إسماعيل عبدالهادي
لم تسلم المحال التجارية ومن قبلها المخابز التي توفر لقمة العيش للمواطنين وخاصة النازحين، الذين تجاوزت أعدادهم قرابة المليون نازح من صواريخ الطائرات الإسرائيلية المدمرة، حيث تلاحق إسرائيل السكان الباحثين عن لقمة عيشهم في كافة مناطق قطاع غزة، من خلال قصف المولات التجارية الكبيرة التي تقدم مساعدات غذائية للمشردين، في ظل المجاعة الكبرى التي تشهدها مراكز النزوح المنتشرة في قطاع غزة، بفعل الحصار الإسرائيلي المشدد، والسماح بإدخال مساعدات شحيحة لا تلبى الحد الأدنى من احتياجات السكان في غزة.
الطائرات الحربية
وتعرض مول أبو دلال التجاري أحد أكبر المجمعات التجارية وسط القطاع، لاستهداف من قبل الطائرات الحربية التي دمرت المول بالكامل، بعد أن شرع صاحب المجمع التجاري بتقديم مساعدات غذائية للمحتاجين في قطاع غزة، بالإضافة إلى أن مجمع السلام التجاري غرب مدينة غزة، قد تلقى صاحبه اتصالاً من قبل المخابرات الإسرائيلية، تطالبه بضرورة إخلاء المجمع تمهيداً لقصفه من قبل الطائرات، بعد أن أقدم هو الآخر على توفير مساعدات غذائية للفقراء والمحتاجين، في انتهاك صارخ لكافة القوانين والأعراف الدولية والإنسانية.
ورغم الجهود المصرية والقطرية التي تحاول تجاوز وقوع قطاع غزة في كارثة إنسانية صعبة، والتخوف من تحول القطاع إلى منطقة منكوبة، من خلال السعي نحو التوسط لإدخال مساعدات غذائية وطبية للقطاع، ومحاولة فتح ممرات إنسانية للمدنيين، إلا أن إسرائيل تدفع نحو تأزيم أوضاع المدنيين العزل، من خلال منع حصولهم الآمن على الغذاء، وقصفهم خلال اصطفافهم لساعات في طوابير أمام المخابز، في خطوة لإيصال غزة إلى مجاعة كبرى مرتقبة.
منظمة الغذاء العالمي
وقالت منظمة الغذاء العالمي، إن قطاع غزة يواجه مجاعة مرتقبة، من جراء منع السلطات الإسرائيلية تدفق إدخال المساعدات لقرابة مليوني ونصف المليون مواطن يعيشون داخل القطاع المنكوب، في حين إن ما دخل غزة من مساعدات ليس كافياً، ومن المهم تدفق أكبر قدر ممكن للمساعدات الغذائية، لأن الناس باتوا على حافة الموت جوعاً، مع استمرار تأزم الأوضاع المعيشية في كل يوم، إلى ذلك قال المتحدث باسم الحكومة في غزة إياد البزم، إن ما دخل من مساعدات هو نقطة داخل بحر الحاجات، وعشرات القوافل مثلها لن تستطيع إنقاذ حياة السكان أو تغيير الكارثة الإنسانية في القطاع، وإن لم تكن المساعدات وفق حاجاتنا الهائلة فلا جدوى منها ولا قيمة لها، وأضاف في تصريحات صحافية تعقيباً على إدخال 20 قافلة قبل أيام، دخلت بعض شاحنات الأدوية والمستلزمات الطبية لكنها لا تفي بالحاجة العاجلة للمستشفيات، لقد حددت الجهات الخدماتية في غزة قائمة بالمستلزمات العاجلة، وكان الوقود في المقدمة الذي بات عملة نادرة لكن إسرائيل ترفض إمداد القطاع به.
وتهدد أزمة نفاد الوقود هي الأخرى عمل القطاعات الخدماتية في قطاع غزة من مخابز ومحطات ضخ المياه للمواطنين، في ظل إصرار الاحتلال الإسرائيلي منع إدخال الوقود إلى قطاع غزة بحجج أمنية واهية، حيث حذرت وكالة الأونروا وهي أكبر جهة إنسانية فاعلة في قطاع غزة، من نفاد كميات الوقود المتوفرة لديها في غضون أيام قليلة، ودون وقود لن تكون هناك مياه ومشاف وأفران تعمل على تقديم الخدمات الإنسانية، كما جددت مطالبها بضرورة توفير خط إمداد مستدام بالمساعدات الإنسانية، لتجنب وقوع كارثة خطيرة في قطاع غزة.
وفى خطوة لسد رمق جوع المشردين داخل مراكز الإيواء، خاصة في مناطق غزة التي امتنعت الأونروا عن تقديم الخدمات فيها، يعمل عدد من المتطوعين من أصحاب المطاعم وذوي الخبرة في الطهي، على إعداد الطعام بكميات كبيرة على مواقد الحطب، حيث يقومون بطهي العدس والأرز الذي يحصلون عليه كمساعدات من أهل الخير وتوزيعه على النازحين، الذين يواجهون خطر التوجه للحصول على المساعدات من المجمعات التجارية، وحتى توقف أصحاب العديد من هذه التجمعات عن توفير المساعدات، خشية القصف والتدمير كما فعلت إسرائيل من تدمير لعدد من المجمعات التجارية التي تخدم النازحين وتوفر لهم المساعدات الغذائية لهم، حيث يقصد القائمون على تكيات الخير تفادي حصول مجاعات داخل مراكز الإيواء المكتظة بآلاف النازحين.
في سياق ذلك، اعتبر الحقوقي ورئيس الهيئة الوطنية للدفاع عن حقوق الشعب الفلسطيني صلاح عبدالعاطي ما تقوم به إسرائيل من تدمير وملاحقة للسكان المدنيين، وقصف المراكز التجارية والمخابز التي تقدم الخدمات الغذائية بالأمر الكارثي والمخيف، في ظل الصمت الدولي والغربي لما تقوم به إسرائيل من مجازر بشعة بحق المدنيين العزل، وعدم التدخل العاجل لوقف العدوان الغاشم والمدمر على قطاع غزة.
ولفت عبدالعاطي: إلى أن إسرائيل تتعمد إذلال السكان في غزة، والدفع نحو ارتكاب كوارث إنسانية وإيصال رسالة لجميع الغزيين، أنه لا مكان آمن لكم داخل قطاع غزة، فقصف المولات التجارية والمخابز دليل قاطع على عنجهية الاحتلال، الذي يحاول خلق كارثة إنسانية ومجاعة حقيقية بين السكان، لاسيما بين النازحين داخل مراكز الإيواء، والذين يعيشون ظروفا قاهرة نتيجة الواقع السيئ الذي فرض عليهم.
المؤسسات الإغاثية الدولية