاد في “البحث عن خلفاء محتملين”.
– الله، الزواج، التقاعد –
وتشمل الإصلاحات أيضًا إدراج القيم المجتمعيّة المحافظة والوطنيّة، العزيزة على الزعيم الروسي، ضمن الدستور، كما والإيمان بالله وعدم تشريع زواج المثليّين، وتحسين الرواتب التقاعديّة والحدّ الأدنى للأجور.
ولم يُنظّم معارضو الكرملين، بما في ذلك الخصم الأساسي لبوتين أليكسي نافالني حملةً بسبب فيروس كورونا المستجدّ ولأنّهم اعتبروا أنّ الاستفتاء يهدف فقط إلى إبقاء بوتين “رئيسًا مدى الحياة”.
وعلّق نافالني على النتائج، متحدّثًا عن “تزوير” و”كذبة كبيرة”، داعياً أنصاره إلى التعبئة للانتخابات الإقليميّة المقبلة في أيلول/سبتمبر. وقال نافالني “بوتين أذلّ الجميع حتى في معظم دول العالم الثالث، لا يوجَد مثل هذا العار”، متّهمًا الرئيس بأنّه يريد “قيادة روسيا مدى الحياة”.
واعتبر نافالني أنّه لن يكون ممكناً “تسوية أيّ شيء بدون الخروج إلى الشارع”، لكنّه امتنع عن توجيه دعوة مباشرة إلى خروج تظاهرات.
في سان بطرسبرغ، صرّح سيرغي غوريتسفيتوف البالغ 20 عاماً بأنّه صّوت ضدّ الإصلاح الذي يريده سيّد الكرملين، لكنّه شكك في إمكان إحداث أيّ تغيير في المعادلة. وقال “صوّتتُ ضدّ (الإصلاحات) وآمل أن نكون كثراً، لكنّي لا أعتقد أنّ هذا الأمر يمكن أن يحدث تغييراً. على الأقل عبّرت عن رأيي”.
لكن في فلاديفوستوك، أعربت المتقاعدة فالنتينا كونغورتسيفا البالغة 79 عاماً عن سعادتها وقالت “بالنسبة إلينا نحن المتقاعدين، هذا أمر مهمّ، أن تُرفع رواتبنا التقاعديّة كلّ عام”. وعن بوتين قالت “طالما لدينا رئيس جيّد، الحياة ستكون كريمة”.
ويأتي التصويت في وقت تتراجع شعبيّة بوتين على خلفية إدارة أزمة كوفيد-19 وتعديل متعلّق بسنّ التقاعد.
وتراجعت نسبة التأييد للرئيس الروسي من 79 بالمئة في أيّار/مايو 2018 إلى 60 بالمئة في حزيران/يونيو 2020.
وبحسب معارضي النظام، ضاعفت السلطات جهودها لضمان النجاح الباهر للاستفتاء والمشاركة الكبيرة.
نتائج “معلّبة”
وكان التدبير الأكثر لفتاً للأنظار هو إقامة مراكز اقتراع موقّتة في الهواء الطلق، في الساحات والملاعب الرياضيّة، لا تراعي تماماً سرّية التصويت ولا المراقبة الكافية لصناديق الاقتراع.
وبحسب المعارضة، لا يهدف ذلك إلى حماية الناخبين من كوفيد-19، بل إلى فبركة نتائج مفصّلة على قياس السلطة.
وقال أحد القيّمين على مركز للاقتراع في شمال غرب البلاد طلب عدم كشف اسمه لوكالة فرانس برس “عندما يتمّ التصويت على تعديلات دستوريّة عند جذع شجرة أو في صندوق سيّارة، لا تشعر بأنّ الأمر جاد”.
وندّدت المنظّمة غير الحكوميّة التي تشرف على الانتخابات “غولوس” بضغط المسؤولين والشركات على الموظّفين لدفعهم إلى التصويت.
كما أشارت المنظّمة إلى وجود تفاوت كبير في نسب المشاركة بين منطقة وأخرى.
من جهتها، قالت رئيسة اللجنة الانتخابيّة إيلا بامفيلوفا إنّه لم تُسجّل “أيّ مخالفة كبرى طوال فترة التصويت”.