متابعة “ساحات التحرير”
على الرغم من أن معظم الشارع العراقي المتظاهر اليوم، يندد بالسيطرة الإيرانية على مفاصل الحكم ويطالب بكف يد الجارة عن أي سلطة مقبلة، لا يبدو أن لدى طهران عزما على تسجيل سقوط عبد المهدي، الذي كان يحظى بدعمها، كخسارة في سجل سياساتها في المنطقة.
وقال مصدر سياسي مقرب من دوائر القرار في العاصمة العراقية، لوكالة “فرانس برس” قبل يومين، إن قائد فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني، قاسم سليماني، “موجود في بغداد للدفع باتجاه ترشيح إحدى الشخصيات لخلافة عبد المهدي”.
إلا أن اللافت ما أفاد به المصدر نفسه بأن “مسؤول ملف العراق في حزب الله اللبناني الشيخ محمد كوثراني، يلعب أيضا دورا كبيرا في مسألة إقناع القوى السياسية من شيعة وسنة في هذا الاتجاه”.
وكوثراني المعروف بأنه “مسؤول الملف العراقي في حزب الله”، مشمول بعقوبات فرضتها وزارة الخزانة الأميركية عام 2013 على قيادات من حزب الله، حيث تقول الوزارة إن كوثراني بصفته الشخص المسؤول عن أنشطة حزب الله في العراق “عمل نيابة عن قيادة الحزب لتعزيز مصالح الجماعة في العراق”.
وبذلك عاد اسم “الشيخ” اللبناني محمد كوثراني أحد المسؤولين في حزب الله إلى الأضواء من جديد ليرتبط بجهود إيران ومليشياتها في قمع وإخماد الانتفاضة الشعبية التي يشهدها العراق.
وكوثراني واحد من القيادات البارزة التي تعمل عن قرب مع قائد فيلق القدس الإيراني قاسم سليماني، وقيادات أخرى من أجل الحفاظ على هيمنة طهران في العراق، والتي تهددها ثورة الغاضبين خاصة في مدن الجنوب.
ويحمل كوثراني الجنسيتين اللبنانية والعراقية ومسجل لدى السلطات الرسمية تحت اسمي “محمد كوثراني وجعفر الكوثراني”، ولديه قيود رسمية بتواريخ ميلاد في أعوام: 1945 و1959 و1961 بحسب بيانات وزارة الخزانة الأميركية والتي أفادت بأنه مولودة في مدينة النجف بالعراق.
وتدخل كوثراني في مايو 2018 لرأب الصدع ما بين فصائل وقادة في الحشد الشعبي في العراق، وفق تقارير إعلامية، إذ احتدمت في وقتها الخلافات ما بين “الحشد الولائي” التابعين لإيران، وأخرين يتبعون المرجع علي السيستاني والتيار الصدري.
ويعد كوثراني أحد أذرع حزب الله السياسية والعسكرية في آن معا، ما دفع الولايات المتحدة إلى فرض عقوبات عليه من قبل وزارة الخزانة الأميركية في أغسطس 2013.
الجانب العسكري من حياته تركز في دعم متمردين في العراق وتقديم دعم مالي لـ “فصائل” مختلفة في اليمن، ولـ”قادة عسكريين مسؤولين عن أعمال إرهابية” في دول من بينها مصر والأردن والعراق وقبرص وإسرائيل، وفق وزارة الخزانة الأميركية.
وكان كوثراني مسؤولا مباشرا عن العديد من الهجمات ضد قوات التحالف في العراق، بما في ذلك التخطيط لهجوم يناير 2007 على مركز تنسيق محافظة كربلاء المشترك والذي أسفر عن مقتل خمسة جنود أميركيين، إضافة إلى دوره في إرسال مقاتلين إلى سوريا لدعم نظام الأسد وفق الوزارة.
وكوثراني متورط أيضا في عمليات الاستثمار بأموال حزب الله لتهريب الأسلحة بين العراق وإيران، وكان من بين أربعة شخصيات (عراقيان ولبناني وسوري) مسؤولون عن عمليات تهريب السلاح للمليشيات العراقية عبر الحدود الإيرانية- العراقية.
المالكي وكوثراني
وساهم كوثراني بشكل أساسي في دفع حكومة المالكي 2012، بحكم العلاقة الوثيقة التي تربط المالكي بكوثراني، للإفراج عن علي موسى دقدوق من السجون العراقية بعد استلامها له من القوات الأميركية قبيل انسحابها ، وهو أحد قادة حزب الله ومستشار لزعيم “عصائب أهل الحق” قيس الخزعلي وكان معتقلا معه في السجون الأميركية على خلفية الهجوم على الاميركيين في كربلاء 2007 ومقتل خمسة منهم.
ويشاع أن سطوة كوثراني لا تتوقف عند ساسة الشيعة، بل هو مرجع لسياسيين سنة كانوا يجدون فيها حلاً لكثير من قضاياهم المتعلقة بالحكم، بل هو من كان يحدد حجم مشاركتهم في الحكم ويزكيهم.