أحبطت قوات «الجيش الوطني» الليبي، بقيادة المشير خليفة حفتر، هجوماً تركياً استهدف مواقعه في مدينة سرت. وفي غضون ذلك واصلت قوات حكومة «الوفاق» الليبية، برئاسة فائز السراج، حشد المزيد من عناصرها استعداداً على ما يبدو لـ«حسم السيطرة» على المدينة، في مواجهة قوات «الجيش الوطني».
وطبقاً لما قالته مصادر في «الجيش الوطني»، وتقارير صحافية يونانية، فقد تصدت المضادات الأرضية ومنصات الدفاع الجوي بالجيش لغارات مفاجئة، حاولت مقاتلات تركية، من بينها طائرات (إف 16)، شنها مساء أول من أمس على مواقع الجيش في سرت.
ولم يعلن «الجيش الوطني» أي تفاصيل عن هذه العملية. لكنّ مصادر عسكرية فيه قالت أمس، في تصريحات صحافية، إن الطائرات التركية لم تحقق أياً من أهدافها. مشيرةً إلى أن قوات الجيش تتحسب لهجمات تركية مماثلة، خصوصاً مع اقتراب قوات حكومة الوفاق من محيط مدينة سرت الساحلية الاستراتيجية.
وبدعم تركي عسكري متزايد، تسعى قوات «الوفاق» التي تتقدم ببطء ملحوظ للسيطرة على مدينة سرت، (تبعد 450 كيلومتراً شرق العاصمة طرابلس)، للسيطرة أيضاً على منطقة الهلال النفطي، وأبرز حقول الإنتاج في البلاد.
وكانت وزارة الدفاع التركية قد قالت في وقت سابق أول من أمس، إن 17 طائرة حربية تركية نفّذت مناورات مشتركة دامت نحو ثماني ساعات متواصلة، على بعد ألفي كيلومتر من حدود تركيا في مياه البحر المتوسط، دون أن تحدد المكان. في المقابل، اعتبرت حكومة «الوفاق» أن ما وصفته بزرع قوات الجيش للألغام في مساكن المواطنين، يستحق «الإقصاء من أن تكون شريكاً في السلام القادم». مشيرةً إلى أن المئات دُفنوا في مقابر جماعية مجهولة، أو ما زالوا في عداد المفقودين. ورأت في بيان لها مساء أمس أن وضع النازحين في جنوب طرابلس ومحيطها في «خطر داهم لو عادوا لمساكنهم، وفي أذى جسيم لو تأخرت عودتهم أكثر»، مشيدة بفرقها العاملة في نزع الألغام. كما شكرت «الوفاق» كل مَن مدّ يد المساعدة من الدول الصديقة، وناشدت العالم تقديم المساعدة تقنياً في التغلب على هذه المخاطر، مشيرةً إلى أنها «بانتظار تحقيق أممي ينصفنا، وينصف شعبنا ويحاسب القتلة والمأجورين ومن دعمهم وساندهم».
ووفقاً لما أعلنته أمس، غرفة عمليات تأمين وحماية سرت والجفرة، التابعة لحكومة السراج، في بيان لها فقد وصل المزيد من الإمدادات العسكرية إلى خطوط القتال، استعداداً لما سمتها تكملة مشوار تحرير المنطقة، بما في ذلك مجموعة من سيارات الإسعاف.
وقال آمر الغرفة، العقيد حسين الشلتات، إن قواتها تقدمت أمس بعد تنسيق مع ما وصفها بالقوة الصديقة للسيطرة على مدينة سرت، عبر عدة محاور على الرغم من نقص في العتاد.
وتابع الشلتات موضحاً: «تقدمنا ووصلنا إلى مشارف سرت، وتراجعنا إلى البخارية قبل أن نتراجع إلى منطقة قريبة. وهناك تنسيق مع قوات عملية بركان الغضب، التي تشنها قوات الوفاق لاستمرار التقدم لتحرير سرت بالكامل».
وطالب بيان منسوب لمجلس بلدية الجفرة من قوات «الجيش الوطني» الانسحاب من القاعدة الجوية في المدينة، التي قال إنها لم تنحز إلى أي طرف في القتال الراهن.
في سياق متصل، بحث الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي هاتفياً مع نظيره الفرنسي إيمانويل ماكرون، مساء أول من أمس، الأوضاع في ليبيا، وقال المتحدث باسم الرئاسة بسام راضي، إن ماكرون رحب بـ«إعلان القاهرة»، مؤكداً أهميته في سبيل العمل على تغليب المسار السياسي كحل أصيل للأزمة الليبية.
وأضاف المتحدث أنه تم التوافق بين الرئيسين على استمرار التنسيق المشترك لتنفيذ بنود «إعلان القاهرة»، خصوصاً دعم «الجيش الوطني» الليبي في مكافحة الإرهاب والجماعات المسلحة.
وكانت الأمم المتحدة قد أعلنت أن نحو 24 ألف شخص فرّوا من منازلهم منذ الأسبوع الماضي بعد تصاعد أعمال العنف وانعدام الأمن في ترهونة وسرت جنوب العاصمة طرابلس. وقال مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا) إن معظم الفارّين نزحوا باتجاه شرقي ليبيا، ومعظمهم لجأ للإقامة مع الأقارب والأصدقاء والعائلات المضيفة.
من جانبها، أعلنت وزارة الصحة التابعة لحكومة الوفاق الوطني، أمس، وفاة سيدة في انفجار لغم أراضي بمنطقة عين زارة جنوب شرقي طرابلس.
وقال الناطق الإعلامي باسم وزارة الصحة أمين الهاشمي، في تصريح صحافي، إن انفجار اللغم أسفر كذلك عن إصابة شخصين آخرين بجروح، وهما زوج ونجل السيدة.
وفي ذات السياق، تلقى جهاز الإسعاف والطوارئ الليبي بلاغاً من مواطنين حول وجود ألغام في 8 شقق سكنية بمنطقة صلاح الدين في طرابلس.
كما أعلنت عملية بركان الغضب عن وصول فريق الهيئة العامة للبحث والتعرف على المفقودين اليوم إلى مدينة ترهونة. وقالت العملية عبر صفحتها بموقع التواصل الاجتماعي «فيسبوك»: «الفريق أخذ إحداثيات مقبرة عثر عليها الأربعاء الماضي، وحدد 4 مواقع لمقابر جماعية بأبعادها الأفقية وعمق وجود الجثث، وسيضع خطة متكاملة لمباشرة العمل».