دبي (رويترز) –
من المرجح أن يكتسح المتشددون الموالون للزعيم الأعلى الإيراني الانتخابات البرلمانية التي تجرى يوم الجمعة والتي ستعزز قبضتهم على السلطة في وقت تواجه فيه طهران ضغوطا أمريكية متصاعدة بسبب برنامجها النووي إضافة إلى تنامي السخط داخل البلاد.
ولن يكون للانتخابات تأثير كبير على الشؤون الخارجية أو سياسة إيران النووية التي يقررها الزعيم الأعلى آية الله علي خامنئي. لكنها قد تعزز المتشددين في انتخابات الرئاسة في 2021 وتشدد سياسة طهران الخارجية.
وقال التلفزيون الرسمي إنه تم تمديد فترة التصويت أربع ساعات للسماح للقادمين متأخرا بالإدلاء بأصواتهم. وقرب عصر يوم الجمعة قدر مسؤول بوزارة الداخلية حجم الإقبال بحوالي 11 مليون ناخب من بين 58 مليونا يحق لهم الإدلاء بأصواتهم لانتخاب البرلمان المؤلف من 290 عضوا.
وتوقعت السلطات الإيرانية في السابق إقبالا يبلغ حوالي 50 في المئة مقارنة مع 62 بالمئة و66 بالمئة في 2016 و2012 على الترتيب.
ومن المرجح أن يكون الإقبال على التصويت أقل بسبب الاستياء بين كثير من النساء والشبان- الذين يشكلون أغلبية الناخبين- بسبب ارتفاع مستويات البطالة والتضخم والقيود على الحريات الشخصية في الجمهورية الإسلامية.
لكن المتشددين المؤيدين للزعيم الأعلى يتجهون لتحقيق فوز كاسح بعدما استبعد مجلس صيانة الدستور الشخصيات المعتدلة ومحافظين بارزين بشكل جماعي.
وقد يضعف انتصار أنصار خامنئي في الانتخابات، التي ينظر إليها باعتبارها استفتاء على شعبية رجال الدين الحاكمين، الرئيس المعتدل حسن روحاني الذي فاز في الانتخابات السابقة متعهدا بالانفتاح على العالم الخارجي.
وتضرر الاقتصاد الإيراني بشدة بعد انسحاب واشنطن في 2018 من الاتفاق النووي المبرم بين طهران وقوى عالمية مما أدى لصعوبات معيشية واسعة النطاق.
وتصاعد التوتر بشدة بين إيران والولايات المتحدة منذ مقتل قاسم سليماني قائد فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني في ضربة جوية أمريكية بطائرة مسيرة بالقرب من مطار بغداد في الثالث من يناير كانون الثاني.
وردت إيران في الثامن من الشهر نفسه بمهاجمة أهداف أمريكية في العراق باستخدام صواريخ باليستية. لكن هذه الهجمات لم تسفر عن سقوط قتلى وإن كانت تسببت في إصابات في الدماغ لأكثر من 100 جندي أمريكي.
ولحث الإيرانيين على المشاركة في التصويت، عرض التلفزيون الرسمي مقاطع تظهر اصطفاف الناخبين للإدلاء بأصواتهم أمام عدة مراكز اقتراع أقيمت بشكل أساسي في المساجد.
وقال أحد الناخبين في مسجد موجود داخل منطقة مقابر دُفن بها سليماني في مسقط رأسه ”جئت للتصويت، من واجبي أن أمضي على نهج الشهيد سليماني“.
وكان سليماني ثاني أهم رجل في إيران بعد المرشد الأعلى.
وحث خامنئي الإيرانيين على الإقبال على التصويت بأعداد كبيرة من أجل أن يخيبوا أمل الأعداء.
* إقبال أقل يلوح في الأفق
دعا الإيرانيون الذين شاركوا في احتجاجات واسعة في نوفمبر تشرين الثاني قادتهم إلى التركيز على تحسين الاقتصاد والتصدي للفساد كما طالبوا خامنئي بالتنحي.
وقال بوريا (24 عاما) عبر الهاتف من مدينة أصفهان ”لا أهتم بهذه الانتخابات. المعتدلون أو المتشددون، كلهم سواء. نحن نزداد فقرا كل يوم“. وأضاف ”سأغادر إيران قريبا. لا توجد وظائف، لا مستقبل أمامنا“.
وتحدث إيرانيون تواصلت معهم رويترز عبر الهاتف في عدة مدن عن ضعف الإقبال على التصويت.
وقال أمير حسين (28 عاما) ”في منطقتي بوسط طهران لا يوجد كثيرون يدلون بأصواتهم. يوجد مركز تصويت واحد بجوار منزلي في جوادية وكان هناك بضعة ناخبين فقط عندما تفقدته قبل نحو ساعة“.
وفي الوقت الذي تواجه فيه إيران عزلة متزايدة على الساحة الدولية وحالة من السخط في الداخل بفعل الصعوبات الاقتصادية، يقول محللون إن الانتخابات ستكون استفتاء على أسلوب إدارة القادة للأزمات السياسية والاقتصادية.
ودعت السلطات الصحية الناخبين إلى عدم القلق بشأن مخاطر الإصابة بفيروس كورونا الجديد بعدما أكدت طهران 13 إصابة جديدة يوم الجمعة توفي منها اثنان.
* واجب ديني
وقالت مصادر مطلعة ومحللون إن قائمة المرشحين يهيمن عليها موالون لخامنئي ومنهم أعضاء سابقون في الحرس الثوري، الذي يتبع الزعيم الأعلى مباشرة، وميليشيا الباسيج التابعة له.
وكان خامنئي أول من أدلى بصوته في الانتخابات واصفا التصويت بأنه ”واجب ديني“.
واستبعد مجلس صيانة الدستور، الذي يعين خامنئي أعضاءه الاثني عشر بشكل مباشر أو غير مباشر، 6850 من المعتدلين والمحافظين البارزين من الانتخابات لأسباب عديدة منها ”الفساد وعدم والولاء للإسلام“. وترك بذلك للناخبين المجال للاختيار في أغلب الأحيان بين أحد غلاة المحافظين وأحد المرشحين المحافظين غير المعروفين.