آية منصور*
شكرا للمتظاهرين الشجعان، الذين يتسابقون بحرقة من اجل فرصة الحصول على بقايا بلدهم، سأدون ما رأيته بعيني طوال ساعات كثيرة، وكلامي هذا لجميع المطبلين على جراح المتظاهرين، الشامتين، المنكلين، والمتصيدين بالوحل الذي سيلطخ وجووههم يوما ما.
-قادة التظاهرات هم جيلي والجيل الذي قدم بعد حرب ٢٠٠٣، مئات من العاطلين عن العمل واليائسين بسبب الحكومات، فقدوا رغبتهم بالحياة حتى ثاروا من اجل اعادتها، ثاروا بسلمية وكان سلاحهم الوحيد هو العلم العراقي
-الساحة كانت متخومة بشجعان التكتك، هذه الطبقة المسحوقة، الطبقة التي تواجه العنصرية والطبقية كل يوم لفقرها واعتمادها على هذه المركبات البسيطة في شوارع بغداد، كانوا وحدهم “السوبر مان” ولم تظهر “جكساراتهم ولا جارتراتهم ولا سياراتهم المصفحة” لنقل المصابين، صغارا يتنقلون بعيون متورمة من الغاز المسيل، يجرون بسرعة وهمة، لنقل المصابين الى المستشفيات. اسيقولون مجددا عنهم، “خربوا بغداد”؟
-لم اشهد ولم ار نظرة تحرش واحدة حتى وانا بين حشود محشدة من المتظاهرين، كانوا وكلما شاهدوا فتاة، فسحوا لها المجال وقدموا لها الكمام والمياه، مع اسئلة متكررة من الجميع عما نحتاجه واين علينا الوقوف تجنبا للمواجهة المباشرة.
-الجميع متعاون، وكأنهم يعرفون بعضهم البعض منذ عقود، يتناوبون لحماية ومساندة بعضهم بحب وشجاعة، واذ سقط واحد فقط، يترك الجميع كل شيء لانقاذه. يوزعون قناني “البيبسي والكمامات” ويحثون الجميع على ارتداء اقنعتهم.
-شعاراتهم واحدة، وهدفهم واحد، ما من احد اعترض على شعار، يتراقصون على اصوات القنابل الصوتية والنساء تزغرد، وسعداء بشجاعتهم.
-حضر احد الرجال مع سيارة كبيرة تحمل الطعام، بمكبرات الصوت ينادي الجميع للتناول، يجلبون لنا الاواني دون ان نطلب منهم، هكذا، وكأنك تقف مع اصدقائك. يسألونك، اتود الطعام؟ هل اكلت؟ كل جيدا، ورانا تظاهر چبير! يوزعون الشاي، يوزعون العصائر والوجبات الخفيفة، ولم يتركوا احد وحيدا.
-عباس، صبي يبلغ من العمر ١٣ عاما، كان يجري سريعا لتقديم المساعدة للجميع دون تردد، اخبرته مرارا وتكرارا ان يعود الى المنزل، ووافق الكثير مقترحي له، لكنه اجاب، لن اعود، ان لم اتظاهر، سأساعد الموجودين هنا. وبقي حتى خرجت من ساحة التحرير، يركض باحثا عمن يود المساعدة.
-الجميع في ساحة التحرير كانوا “عباس” كلهم عباس، وعباس ليس مندسا..
الصورة لعباس اللطيف والحنين. ♥️
*صحافية عراقية والكلمة من صفحتها على الفيسبوك.
LEAVE A COMMENT