محمد توفيق علاوي*
ينحصر نهوض البلد ومطالب المتظاهرين في تحقيق ثلاثة اهداف اساسية وهي:
1. تغيير الطبقة السياسية وبالذات الفاسدين منهم من وزراء حاليين وسابقين واعضاء مجلس النواب والكثير من موظفي الدولة بمختلف الدرجات وزج الفاسدين منهم في السجون واسترجاع الاموال المسروقة.
2. تغيير الدستور وبالذات تقليص اعداد النواب في مجلس النواب؛ والانتخاب المباشر لمسؤولي الجهات التنفيذية كرئيس الوزراء والمحافظين او جعل النظام نظاماً رئاسياً.
3. ايجاد فرص عمل لملايين العاطلين عن العمل وتوفير لقمة العيش الكريمة لما يقارب ال 30٪ من الشعب العراقي ممن هم تحت خط الفقر.
فضلاً عن ذلك فقد برزت أهداف أخرى ومنها استبدال وزارة السيد عادل عبد المهدي بسبب ضعف الاداء خلال سنة من تشكيل الوزارة، وتوجيه الاتهام الى الحكومة بسبب مسؤوليتها عن استشهاد اكثر من 250 من المتظاهرين والقوات الامنية وجرح اكثر من 10،000 مواطن خلال فترة شهر؛ نعم لا يوجه الاتهام المباشر للسيد عادل عبد المهدي ولكن وجه الاتهام الى قرارات لجنة التحقيق التي غطت على جرائم الكثير من المجرمين الذين لم تكشف اسماءهم من المسؤولين عن اغتيال الكثير من المواطنين الابرياء من المتظاهرين السلميين.
قد يعترض البعض على هذه التظاهرات ؛ ولكني اقول العكس، إن لم يخرج العراقيون للتظاهر ضد هذه الطغمة السياسية ذات النسبة العالية من الفاسدين ففي هذه الحالة يمكننا ان نتهم الشعب العراقي بالذل والهوان والخضوع والخنوع لزمرة من السراق الذين يمثلون الكثير من افراد الطبقة السياسية التي حكمت البلد منذ عام 2003 حتى يومنا الحالي؛ لقد اثبتت هذه التظاهرات ان العراقيين رجال يأبون السكوت عن الضيم والظلم والهوان والذلة والمسكنة، وفي هذه الحالة فقط استطيع ان افتخر باني انتمي الى هذا الشعب الأبي، نعم لا ينكر ان هناك بعض الجهات لها اجندات داخلية وخارجية ولكنهم لا يمثلون إلا الاقلية ولا يجوز ان ينطلق تقييمنا لهذه التظاهرات انطلاقاً من هذه الفئات المندسة والخارجة عن القانون.
بالنسبة لتغيير الطبقة السياسية فاخطر جهة هي مفوضية الانتخابات، لقد تم تعيين رؤساء المفوضية من قبل الاحزاب السياسية استناداً على مبدأ المحاصصة السياسية، لقد تم تزوير الانتخابات على مستوى واسع جداً، لقد تم حرق مستودعات المفوضية في جانب الرصافة بشكل متعمد لإخفاء التزوير، وتم كشف الاشخاص المسؤولين عن الحريق من افراد يعملون في المفوضية ومن الشرطة، وقد تم السكوت عليهم في زمن الدكتور حيدر العبادي ولم يتخذ السيد عادل عبد المهدي أي إجراء بحق هؤلاء؛ لم يخرج للانتخاب اكثر من 19٪ من المواطنين العراقيين الذين يحق لهم الانتخاب؛ ومع هذه النسبة القليلة فقد حدث تزوير كبير، لذلك فمجلس النواب انطلاقاً من هذا الواقع لا يمثل الشعب العراقي إلا بنسبة ضئيلة؛ ولذلك فالمتظاهرون يملكون كامل الحق برفض هذا الواقع والدعوة لتغيير كافة الفاسدين من السياسيين من اعضاء مجلس النواب والمواقع الاخرى ويجب اقالة كافة رؤساء مفوضية الانتخابات السابقة، على ان يتولى رئاستها قضاة يعينون من قبل الجهات القضائية العليا؛ اما اللجنة العليا للانتخابات فمقترحي ان تتشكل من تسعة اعضاء، ممثلة الامم المتحدة في العراق (السيدة جينين هينيس)، ثلاثة اشخاص تقنيين غير عراقيين يتم تعيينهم من الامم المتحدة من دول محايدة متخصصين في (1.إدارة الانتخابات، 2.كشف التزوير، 3.تقنية المعلومات)، شخصين عراقيين من منظمات المجتمع المدني، وانا ارشح كل من (السيد هشام الذهبي والسيدة هناء ادور) وقاضيين يعينون من الجهات القضائية العليا وشخص واحد من مفوضية الانتخابات؛ على ان لا يعطى الرقم السري إلا إلى خمسة اشخاص (ثلاثة من الامم المتحدة وشخصين من منظمات المجتمع المدني) وليس كما في الانتخابات السابقة حيث كان يعلم بهذا الرقم السري العشرات من مفوضية الانتخابات كما ويجب ان تعلن النتائج في نفس اليوم وليس لعدة ايام واسابيع للتلاعب بالنتائج بشكل واضح حيث فاز الكثير عن طريق التزوير؛ لقد طرحت هذا الامر بشكل مفصل قبل سنتين على الرابط في ادنى المقال.
اما بالنسبة لتغيير الدستور، فالدستور العراقي جامد وأي عملية تغيير تحتاج إلى استفتاء عام؛ لذلك تغيير الدستور ضمن الاستفتاء الشعبي العام يجب ان يشمل ثلاث فقرات فقط لكي يسهل الاتفاق عليها؛ الاول السماح للبرلمان بتغيير الفقرات المتفق عليها كتعديلات دستورية في المستقبل بشرط تصويت ثلثي اعضاء البرلمان في اسبوع يسمى اسبوع التعديلات الدستورية يحدد بتاريخ معين مرة واحدة في السنة، الفقرة الثانية تقليص اعضاء البرلمان إلى 100 عضو او 150 عضو على اكبر تقدير، الفقرة الثالثة وجوب التصويت المباشر من قبل الشعب على المنصب التنفيذي الاول في الدولة (كرئيس الوزراء)، أو رئيس الجمهورية (إذا تحول النظام إلى نظام رئاسي)، وفي نفس الوقت يجب التصويت المباشر من قبل الشعب على كافة المحافظين لكي لا يبقى المحافظون لعبة بيد اعضاء مجلس المحافظة لتمرير عمليات فسادهم.
أما بالنسبة لايجاد فرص عمل لملايين العاطلين عن العمل فهناك ثلاثة مراحل يجب تحقيقها تباعاً: مرحلة على المستوى القريب خلال الاسابيع القادمة، ومرحلة على المستوى المتوسط خلال الاشهر القادمة ومرحلة على المستوى البعيد خلال السنين القادمة، بالنسبة للحلول على المستوى القريب فهناك حلول غير مجدية وتشكل عبئاً على الدولة اتخذت في حكومة الدكتور حيدر العبادي ويمكن ان تتخذ في حكومة السيد عادل عبد المهدي وهي فتح باب التعيينات في وظائف غير مجدية، بل تزيد ترهل دوائر الدولة وتعقد معاملات المواطنين وتؤدي الى تفشي الفساد وتستنزف موارد الدولة وموازناتها فتزداد نسبة الموازنات التشغيلية من معاشات وغيرها وتتقلص الموازنة الاستثمارية فتتوقف المشاريع الانمائية والخدمية لعدم توفر الاموال ويضطر البلد الاستدانة والوقوع في ديون كبيرة في الوقت الذي يتوقع فيه كل العالم نزول اسعار النفط وقلة الحاجة الى الوقود النفطي خلال العقد القادم من الزمن.
إن الحل المقترح على المستوى القريب خلال الاسابيع القادمة هو ايجاد فرص آنية للعمل الانتاجي الفعلي حيث إذا تم تفعيل منظومة بين القطاع العام والخاص لإنشاء ما يحتاجه البلد من بنى تحتية ووحدات سكنية ومناطق صناعية ومشاريع خدمية أخرى من خطوط سكك حديدية ومطارات من قبل مجاميع كبيرة تعد بمئات الالوف من المهندسين بكافة الاختصاصات والمهنيين والعمال الفنيين والغير فنيين مع اقامة دورات مهنية تتراوح بين ستة اسابيع إلى ثلاثة أشهر تدفع خلالها معاشات للمشاركين في هذه الدورات ضمن برنامج واقعي مرتبط بمواعيد زمنية محددة فهذا هو المطلوب تحقيقه بالنسبة لتشغيل مئات الآلاف من العاطلين عن العمل والقضاء على البطالة والفقر وتحقيق تنمية حقيقية وتعمير البلد من دون زيادة الترهل في مؤسسات الدولة.
اما المرحلة المتوسطة والبعيدة فالامر يحتاج إلى تفصيل اكثر وقد تم التطرق إلى هذا الامر بشكل اكثر تفصيلاً في المقال والفيديو ادناه الذي تم نشره قبل اكثر من سنة على الرابط التالي : https://mohammedallawi.com/2018/09/18/
*سياسي ووزير سابق