أطلقت صفحة نسوية حملة على مواقع التواصل الاجتماعي اسمها “تضامنا مع نساء ترهونة” إثر أنباء عن اختطاف أكثر من عشر نساء من مدينة ترهونة الواقعة جنوب شرقي العاصمة طرابلس.
وأكدت منظمة العفو الدولية (أمنستي) في حديث مع بي بي سي اختطاف أربع نساء؛ ثلاث منهن ينتمين لعائلة واحدة هي عائلة “هرودة”، وتتراوح أعمارهن ما بين نهاية الثلاثينيات وحتى منتصف الأربعينيات.
وقيل إن إحدى النساء حامل بطفلها الخامس، وفقا لصفحة نسويات ليبيا.
حاولنا التواصل مع نساء نشرن على موقع تويتر ما قلن إنها تفاصيل عن تلك الحوادث، لكن كثيرات فضلن عدم الحديث مع الإعلام “خوفا من الميليشيات” – علما أنهن يكتبن بأسماء مستعارة على تويتر.
هذا الأمر أكده أيضا حسين البيومي، المختص بالملف الليبي في فريق منظمة أمنستي، الذي قال: “لدى الناس تخوف من الحديث معنا بسبب وضع المدينة حاليا وبسبب الخوف من عمليات انتقام”.
ويقول ناشطون على تويتر إن اختطاف النساء الثلاث يعود لشهر أبريل/نيسان.
وفي الرابع من يونيو/حزيران، وبشكل مفاجئ، أعلنت حكومة الوفاق الوطني في ليبيا، المدعومة من الأمم المتحدة، سيطرتها الكاملة على العاصمة طرابلس. وكانت تلك بمثابة ضربة قوية للقائد العسكري، خليفة حفتر، الذي كانت قواته تحاصر مطار المدينة منذ إبريل/ نيسان عام 2019، في محاولة لفرض سيطرتها.
وبعدها بيوم سيطرت قوات حكومة الوفاق على مدينة ترهونة بفضل تزايد الدعم التركي لها.
يقول حسين البيومي إن سيطرة قوات الوفاق على ترهونة، أعقبها الإعلان عن وجود 106 جثة في المشفى، معظمها تعود لمقاتلين.
لكنه قال أيضا إنه قد عُثر على “مقابر جماعية” في المدينة. “لا يمكنني لا تأكيد ولا نفي ما إذا كانت جثث النساء الأربع ضمنها، لأن ذلك يتطلب تقييما من قبل الطب الشرعي للتعرف على هويات الأشخاص. الجثث غير واضحة المعالم. سيحتاج ذلك وقتا. لذا مصير النساء لا يزال غير معروف”.
وهناك عدة روايات عن سبب اختطاف النساء، ولا يمكن التأكد من الرواية الصحيحة.
يقول حسين بيوني إن ما فهمه بعد الحديث مع شهود عيان، هو أن عائلة هرودة، التي تنتمي لها ثلاث من النساء، هي إحدى الأسر الموالية لقوات الوفاق – خصوم القائد حفتر.
في حين أن مجموعة الكانيات (اللواء التاسع)، وهي القوة العسكرية التي كانت مسيطرة على ترهونة، متحالفة مع الجيش الذي يقوده الجنرال حفتر، وهي الجهة التي توجّه لها اتهامات كثيرة باختطاف سكان محليين، والقيام بإعدامات خارج نطاق القانون، ومن بين المخطوفين نساء ترهونة الذين يجري الحديث عنهن حاليا.
الأمم المتحدة قلقة من تقارير عن اكتشاف عشرات الجثث في ترهونة
هل ستصبح ليبيا سوريا جديدة؟
وفي يوم الثاني من مايو/أيار، ظهر رجل في فيديو انتشر على وسائل التواصل الاجتماعي، يقول إنه أخ النساء الثلاث.
واتهم عائلة الكانيات باختطاف النساء “منذ 14 يوما”. وأضاف إنه “لا يهدد نساء ليبيا، بل يهدد فقط عائلة الكانيات”.
واخطف النساء ليس أمرا قليل الحدوث في ليبيا – بل هذه الظاهرة منتشرة منذ عام 2011.
يعلق البيومي على ذلك: “وثقنا عشرات الحالات من اختطاف النساء في كل أنحاء ليبيا من قبل طرفي النزاع. وكنا قد استلمنا مئات التبليغات عن حالات خطف، ولكن ليس من السهل التأكد من كل تلك المزاعم في بلد مثل ليبيا حيث تنتشر الأخبار الكاذبة بكثرة، وتنتشر مثل هذه المزاعم خاصة مؤخرا لأغراض سياسية”.
ويوّضح أن النساء في ليبيا، وتحديدا العاملات في المجال العام، كالسياسيات والناشطات في حقوق الإنسان والنسويات، غالبا ما يتعرضن للتهديد والخطف.
ومثال على ذلك اختطاف الطبيبة النفسية والسياسية، سهام سرقيوه، النائبة في البرلمان عن مدينة بنغازي في شهر يوليو/تموز 2019، والتي لا يزال مصيرها مجهولا حتى الآن.
وكانت ابنتها قد قالت وقتها إن مسلحين داهموا منزلهم واقتادوا النائبة إلى مكان مجهول بعد أن أطلقوا النار على زوجها.
ويُعتقد أن اختطاف سرقيوه جاء على خلفية لقاء تلفزيوني انتقدت فيه “الجيش الوطني” التابع لقوات القائد، خليفة حفتر، عندما بدأت عملياته للسيطرة على العاصمة طرابلس العام الماضي.
ويضيف حسين البيومي: “لكن ليست الناشطات فقط من يتم استهدافهن، فأحيانا تختطف نساء فقط لانتمائهن لأسرة معينة، ولعدم قدرة (ميليشيا ما) على الوصول إلى رجل من تلك العائلة. المشكلة أنه لا توجد محاسبة من قبل الجهة التي تسيطر على المنطقة والتي يقع عليها مسؤولية حماية المدنيين”.